رئيس التحرير
عصام كامل

الرئيس القادم لتركيا!


ازدواج غير مقبول بل غير معقول أن تكون دولة في حلف الأطلنطي تحضر اجتماعاته وتعرف أسراره وتحاط بخططه ثم تكون أقرب عمليا للعدو التقليدي للحلف، وتتعاون معه في عدة نزاعات، وتتفق معه على خطط استراتيجية في الطاقة وغيرها، وأخيرا شراء أسلحته الرهيبة والترويج لها، وعدم الاستجابة للمطالب الأمريكية بالامتناع عن شرائها!


هذا هو الآن حال تركيا الأردوغانية مع "ترامب" وأمريكا بل أوروبا، التي ترفض بإصرار انضمامه للاتحاد الأوروبي، وبالطبع من داخلها حلف الناتو ذاته!

ما الحل إذن؟ المعارضة التركية غير مؤهلة لإسقاط "أردوغان" كما أن قطاعاتها الأساسية تنتقد الولايات المتحدة باستمرار، وموقفها من عدد من القضايا غامض أو يخالف المواقف الأمريكية، كما أن المعارضة تتكلم عن علاقات جيدة مع مصر!، أي انها لم تستوعب المطلوب من تركيا في هذه المنطقة!..

ولذلك اعتقادنا أن التفكير الأمريكي الأيام القادمة سيتجه نحو شخصية بارزة من داخل تيار "أردوغان" نفسه، وربما يكون الأبرز الآن على الإطلاق هو "أحمد داوود أوغلو" الذي تتحقق فيه عدة أمور، أولها أنه مهندس السياسة الخارجية التركية حتى أعوام مضت، كما أنه ليس على وفاق مع اليونان، وهو شرط مهم لاستمرار النفوذ الغربي في المنطقة، بما فيها صفقات السلاح، كما أنه غير متشدد في قضية الأرمن، وسبق أن اعتبر ما جرى في الأزمة الأرمينية "مؤلما"..

كما أنه من أنصار العلاقات القوية مع الولايات المتحدة، ومن الساعين لاستمرار تركيا في طلب عضوية الاتحاد الأوروبي، كما أنه أحد مهندسي العلاقات التركية الإسرائيلية منذ اجتماعه السري مع "بنيامين اليعازر"، وزير التجارة الإسرائيلي، سرا في بروكسل في يونيو 2010!

تصعيد "أوغلو" الفترة القادمة على حساب "أردوغان" يحتاج إلى ترتيبات خاصة قبل تخلص "أردوغان" منه.. كما أنه سيتم تصويره باعتباره المنقذ لتركيا من الانحراف بسياساتها، وإدخالها في العديد من الصراعات، فهو أصلا صاحب نظرية "صفر مشكلات"، والتي دعت إلى إصلاح علاقات تركيا مع جيرانها خصوصا العراق والأزمة السورية!

عجلة رحيل أردوغان دارت.. وتراجعه هو بات مستحيلا.. وتوقعاتنا أن يذهب الاقتصاد التركي إلى مزيد من التدهور، ليبرز دور المنقذ لتبدأ لنا معه جولة أخرى نتركها لوقتها!
الجريدة الرسمية