لماذا أحب المصريون عبد الناصر؟
احتلفت مصر منذ أيام بذكرى ثورة 23 يوليو بعد 66 عاما من قيامها، وأصبحت العادة السنوية في التعامل مع ذلك الحدث التاريخي إما عرض مواد درامية عن الثورة أو نشر مجموعة مقالات ما بين مؤيد شديد التأييد لها ولرجالها، أو معارض شديد التحفظ على نتائجها.
والحقيقة أن الإنصاف العلمي والموضوعي يقتضي التعامل مع أي حدث أو أي شخصية مرتبطة به في سياقه التاريخي العام، فأي رئيس دولة وخصوصا الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر" لا ينبغي ظلمه بأحكام مدح أو قدح في شخصه، قبل دراسة السياق التاريخي العام الذي كان محرك الأحداث في عهده بتلك الفترة الحساسة من تاريخ مصر الحديث.
ويبقى السؤال المفترض أن تكون إجابته لدى صانعي القرار هو: «لماذا أحب المصريون البسطاء الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ولا زالوا يترحمون حتى الآن على روحه؟»، إن هذا السؤال سيكون من الظلم أن نجيب عنه بتسرع دون دراسة مستفيضة لفترة حكم الرجل وسياساته، ومرة أخرى: «السياق التاريخي العام»، وتلك الإجابة ما زالت منتظرة من مراكز الأبحاث المعنية بدراسة «الشارع»، وقياس بحوث الرأي العام.
لكن مستوى الرضا الذي كان قائما –حينئذ– لدى الشعب المصري، كان في فهم الدولة وسرعة ترجمتها للمطالب الحياتية اليومية للمواطن البسيط، ذلك المواطن الذي لا يعنيه كثيرا ارتفاع الأسهم والسندات بالبورصة، أو معدل النمو السنوي أو تراجع معدلات التضخم، وثبات سعر الدولار.. كل ذلك يظل لدى القائمين على الاقتصاد أمر طيب وخير مضمون النتائج لمصر وشعبها، لكن ما يهم المواطن البسيط أن يرى الرخاء الاقتصادي واقعا في المدرسة الحكومية الذي يلحق بها طفله وفي مستوى وسائل النقل العامة وحالة الأمن في الشارع، وتوفير الوقود وفواتير الكهرباء والماء والغاز.. إلخ.
كل هذا هو ما يهم المواطن البسيط، وتلك هي «الكيمياء» المطلوبة بين أي نظام حكم وبين ناخبيه، رحم الله الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر" وهدى مؤيديه ومعارضيه إلى الدراسة والبحث الموضوعي قبل إصدار أحكام عاطفية على فترته بآراء هي أقرب إلى الهوى منها إلى الإنصاف.