رئيس التحرير
عصام كامل

إلى أين وصل اندماج اللاجئين في سوق العمل الألماني؟

فيتو

كيف يسير اندماج اللاجئين في سوق العمل الألماني؟ وما هي مؤهلات اللاجئين ومميزاتهم ونقاط ضعفهم؟ وكيف يساهمون في دفع عجلة الاقتصاد الألماني للأمام؟ خبير ألماني يجيب على هذه الأسئلة وأسئلة أخرى في حديث مع صحيفة ألمانية."أمر مذهل"، يصف الخبير الألماني هربرت بروكر نسبة اللاجئين الذين يعيشون في ألمانيا والذين لديهم خبرة مهنية.

ويضيف الخبير الألماني في حوار مطول مع صحيفة تاغس شبيجل: "25% من اللاجئين يحملون شهادات جامعية أو شهادات تأهيل مهني، ورغم ذلك فإن 74% من الرجال و37% من النساء لديهم خبرة مهنية، تصل في المتوسط إلى عشر سنوات، وهذا أمر مذهل".

وبروكر هو أحد أكثر الخبراء اطلاعًا على اندماج اللاجئين في سوق العمل الألماني، فهو مدير معهد برلين لدراسات الهجرة والاندماج، كما أنه يدير قسم الهجرة والاندماج وأبحاث سوق العمل الدولي في معهد أبحاث سوق العمل والتوظيف.

ويتابع الخبير: "المذهل هو ليس فقط مقدار الخبرة، بل نوعية الخبرة المهنية"، مشيرًا إلى أن نوع المهن التي كان يمارسها اللاجئون تشبه إلى حد كبير ما يطلبه أرباب العمل الألمان.

أكثر من ثلث اللاجئين يعملون
ثلثا اللاجئين - بحسب بروكر- لديهم خبرة مهنية و20% منهم خبراء مختصون، وهذا ما يعادل نسبة خريجي الجامعات وخبراء التأهيل المهني في ألمانيا، وفقًا للخبير الذي يرى بأن هذا "يتوافق إلى حد كبير مع هيكلية سوق العمل الألماني".

وكشف المسئول في معهد أبحاث سوق العمل والتوظيف عن أنه وحتى أبريل الماضي كان 36% من اللاجئين الذين قدموا إلى ألمانيا منذ عام 2015 يعملون بأجر، منهم 80% يدفعون التزامات التأمين الاجتماعي.

وكانت وكالة العمل الاتحادية في ألمانيا قد أظهرت في حصيلة العام الماضي أنه وحتى نهاية عام 2018، بلغ عدد اللاجئين الذين يعملون في ألمانيا 370 ألف لاجئ. وتوقع مدير الوكالة ديتليف شيله بأن يحصل ما بين 60 إلى 70 ألف لاجئ على عمل خلال العام الحالي.

وأكد شيله على أن اندماج اللاجئين في سوق العمل سيسير على نحو أفضل مما كان عليه خلال الأعوام الماضية، وأرجع ذلك إلى إتقان اللغة الذي يترسخ مع مرور السنوات.

ويقدر مدير قسم الهجرة والاندماج وأبحاث سوق العمل الدولي في معهد أبحاث سوق العمل والتوظيف هربرت بروكر أنه وبحلول أكتوبر من العام الحالي ستصل نسبة اللاجئين الذين يعملون في ألمانيا 40%، ويضيف: "بشكل عام فإن اندماج اللاجئين في سوق العمل الآن أسرع قليلًا منه في الأجيال السابقة من اللاجئين".

إيجابيات وسلبيات
ويرى بروكر أن اللاجئين لديهم العديد من الصفات الاجتماعية والنفسية الأخرى للنجاح في سوق العمل، ويذكر منها "الثقة بالنفس والانفتاح والضمير والتواصل الاجتماعي والرغبة في التعاون".

لكنه يشير في المقابل إلى أن إحدى الصفات الأخرى المطلوبة للنجاح في سوق العمل غير متوفرة في اللاجئين وهي الاستعداد لتحمل المخاطر، مشيرًا إلى أن ذلك قد يكون متعلقًا بالمخاطر التي عاشوها على طريق اللجوء، ويوضح: "من واجه مخاطر حقيقية، لا يريد بالضرورة أن يعرض نفسه لها مجددًا".

وكثيرًا ما يعتمد اندماج اللاجئين في سوق العمل على مستواهم تعليمهم. وما يحسب لهم، بحسب الخبير، أن نسبة اللاجئين المتعلمين في المتوسط أعلى من نسبة المتعلمين في بلدانهم الأصلية. ويتابع: "تبلغ نسبة الأكاديميين بينهم ضعف نسبتهم (الأكاديميين) في بلدانهم الأصلية".

أما فيما يتعلق بالتعليم المدرسي فهناك أرقام متباينة. ويوضح بروكر: "في حين أن 40% منهم ذهبوا إلى المدرسة الثانوية، هناك 25% منهم ذهبوا إلى المدارس الابتدائية فقط أو لم يلتحقوا بأي مدرسة على الإطلاق"، مشيرًا إلى أن 15% من اللاجئين أميّون.

"تصورات ديمقراطية لكن إهمال للنساء"
أما فيما يتعلق بقيم المجتمع الألماني، يرى بروكر أن "معظم اللاجئين لديهم تصورات ديمقراطية قوية ويحترمون حقوق الأقليات بصورة كبيرة".

ويتابع: "قيم المساواة بين الجنسين أكثر تقدمًا مما يُفترض في كثير من الأحيان، ولو كان ذلك بالمعنى التجريدي، فبالنسبة لهم يجب أن تكون البنت متعلمة مثل الابن، كما أن كثيرين منهم يؤيدون أن تعمل المرأة".

لكن الخبير الألماني يكشف عن الجانب الآخر أيضًا، ويقول: "القيم العائلية محافظة جدًا حيث يتم رفض الإجهاض والطلاق، كما يتم رفض المثلية الجنسية".

ولا يخفي بروكر أن النساء اللاجئات يعانين من الإهمال في الكثير من الجوانب، ويستشهد بأن حضورهن لدورات الاندماج أقل، واحتمال عملهن أيضًا أقل.

إلا أن أحد أسباب عدم عمل النساء اللاجئات، بحسب بروكر، هو العدد الكبير للأطفال الصغار، ويضيف: "النساء اللاجئات لديهن في العادة طفلان أو ثلاثة وعلى الغالب يكونون صغارًا. وهذا يؤثر بشكل سلبي على إمكانية التوظيف. فحتى النساء في ألمانيا يعملن بشكل أقل عندما يكون لديهنّ أطفال صغار، لكن تأثير ذلك على اللاجئات أكبر".

ويؤكد الخبير الألماني على حاجة ألمانيا إلى 400 ألف مهاجر سنويًا من أجل تعويض نقص الأيدي العاملة في البلاد، ويضيف: "بدون الهجرة لن يتأثر نظام دعم البطالة فحسب، بل أنظمة التأمين التقاعدي والتأمين الصحي، وهي التي تزيد تكاليفها مع التقدم في السن".

ويحذر بروكر من أن انعدام الهجرة سيؤدي إلى نشوء صراعات على توزيع الثروة، ليس بين أجيال مختلفة فقط، بل بين الأثرياء والأغنياء داخل الأجيال الشابة أيضًا.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية