لماذا يتشفى الإخوان في وفاة الرئيس التونسي؟
لم يمنع البيان الباكي، الذي أصدرته حركة النهضة ــ إخوان تونس ــ حزنا على وفاة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، جحافل التنظيم في جميع أنحاء المعمورة من التشفى في وفاته، وسبه ولعنه، رغم أن الرجل لا أدخلهم السجون، ولا انساق خلف دوافع المتطرفة لخلق حالة من الانسداد السياسي في البلاد، فما دوافعهم إذن لهذا الهجوم على الرجل؟
"معيوف": الإسلاميون احتكروا مكتسبات التغيير وفرضوا رؤيتهم على مستقبل ليبيا
يعلم الإخوان أن السبسي، قهرهم سياسيًّا، واستطاع الصقر العجوز الراحل، عمل حالة من التوازن داخل البلاد، في وقت كانت الكفة تميل كلية للإخوان والتيارات الدينية، بعد عزل بن على، إثر تفجر الثورة التونسية في 2011.
كان السبسي بخبرته السياسة الواسعة يرى ما سيحدث في الأفق، فسارع بتأسيس حزب نداء تونس عام 2012، ومن خلال توليفة مدنية ليبرالية علمانية، تراعي المزاج التونسي، اكتسح الرجل جميع الاستفتاءات، في الوقت الذي قطع فيه كل خطوط الاتصال مع حركة النهضة، حتى لا تتخفى داخل الثوب المدني، كما حدث في مصر، وأدى لتسلمهم السلطة في غفلة القوى المدنية.
لعب الرئيس التونسي الراحل على ترسيخ ما بدأه الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، بتوسيع الحريات، وترسيخ الفلسفة العلمانية في البلاد، بما قطع على الفكر المتطرف خط الرجعة، وحصن البلاد بوعي الجمهور، وهو ما حدث بالفعل، بعدما فاز الرجل في الانتخابات التي أجريت بينه وبين المنصف المرزوقي المدعوم من الإسلاميين، عام 2014، وخلال هذه السنوات وحتى وفاته، كان الرجل يقف بالمرصاد للمساعي الإخوانية لمسخ الهوية التونسية، وفق أجندة أخونة الدولة، التي تعمل عليها الجماعة، في كل قطر ومكان تتواجد فيه.
أعاد السبسي للتونسيين ذكريات بورقيبة، ونجح في خلق تجييش مجتمع ضد أفكار الرجعية والتطرف، وأزاح ستار الدين عن هؤلاء الذين يخفون به عوراتهم، رغم سعيه في الوقت نفسه إلى لم شمل التونسيين، حتى لو اضطر للتحالف مع الإخوان في 2014، وهو تحالف اعتذر عنه فيما بعد، بحكمة وحنكة، ما زاد من شعبيته ووزنه السياسي، في الوقت الذي اعتبره الإخوان والإسلاميين ألد أعدائهم، بعدما تمكن منهم سياسيا، وهزمهم شر هزيمة، لذا لم ينزهوا أنفسهم عن السب واللعن فيه، لا في حياته، ولا بعد موته!