صعوبات تحول دون عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم
كلما خلت سماء سوريا قليلًا من الطائرات وصمتت فيها نيران المدافع برهة من الزمن، يعود الحديث عن عودة اللاجئين من دول الجوار القريب والبعيد ومن أوروبا إلى بلادهم، ولكن هل دربهم مفروشة بالورود؟
"رغم الدمار، أنا بخير! كل ما أتمناه أن يعود الجميع إلى بيوتهم".. هكذا عبرت إيمان للصحفية الألمانية آني ألميلنغ من "القناة الألمانية الأولى"ARD"، وعادت إيمان وعائلتها إلى حي الخالدية في حمص بعد إعادة قوات النظام السوري وحلفائه بسط سيطرتهم على كامل المدينة.
ما عاد للحي سوى عائلتين، واحدة منهما عائلة إيمان. ورغم قصور الخدمات وسوء البنى التحتية والدمار المحيط يبدو أن إيمان وأفراد عائلتها الصغيرة سعداء بالعودة. "عدنا بعد أن أعادت الدولة الماء والكهرباء للحيّ"، تقول إيمان، وينصت لكلامها موظف في وزارة الإعلام.. لا يمكن لأي صحفي أجنبي التحرك في البلاد دون مرافقة من أحد أولئك الموظفين.
وقبل أكثر من شهر أعلن الصليب الأحمر الألماني أن ملايين السوريين مازالوا يعانون من وضع صعب للغاية، وجاء ذلك بمناسبة اليوم العالمي للاجئين. وقال مدير قسم التعاون الدولي بالصليب الأحمر الألماني كريستوف جونين: "على الرغم من أن الوضع مستقر في كثير من المناطق بالبلاد (في سوريا)، فإن الظروف المعيشية تظل مأساوية بالنسبة لملايين الأشخاص"، لافتًا إلى أن الحاجة للمساعدات الإنسانية لا تزال أعلى بكثير من العرض الفعال بتقديم مساعدات. وكان الصليب الأحمر الألماني سلم نحو 400 ألف طرد سلع غذائية و1.3 مليون طرد يحتوي على مستلزمات صحية في سوريا.
وحسب بعض التقديرات تخطت حصيلة قتلى الصراع في سوريا 370 ألفًا، وهناك ملايين النازحين واللاجئين، وتقدر قيمة الدمار بـ400 مليار دولار.
وفر أكثر من خمسة ملايين سوري إلى الخارج، وهناك أكثر من ستة ملايين شخص نازحين حاليًا في داخل سوريا- ويعد ذلك أعلى عدد للنازحين على مستوى العالم حاليًا، وفقًا لبيانات الصليب الأحمر الألماني. واستقبلت ألمانيا منهم نحو 780 ألف شخص.
"أصعب شيء بالنسبة للشباب هو تأمين مأوى وسبل حياة كريمة.. لا أتحدث هنا عن الرفاهية بل مجرد تأمين الملبس والمأكل وبعض النقود تكفي ستة أشهر قادمة"، يقول شاب يبلغ من العمر 28 عامًا.. لا يجب عليه الذهاب إلى الخدمة العسكرية الإجبارية، إذ إنه أصبح المعيل الوحيد لعائلته بعد وفاة والده.
في المقابل يخشى الكثير من اللاجئين السوريين في أوروبا من العودة خوفًا من اقتيادهم لجبهات القتال. وذكرت منظمة "ميدكو إنترناشونال" الإغاثية أن شخصين قد عادا من ألمانيا إلى سوريا طواعية تم استجوابهما من قبل السلطات ومن ثم اختفيا. "لا نثق بالنظام. من يصدقه ويعود يجد نفسه في اليوم التالي في السجن وفي اليوم الذي يليه يكون قد فارق الحياة"، يقول السوري "أبو أدهم" في تصريح لـقناة ARD.
الحكومة الألمانية من جانبها أعلنت أن جزءا ضئيلا للغاية من السوريين الذين لجأوا إلى ألمانيا عادوا مرة أخرى إلى وطنهم. وأفادت الحكومة الاتحادية أن 199 شخصا على مستوى ألمانيا، قدموا طلبات لتلقي دعم مالي من الحكومة الألمانية لتنفيذ "عودتهم الطوعية" إلى سوريا في عام 2017. وأضافت الحكومة أنها دعمت بالفعل عودة 466 شخصًا إلى سوريا في عام 2018، لافتة إلى أن 77 لاجئا طلبوا هذه المساعدة خلال الربع الأول من هذا العام.
"ما يمنعنا من العودة أيضًا الميليشيات: داعش والإيرانية والأفغانية وكل تلك المليشيات التي قدمت من كل جهات الأرض لتقتلنا"، يختم "أبو أدهم" حديثه لمراسلة القناة الأولى الألمانية.
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل