تخفيض التصنيف الائتمانى (1)
يوم الأربعاء الموافق 8 مايو الجارى تم تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر للمرة السابعة خلال 15 شهرا، وذلك بمعرفة مؤسسة "ستاندارد أند بورز" وكان التخفيض السابق يوم الخميس 21 مارس 2013 حيث قامت مؤسسة "موديز العالمية " بتخفيض تصنيفها للدين السيادي المصري من التصنيف( B3 ) إلى التصنيف (Caa1 ) .
ومن يقرأ النشرة التي أصدرتها مؤسسة "موديز العالمية" بهذا الخصوص، يصاب بحالة من الرعب على اقتصاد مصر.. فالنشرة يتكرر فيها بشكل لافت مصطلح "مخاطر التعثر" .. وهذه إشارة خطيرة للمؤسسات والأسواق المالية العالمية وهى ذات ما جاء بنشرة مؤسسة "ستاندارد أند بورز".
نقطة أخرى وردت في هذه النشرات وهى تخفيض التصنيف "لسقف الودائع المصرفية بالعملة الأجنبية " إلى التصنيف الخطير Caa2 ولكن قبل أن نخوض في شرح معنى هذا التخفيض وتبعياته .. وكيف سينعكس على الاقتصاد المصري و( لقمة عيش المصريين) و(الأمن القومي المصري)، هناك عبارة أنا أعتبر أنها من أخطر ما ورد في هذه النشرة .. العبارة تقول:
"...التدهور المستمر في موقف المدفوعات الخارجية المصرية والتمويل الحكومي وصلت إلى المستوى الذي يجعل فرص أن تتعرض الدولة المصرية للصدمات الاقتصادية والسياسية قد ازداد وبالتالي ازدادت مخاطر التعثر ..."
النصيحة التي توجهها نشرة موديز التي صدرت مؤخراً لأسواق المال العالمية والمستثمرين والمقرضين هى الابتعاد عن مصر وإلا فليتحملوا عواقب المخاطر الأكيدة.
إذن نحن أمام موقف خطير يهدد الدولة المصرية ... ونسأل: من المسئول؟ من الذي يصر على دفع مصر نحو المجهول؟ من المسئول عن التقاعس المتعمد عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنظيف المناخ الاقتصادي بشقيه المالي والنقدي؟
من غير المفهوم، كيف ما زال ترتيب مصر على مؤشرات الفساد ينزلق إلى الأسوأ بعد سنتين من قيام الثورة! الثورة التي كان أحد أسباب قيامها هو القضاء على الفساد .
هناك يد تتعمد دفع مصر نحو التعثر اقتصادياً، لتصبح مصر بعد ذلك سهلة الإخضاع والتطويع .. هل تحاول هذه اليد أن تعود بمصر إلى وضع مشابه لما حدث سنة 1875؟ عندما كانت الحكومة المصرية في عهد الخديو إسماعيل على شفا الإفلاس وتراكمت عليها الديون ورهن الخديو موارد الدولة، مورداً بعد آخر في سبيل الحصول على قروض إضافية متلاحقة .. وعندما فشل في الوفاء باستحقاقات السندات والقروض، باع أسهم مصر في قناة السويس للحصول على المال .. وكان ذلك مقدمة للاحتلال الإنجليزي لمصر.
فالأموال المنهوبة ليست في سويسرا فقط بل موزعة في العالم كله .. ومحاولة التركيز على سويسرا أو المملكة المتحدة فقط هى محاولات إلهاء للتهرب من هذا الاستحقاق وحرف الأنظار عن مراكز الثقل الأخرى التي تتواجد فيها هذه الأموال والأصول المنهوبة .
من الذي يريد أن يقوم بتشويه الاقتصاد المصري وتحويله إلى اقتصاد خدمي هش وذلك عن طريق تحويل مصر إلى بوابة رسمية دولية لغسل الأموال؟ وهذا ما سيحدث إن تم إقرار إلغاء القيود على حركة النقد الأجنبي.. أما موضوع السماح للأجانب عند المغادرة خارج البلاد بحمل ما تبقى من المبالغ السابق الإقرار عنها عند الوصول إذا زاد على العشرة آلاف دولار أو ما يعادلها بالنقد الأجنبي فهو عبث..لأن الهدف بعد غسلها هو خروجها عن طريق القطاع المصرفي والبورصة وسوق المال.
من الذي يريد تشويه سمعة مصر واقتصادها وتعريضها لعقوبات دولية محتملة؟
فعمليات غسل الأموال تؤدي إلى شيوع المضاربة في سوق المال والأسهم وسوق العقارات والأراضي .. وبالتالي ارتفاع الأسعار ومصدر إضافي للتضخم.. عمليات غسل الأموال تهدد سلامة القطاع المصرفي وتخلق مخاطر على السيولة النقدية وكذلك اختلال فرص الاستثمارات ذات المصدر الشرعي وبالتالي تهدد الاقتصاد الوطني.
وبدلاً من التركيز على المواد الفاسدة في قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد رقم 88 لسنة 2013 مثل المادة 131، وإضافة مواد تعزز من سلامة القطاع المصرفي وتحصينه ووضع أسس الحوكمة، نقوم بهذا العبث .
النظام السابق الذي كنا نقول بفساده لم يفعلها ولم يقننها.. فهل نفعلها الآن؟ أنا أفهم أن يتم رفع سقف الحد المسموح به ولكن إزالته نهائياً فهذا غير مفهوم .. ولنا عبرة في ما حدث لقبرص.. وللحديث بقية.