قرار تصنيف "جامعات النخبة" في ألمانيا.. بين الترحيب والنقد
قوبل قرار تصنيف 11 جامعة باعتبارها "الأكثر تميزا" في أرجاء ألمانيا بالترحيب والابتهاج من جهة الفائزين والنقد من جانب آخر، وشكلت معايير الاختيار وعدد الجامعات الفائزة أهم نقاط هذا النقد.
وقرار تصنيف 11 جامعة باعتبارها الأفضل في أرجاء ألمانيا ومنحها لقب "الجامعة الممتازة"، أثلج بالفعل صدر ممثلي هذه الجامعات، والتي ستحصل كل منها على تمويل سنوي يستمر ما لا يقل عن 7 أعوام.
نهاية الأسبوع الماضي تم الإعلان عن أسماء الجامعات الألمانية الفائزة بهذا اللقب، وهي كالتالي: جامعة هامبورغ، الجامعة التقنية في آخن، جامعة دريسدن التقنية، اتحاد جامعات برلين الثلاث ويضم (الجامعة الحرة، جامعة هومبولت، الجامعة التقنية)، جامعة بون، جامعة ميونخ، جامعة توبنغن، جامعة كونستانس، جامعة هايدلبيرغ، جامعة ميونخ التقنية ومعهد كارلسروه التقني.
ويبدأ تمويل الجامعات الممتازة في الأول من نوفمبر 2019، ويستمر لمدة 7 سنوات على الأقل، وتحصل الجامعات والاتحادات المُختارة على مبالغ دعم تتراوح ما بين 10 إلى 28 مليون يورو سنويًا، بالإضافة إلى 533 مليون يورو، ويتم دفع ثلاثة أرباع هذه المبالغ من قبل الحكومة الاتحادي، أما الربع الباقي يأتي من حكومة الولاية التي تقع فيها الجامعات.
وتم منح لقب "جامعة ممتازة" لأول مرة في عام 2006، وتهدف مبادرة الامتياز للحكومة الاتحادية والولايات إلى تشجيع العلوم والأبحاث في الجامعات الألمانية وبالتالي تعزيز صورة ألمانيا باعتبارها بلدًا للعلوم.
وفي يناير 2019، جرت المسابقة الثالثة، وجرى تغيير عنوان المسابقة إلى "إستراتيجية الامتياز".
معايير انتقاء علمية
قوبل الاقرار بالابتهاج من الفائزين، لكن بالنقد من جهة أخرى أيضًا، كما انتقد أرمين فيلينغمان، وزير العلوم في ولاية سكسونيا-أنهالت "منح جامعة واحدة فقط في ألمانيا الشرقية، وهي جامعة درسدن، اللقب، في حين أن الفائزين هم "الجامعات الحضرية الكبرى، والتي كانت في الماضي تابعة للطبقة الغنية، والواقعة في الولايات الأكثر ثراءً".
وبشكل غير مباشر تطرق فيلينغمان إلى مشكلة أساسية وهي كيفية الاختيار، وتساءل: وفقًا لأي معايير يُفهم التميز؟ من جانبه يرى الصحفي المتخصص في العلوم من كولونيا أرمين هميلراث أن الاختيار يتبع معايير علمية بحتة، ويقول: " خلال المنافسة، يقرر الخبراء حول ما يعتقدون أنه مفيد وما هو غير مفيد. ولم تمنع السياسة من أن يكون المعيار العلمي في المقدمة".
وانعكس أيضًا على النتائج:" لم يكن هناك خلافات جدية، وكان هناك اجماع حول التقارير بشكل عام". لكن هميلغاث يرى أن لجنة التحكيم لم تقم بالبث في عمل قائم بالفعل، بل في خطط، وعلى أساسها ترغب الجامعات المشاركة العمل على إجراء البحوث في المستقبل.
ويضيف الصحفي الألماني: " هذه مشكلة أساسية: يضع المرء أولًا خارطة طريق، ويحدوه الأمل أن يصل إلى اعلى مستويات أهدافها الخفية، ولكن وصولها إلى أهدافها بالفعل يبقى مسألة مفتوحة".
المنافسة مقابل التأثير الواسع
ويُوجه النقد إلى نقطة أخرى تتعلق بالعدد الكبير للجامعات المُختارة. كما جاء في تعليق لصحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية: "في الجولة الأولى من المنافسة في عام 2006، حصلت ثلاث جامعات على تصنيف النخبة، وفي الجولة التالية، اتسعت الدائرة إلى ست جامعات، وفي نهاية المطاف إلى إحدى عشر جامعة. الأمر الذي أفقد منافسة النخبة قيمتها".
في المقابل، أشار أرمين هميلغاث إلى تاريخ "إستراتيجية التميز"، عندما أطلقت وزيرة التعليم السابقة إديلغارد بولمان المبادرة في عام 2004، فكرت في دعم واحدة إلى ثلاث جامعات كحد أقصى. ما أجج النقاش السياسي، إذ رأى نقاد أن الحكومة الاتحادية لا يمكنها دعم جامعة أو جامعتين أو ثلاث جامعات فقط. بل يجب أن يكون الرقم أعلى، بحيث يشمل عدد أكبر من الباحثين والطلاب. واستجابت الوزيرة للنقد وازداد عدد الجامعات المُشاركة من منافسة إلى أخرى. وعن هذا قال هميلراث: "لقد تم تمييع المنافسة منذ تلك اللحظة".
استفادة متواصلة من اللقب
الانتقادات جاءت من جانب آخر. فمنذ تأسيس المبادرة، كان هناك جدل حول ما إذا كان يجب منح جوائز لجامعات بأكملها أو بالأحرى لمجالات بحث فردية للجامعة. لأنه وفقًا للمبدأ الحالي، تستفيد الجامعات بأكملها، وذلك على الرغم من عدم تكريم كل الكليات. لكن الجامعة الحاصلة على لقب التميز، سيكون من السهل عليها جمع مزيد من التمويل البحثي. كما يمكنها استقطاب المزيد من الباحثين المتميزين. ويرى النقاد أن التكريم يساهم في توسيع الفجوة بين الجامعات الحائزة على لقب التميز وبين الجامعات غير الحاصلة عليه.
هذا الانتقاد يتجاهله الصحفي المختص في التربية، أرمين هميلراث، إذ يرى أن الجامعات الحاصلة على اللقب لمرة واحدة على الأقل، تستفيد منه لاحقًا، حتى لو لم تستطع الاحتفاظ به في المسابقة التالية. بسبب مدة التمويل التي تمتد بالأساس إلى سبع سنوات. ويقول أرمين هميلراث: "وهذا يعني أن هناك أموالًا إضافية". ويضيف: "الجامعة لا تعود إلى نقطة الصفر. وتواصل الجامعة استفادتها من عملية انتخابها لمرة واحدة".
السمعة على المستوى الدولي
"إستراتيجية الامتياز" تهدف أيضًا إلى اكساب المشهد الجامعي الألماني سمعة على المستوى الدولي، على الرغم من انخفاض مبالغ الجوائز التي تحصل عليها الجامعات حسب المعيار الدولي، كما يرى هميلراث مضيفًا: "بالطبع، هذا ليس بالشيء الكبير بالنسبة للجامعة الواحدة، إذا ما قارناها بالولايات المتحدة، على سبيل المثال. لأن 533 مليون يورو سنويًا التي تُنفق الآن من "إستراتيجية الامتياز" ما هي سوى جزء بسيط من الميزانية في أفضل الجامعات الأمريكية".
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل