بريطانيا ومصر.. أصل القصة كلها!
ساعات في تأمل القرار البريطاني في محاولة لفهمه والوصول لأسبابه حتى كانت النتيجة الأساسية، التي لا نعرف كيف غفلنا عنها كل هذه الساعات، وقلنا: وهل تحتاج بريطانيا لأسباب لمثل هذا القرار؟
كيف وقلنا سابقا عشرات المرات -وإلى حد التكرار المتعمد في ظل مجتمع لا يقرأ للأسف- وفي أغلب اللقاءات المرئية والمسموعة وفي عشرات المقالات وفي المحاضرة الأخيرة لطلبة برنامج إعداد القادة بجامعة القاهرة، أن لبريطانيا مشروعا قديما أعلن في 1905 سمي باسم صاحبه رئيس وزرائها وقتها "كامبل بنرمان"، استمر عامين كاملين، وقلنا كل هذه المرات إن المشروع الخطة يعلن صراحة رؤيته للمنطقة، وفي ضرورة لبقائها ممزقة مجزأة بين أهلها خلافات دائمة وتخلف دائم!!
ومصر قلب هذه المنطقة، وأن يقظتها تعني يقظة "الشرق" كله!
المخابرات البريطانية هي الأمينة على الحفاظ على المشروع البريطاني، والبي بي سي جناحه الإعلامي.. وعلينا أن نتذكر أن بريطانيا حذرت من احتمالات أعمال إرهابية وقت حكم الجماعة الإرهابية في 3 نوفمبر 2012، لكن كان عن مناطق في سيناء فقط، لكن من بعد 30 يونيو أصبح الأمر سنويا، وعن السياحة في مصر كلها، فمثلا في 27 يونيو 2015 حذرت بريطانيا رعاياها في مصر من خطر أعمال إرهابية، وفي 8 أكتوبر 2016 حذرت السفارة البريطانية بالقاهرة رعاياها من التواجد في الأماكن العامة..
وفي 3 يناير 2017 وفي عز موسم الشتاء حذرت بريطانيا مواطنيها من قضاء الشتاء في مصر، وفي 26 يوليو 2018 حذرت أيضا مواطنيها مما اسموه "أي انتقادات عامة يوجهونها في مصر"، ثم صدر إعلان الأمس، ونلاحظ صدور التحذيرات أما في عز موسمي الشتاء والصيف سياحيا، أو عند احتفالات المصريين بافتتاح مشروعات كبرى احتفالا بثورة يونيو أو في احتفالات أكتوبر أو في ذكرى تأميم قناة السويس، إحدى اسوأ ذكريات بريطانيا في تاريخها، وهو التاريخ الذي يحدده عديد من المراقبين بأنه بداية زوال الإمبراطورية البريطانية وتحولها من دولة عظمى إلى دولة كبرى!
تحذير الرعايا سلاح تستخدمه بريطانيا كثيرا مع عدد من دول العالم خصوصا المنطقة العربية، لكنها تدرك أثره البالغ على مصر التي تعتمد على السياحة الأوروبية بشكل مباشر، بخلاف لبنان مثلا أو إيران وللذكرى -التي تنفع المؤمنين- فإعلان أن الطائرة الروسية فوق سيناء في 2015 سقطت بفعل عمل إرهابي صدر من بريطانيا!
مصر تسير في طريق التخلص من الاقتصاد الريعي المبني على السياحة وقنا السويس، وقد يستغرق ذلك وقتا لكننا بدأنا.. لكن بات ضروريا تقييم العلاقة مع بريطانيا، ووضع رؤية مصرية للتعامل مع قادة الاستعمار العالمي، والوكيل عن الاستعمار الغربي كله، الذي اجتمعت حكومته السرية قبل أسابيع وصاغت شكل العالم الفترة المقبلة ولكن لذلك حديث آخر..