رئيس التحرير
عصام كامل

تأثير المتطرفين في دائرة اللجوء الألمانية على اللاجئين

فيتو

أثارت تقارير إعلامية تتحدث عن طرد موظف يميني متطرف من المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا جدلًا حول إمكانية وجود المزيد من المتطرفين في المكتب ومدى تأثيرهم على القرارات التي تتخذ بشأن اللاجئين، في وقت تعمل فيه الحكومة الألمانية على اتخاذ إجراءات أكثر في إطار مكافحة التيار اليميني المتطرف في البلاد، تظهر بين الحين والآخر.

فبعد كشف حالات يعمل فيها يمينيون متطرفون لدى الشرطة أو الجيش، سلّطت تقارير إعلامية حديثة عن حالات توظيف متطرفين يمينيين لدى دائرة اللجوء الألمانية، إذ كشف موقعا "فيلت" و"شبيجل أونلاين" عن أن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين وظّف شخصًا مصنفًا لدى السلطات الأمنية كـ"يميني متطرف"، قبل أن يقرر طرده قبل شهور.

"ليست الحالة الأولى"

وبحسب الموقعين الألمانيين، فإن ذلك الشخص الذي تم توظيفه في صيف عام 2017، عمل في أحد فروع المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ولاية شمال الراين-ويستفاليا، لكن المكتب قرر طرده قبل عدة شهور بعد أن علم من هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) في الولاية بأن ذلك الشخص له ماضٍ في المشهد اليميني- اليميني المتطرف.

وهذه ليست الحالة الأولى التي تم فيها اكتشاف وجود متطرفين يعملون لدى المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، فقد ذكر المكتب لـ"فيلت" أنه أذا كانت هناك في الماضي "حالات فردية قليلة" تم فيها انتهاك "واجب الولاء للقانون الأساسي"، وأنه تم فيها اتخاذ الإجراءات "المناسبة في إطار قانون العمل"، لم يرغب المكتب بالتحدث عن الحالة نفسها.

ورغم أن الموظف المفصول لم يكن مسؤولًا عن قرارات رفض أو قبول طلبات اللجوء، إلا أنه كان يشارك في معالجة الطلبات في إطار ما يسمى بـ"إجراءات دبلن" وهي التي تتعلق بإعادة اللاجئين إلى أول دولة أوروبية قدموا فيها اللجوء.

"تأثير كبير"

ويرى الخبير بشئون الهجرة واللجوء في ألمانيا، كريم الواسطي، أن وجود متطرفين يمينيين في دائرة اللجوء الألمانية له "تأثير كبير" على ألمانيا وعلى اللاجئين على حد سواء.

ويضيف الواسطي، عضو مجلس شئون اللاجئين في ولاية سكسونيا السفلى، لمهاجر نيوز: "حتى ولو كان عددهم قليلًا فإنهم يمثلون خطرًا لأنهم يحملون إيديولوجية مبنية أساسًا على مناصبة العداء للاجئين"، مضيفًا أنهم "يفتقدون للموضوعية والحياد وبالتالي لن يستطيعوا معالجة الطلبات بشكل موضوعي، ما سيطيل معاناة اللاجئين ويضيّع الوقت ويكلّف الدولة مزيدًا من الأموال في إطار تصحيح الأحكام من قبل المحاكم".

"معايير أمنية لاختيار الموظفين"

المشكلة الأساسية التي تؤدي إلى توظيف متطرفين في المكتب الاتحادي للهجرة، كما يرى الواسطي، هي "عدم وجود معايير أمنية كافية لاختبار الموظفين قبل اختيارهم". ويشدد الخبير بشئون اللجوء على ضرورة "وضع آليات أكثر دقة وأكثر شمولًا فيما يتعلق باختبار الأشخاص الذين يدخلون إليها، كما هو الحال في المؤسسات الأمنية".

وأكد متحدث باسم المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين لـ"فيلت" أنه لا يتم إجراء فحص أمني لجميع موظفي المكتب، مضيفًا أن الفحص لا يتم إلا للموظفين الذين لديهم إمكانية الوصول إلى معلومات حساسة أو الذين يعملون في المجال الأمني.

وتابع المتحدث أن المكتب الاتحادي يفتقر حاليًا إلى الأساس القانوني من أجل إجراء فحص أمني إلزامي عند التوظيف، مع الإشارة إلى أن جميع الموظفين يتعهدون بالالتزام بـ"واجب الولاء للقانون الأساسي".

وقد طالبت المتحدثة باسم السياسة الداخلية لحزب الخضر في البوندستاج، إرينا ميهاليك، المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين باتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع توظيف يمينيين متطرفين لدى المكتب.

وأضافت ميهاليك: "عندما نجد الآن أن موظفًا في المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين لديه علاقات بدوائر يمينية، فإن ذلك يظهر أن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات في مجال التعيينات الجديدة"، وتابعت: "ينبغي التفكير بجدية في أن تصبح عمليات التحقق من المصداقية إلزامية بالنسبة للتعيينات الجديدة في المكتب".

"دائرة أمنية أيضًا"

ويرجع موقع "فيلت" عدم إجراء المكتب اختبارات أمنية عند قبول الموظفين إلى أن المكتب لم يعتبر نفسه دائرة أمنية تقليدية لوقت طويل، مستشهدًا بأنه لم يكن يقوم بالإبلاغ عن الأشخاص الذين قدموا له جوازات مزورة، كما أنه لم يكن يدرك من هم الأشخاص الذين لديهم إمكانية الوصول إلى معلومات حساسة.

لكن يبدو أن الرئيس الجديد للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، هانز-إيكهارت زومر، والذي تم تعيينه في منتصف عام 2018، يريد تغيير ذلك، حيث أكد في مقابلة صحفية أجريت قبل شهرين أنهم يرون أنفسهم "دائرة أمنية أيضًا".

ويؤكد كريم الواسطي على أهمية قيام مراكز الاستشارات والمنظمات الحقوقية بإبلاغ السلطات الألمانية عن أي حالات ليمينيين شعبويين يعملون في الدوائر المسئولة عن اللجوء، مستشهدًا بأنهم قاموا بالإبلاغ عن مقرر في قضايا اللجوء كان ينشط في حزب البديل.

ويتساءل الواسطي: "ماذا يفعل شخص ينتمي إلى حزب يطالب بإلغاء حق اللجوء في المكتب الاتحادي للجوء؟".

ويرى الخبير في شئون اللجوء أنه وبالإضافة إلى منع توظيف المتطرفين، فإن على المكتب اتخاذ إجراءات أفضل فيما يتعلق بنوعية اتخاذ القرارات، مشيرًا إلى أن "ثلث قرارات اللجوء في عام 2018 تم تصحيحها من قبل المحاكم".

محيي الدين حسين – مهاجر نيوز

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية