بريطانيا الصغرى!!
يظل اسم بريطانيا مهما مرت السنوات مقترنًا في أذهاننا بصورة المحتل الغاصب للحقوق.. لم تتغير الصورة ولن تتغير، إذ لا تزال فلسطين القابعة تحت نير الاحتلال الصهيوني واحدة من من علامات الشر والظلم والطغيان الإنجليزي في الذهنية العربية، وبريطانيا التي كانت عظمى باحتلالها وجبروتها وبقدراتها على سلب الأوطان مقدراتها لم تعد عظمى ولم تعد الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس غير أنها لا تزال صورة بغيضة للكراهية والعنصرية والاحتلال.
ما بقى من بريطانيا العظمى قدرتها على استفزاز الآخرين دون مبرر وبلا سابق إنذار ترى ذلك بوضوح في مشاركتها كل ما هو ضد الإنسانية في منطقتنا العربية.. يكره الإنجليز بلادنا ويمارسون ضدها كل ما هو من شأنه الإساءة إليها أو النيل منها.. غزو العراق ومشاركة بريطانيا بالقوات الأكبر ليس آخر العمليات القذرة التي ترتكبها القوة الأكبر ضد الإنسانية؛ فالجارة ليبيا اكتوت بالنار نفسها.
وأقول ذلك بمناسبة صدور قرار من شركة الطيران البريطانية بوقف رحلاتها إلى القاهرة لمدة أسبوع كامل بزعم أن هناك أسبابًا أمنية دفعتها لاتخاذ هذا القرار.. قرار الشركة الإنجليزية دفع خطوط الطيران الألمانية إلى اتخاذ القرار نفسه ثم التراجع عنه وإصدار بيان باستئناف رحلاتها من مطاري فرانكفورت وميونخ اليوم الأحد.. القرار الإنجليزي صادر عن الشركة ولا علاقة لوزارة الخارجية البريطانية بها.
وصدور مثل هذا القرار بشكل مفاجئ دون تواصل مع السلطات المصرية يلقي بظلاله على العلاقة بين البلدين، ويطرح تساؤلات حول أسباب اتخاذ القرار وإذا كان هناك ما يدعو إلى اتخاذه فكيف حصلت الشركة البريطانية على معلومات تتعلق بالأمن المصري في المطارات؟ وهل للشركة دور استخباراتي تقوم به بعيدًا عن سلطات بلادها التي أعلنت أن القرار صادر عن الشركة ولا علاقة للخارجية البريطانية به؟
سلطات الطيران المدني المصرية تواصلت على الفور مع الجهات الرسمية بالعاصمة لندن، وتلقت إفادة بأن وزارة الخارجية لا علاقة لها بالقرار.. حالة من الغموض واللغط ألقت بظلالها على الشارع المصري الذي فوجئ بقرار غريب وشاذ ومسيئ للبلاد التي لا يزال العالم كله ينعم بهدوئه واستقراره على شاشات الفضائيات التي نقلت وقائع مسابقة كُروية عالمية من على أرض المحروسة في واحدة من أبهى صور الأمن والأمان.
منذ يومين كانت وسائل الإعلام العالمية تمارس عملها بأمان تام وكان ميناء القاهرة الجوي يستقبل عشرات الآلاف من مشجعي كرة القدم من عواصم عربية وغربية وأفريقية ولم يشكُ أحد من تضييق أو تفريط أمني.. كان ولا يزال كل شيء يمضي بطريقة طبيعية شهد بها العالم كله.. ما الذي جرى وما هي دوافع هذا القرار وكيف نرد عليه بما يليق بنا؟ أسئلة أتوقع أن تجيب عنها الأيام القليلة المقبلة.