رشوان توفيق!
يكفي اسمه ليكون عنوانا.. ويكفي أيضا برصيده الكبير أن يكون اسمه موضوعا.. وبالأمس ودع الفنان الكبير شريكة عمره واستقبل معزيه بابتسامته التي ربما انطبعت على وجهه بحكم سماحته الدائمة وبشاشة وجهه التي لا يتخلى عنها ليكون شعاره أمس "وجعي في قلبي والسماحة للجميع"!
مصر كانت في يومين أمام مرافقة عجيبة لفنانين ينتميان للوسط الفني.. الأول يرجمه الناس ثأرا لمواطن طلب أن يحصل معه على صورة تذكارية فأهانه أمام الملايين.. والثاني يفقد زوجته فيحوز على تعاطف الملايين في كل مكان.. لا تقدر سنه وعمره ومكانته في قلوبهم فقط.. إنما يتذكرون المشوار الطويل للرجل دون موقف واحد يخجل منه.. أو موقف قد يخجل منه.. ومن دون مشهد واحد مبتذل.. أو شريك في مشهد مخجل هو بالضرورة مبتذل..
ومشوار طويل بغير خبر واحد مزعج عنه أو لمحبيه فلا كان طرفا في مشاجرة أو إشاعة أو اختلاف على أجر أو اختلاف على عقد، أو متأخرا عن موعد أو متخاذلا في موقف أو ثقيلا في موقف آخر أو مرفوضا في موقف ثالث!
أما حياته الخاصة فلم يعرف الناس زوجته إلا يوم الرحيل، فلا خلاف عائلي ولا خبر واحد شخصي يثير فضول الناس أو يفتح شهيتهم للقيل والقال، وما أكثر فضولهم وشهيتهم لكل ما يخص نجومهم..
انطلاقته في الستينيات اختطفه عمل هنا وعمل هناك.. لكنها بشرت بنجم كبير وبغير تفاصيل نجزم أن قناعاته اصطدمت باشتراطات الانطلاق.. فاكتفى بما كان.. وأمتعنا به وعرفناه به ورضينا عنه فيه.. والمرافقة التي جمعت رأي المصريين وموقفهم من فنانين تؤكد أن المصريين أذكياء جدا.. يعرفون من يستحق مشاعرهم واحترامهم.. ويمنحونها لمن يشاء بغير حساب.. وأن فكرة أن
"الوسط الفني" كله هكذا "حتة واحدة" ليست الا مصدرا للمشكلات بمختلف أبعادها وصورها، هو تصور خاطئ تماما..
وإن وحدة القياس والحساب به تتشكل على صاحبها.. وأن كل فنان فيه يحاسب منفردا.. وفي هذا الوسط الذي ينضم الكثيرون ممن يمتعوننا فعلا ويقدمون ما ينير المجتمع ويطوره ويدفعه للأمام.. وأن الكثيرين أيضا فيه يفرضون ذواتهم عليه وعلى الكل.. كثيرون منهم ينسجمون تماما مع مجتمعهم ولم ينفصلوا عنه فأحبوا الناس وأحبتهم الناس!
بالأمس وقف فناننا الكبير وقد تجاوز الثمانين بسنوات يعتصره الألم خفف عنه زحف المصريين للعزاء من كل الفئات ومن كل الأجيال.. قدم الرجل السبت وكان جليا أنه يحصد الحب كما زرعه ووقفت ابنته الاعلامية الكبيرة "هبة رشوان" وزوجها المخرج الكبير "شريف عبد اللطيف" وباقي الأسرة الطيبة يتلقون العزاء.. ولهم جميعا كل العزاء وكل الدعوات بأن يرحم الله فقيدتهم ويلهمهم جميعا كل الصبر..