حاسبوهم ميري وملكي
تعلمت أثناء تأديتي لواجب الخدمة العسكرية ألا أترك ميدان الرماية إلا ومعي فوارغ الطلقات التي صوبتها نحو الهدف، ومن خلالها يعرف القائد عدد الطلقات التي خرجت من خزينة سلاحي، فإذا كانت أقل من المقرر إطلاقه تكون المحاسبة سريعة لأن النقصان يعني أنني تلاعبت في عدد الطلقات، ثم يسرع أحد الأفراد للهدف ليعرف عدد الطلقات التي أصابته، والأخرى التي حادت عنه، أما عدم إصابة الهدف نهائيا فتستوجب المحاسبة السريعة، وهي محاسبة منطقية ومقنعة، خاصة أن كل العوامل التي تساعد على إصابة الهدف تم توفيرها، فهناك ميدان تم تجهيزه، وسلاح تم التدريب عليه أكثر من مرة، وهدف واضح ينتظر التصويب، ومكافأة تنتظرك إذا توالت نجاحاتك في إصابته.
وبما أن الإعلام هو الآخر سلاح مهم، بل هو الأهم في أحيان كثيرة.. تعالوا نتعامل معه بهذا المنطق، فهناك ميدان تم تجهيزه وأنفقت عليه المليارات، وسلاح تم توفيره، وهدف تم تحديده، فأين الفوارغ؟ وكم عددها؟ وكم طلقة أصابت الهدف؟
نظرة سريعة على ميدان الإعلام سوف نكتشف أن عدد الفوارغ أقل بكثير من عدد الطلقات التي أطلقت، كما أن الهدف لم تصبه طلقة واحدة، ومع ذلك لم يحاسب أحد، ومن توفر لهم الميدان والسلاح والهدف ما زالوا يعبثون بإطلاق أعيرة ( فشنك ) تحدث دويا في الهواء دون أدنى أثر، وكأنهم في فرح بلدي، وإذا حدث واستخدموا الرصاص الحي.. صوبوه إلى الداخل ليشوه كل منهم الآخر، حتى الإنجازات لم تسلم من عبثهم بسلاح دأب مستخدموه على إصابة أهدافهم طوال النصف قرن الماضي.
قنوات تم تجهيزها بمئات الملايين، وفرق من المذيعين والمعدين والمخرجين والفنيين والمحاسيب يتقاضون أجورا منذ ثلاث سنوات، وحتى الآن لم تر هذه القنوات النور رغم الآمال الكبيرة التي عقدها الكثيرون عليها، أليس هذا إهدارا للمال؟ ألم يفتح هذا مجالا للمجاملات؟ ألا يوجد من يحاسب المتسبب في شراء أجهزة أوشكت على التآكل بفعل الصدأ؟
هل يعرف أحد ما تم إنفاقه على القنوات الجديدة التي ظهر بعضها ولم يظهر البعض الآخر؟ وهل ما حققته القنوات التي ظهرت يتناسب وحجم ما أنفق عليها؟ هل أصابت ذخيرتها الهدف الذي أنشئت من أجله؟ هل تتذكرون قناة الأخبار العالمية التي أكد الرئيس منذ عامين أن مصر تجهز لها؟ أين هذه القناة؟ ومن الذي قدم ملفها للرئيس؟ ولماذا لا تتخذ إجراءات صارمة ضد من عوق إطلاقها؟
المحاسبة مطلوبة، ويقيني أنها قادمة، ومن أنفق مئات الملايين على معدات معرضة للتلف، وعلى مرتبات للمئات دون عمل حقيقي، ومن جامل ومن خضع، ومن صفى حسابات ومن تجاوز عن أخطاء، هؤلاء يجب محاسبتهم (ميري وملكي) كما نردد دائما إذا ما تصدينا بجدية لمحاسبة من توفرت له كل عناصر النجاح ولم يحقق سوى الفشل.
أما قناة الأخبار العالمية فقواعدها موجودة، فقط.. تحتاج إلى البناء عليها، فلو أنفقنا على قناة النيل للأخبار ربع ما أنفقناه على قنوات لم تر النور.. لأصبحت قناة عالمية نستخدمها كسلاح حقيقي نصيب به أهدافا حقيقية.
قناة النيل للأخبار بها استديو جاهز للعمل، وكفاءات قادرة على المنافسة، أجورهم معروفة، ولو زادت القليل لن تصل إلى ما نسمعه من أرقام يتقاضاها أنصاف المذيعين.
besheerhassan7@gmail.com