رئيس التحرير
عصام كامل

على صفحة "الملك".. النصب باسم "السعدني"!


كذابون.. أفاقون.. يتمتعون بكل العبر.. وهذه فضيحة بكل معنى الكلمة!
القصة باختصار أن محاسبا من الإسماعيلية يعمل رئيس التنظيم والإدارة بمستشفي جامعة قناة السويس، اسمه "محمد ذكي" نقل من صفحة يسعى من ينفق عليها ويمولها إلى تبييض عصر الاحتلال البريطاني لمصر مقالا طويلا عريضا عميقا للكاتب الصحفي الكبير الراحل "محمود السعدني".. مع بوستر صمموه جيدا يجمع بين "السعدني" على هامشه والملك فاروق بشكل بارز..


يحكي المقال عن "السعدني" طفلا عندما اصطحبه والده مع شقيقه الفنان "صلاح السعدني" لإحدى ليالي القرآن الكريم، بحضور الملك، وكيف سهروا معه ببساطته وكرمه.. وكيف شربوا وأكلوا معه!

وراح المقال الطويل العريض العميق يروي تفاصيل تلك الليلة.. وبعد أن انتهى المحاسب "محمد ذكي" سعيدا فرحا بما نقله قام بالإشارة للمقال المنقول من صفحة الملك إياه إلى "أكرم السعدني" الصحفي الكبير ولشقيقته السيدة "هالة السعدني" ظنا منه فيما يبدو أنه نشر ما سيعجبهما!..

"أكرم السعدني" -مع حفظ كل الألقاب- ولأنه الأمين على اسم والده والأكثر حرصا على سيرته ومسيرته تداخل على الفور ونفي تماما كون المقال لوالده، مؤكدا أنه ليس أسلوبه ولا مقال له أصلا، مصححا بعض المعلومات التي وردت بالمقال منسوبة لوالده ولعمه الفنان الكبير صلاح السعدني.. وهكذا فعلت السيدة "هالة السعدني" التي نفت تماما أن يكون المقال لأبيها!

توالت التعليقات عن حقيقة انتماء الصفحة المذكورة وأنها إخوانية بامتياز، وعن كون الكاتب الكبير محمود السعدني كان ناصريا متشددا، ولو كتب عن الملك وعصره لكتب غير المنسوب له تماما !

الآن نتوقف لنسأل: كم أكذوبة نشرتها هذه الصفحة لكتاب كبار آخرين ولشخصيات عامة أخرى ؟ إن صفحة ساخرة من الصفحة المذكورة تحمل عنوان "مش صفحة الملك فاروق الأول والأخير بإذن الله" ترصد يوميا أكاذيب لا حصر لها عليها.. وهنا نسأل أيضا: صفحة بتمويل كبير هدفها الطعن في النظام الجمهوري بمصر، والطعن والتشويه للجيش المصري ولما فعله أبناؤه الأحرار في 23 يوليو.. كيف يسمح لها بالعبث هكذا بتاريخ البلاد ونظامه المحميين دستوريا؟ وإلى متي تُترك تزيف تاريخا وتعبث في وعي أجيال بكاملها؟ إن كان الدستور يحمي "ثورة يناير" فمن باب أولى أن يحمي الثورة الأم. 

التي أنهت حكما فاسدا شهد على فساده -لمن يزعمون أن الثورة شوهت تاريخه- بيرم التونسي بقصائده وقصته من النفي إلى الاعتقال، وكان "جمال عبد الناصر" نفسه لم يزل طفلا صغيرا.. وشهد على فساده صاحب العبقريات "عباس محمود العقاد" من البرلمان إلى الاعتقال.. وشهد عليه الكاتب الكبير نجيب محفوظ في روايتيه "القاهرة 30" و"بداية ونهاية" والروايتين قبل الثورة.. وشهدت عليه الوثائق الأجنبية الحقيقية -وليست المزيفة كالمقال المنشور- مع مئات الأدلة الأخرى.. وهذا الطعن في تاريخ مصر وما فعله أبناء جيش مصر هو المدخل الأساس للتشكيك في كل ما جرى بعده.. وهو المادة الخام للهتاف البذيء "60 سنة من حكم....."!

مثل هذه الصفحات وهي منصات للتزييف تحتاج إلى تدخل سياسي.. فإن لم يكن فهي في حاجة إلى موقف قانوني.. يوجد كثيرون أهل له.. والموقف أهل لهم. فليتقدم واحد أو أكثر!
الجريدة الرسمية