مترو الأنفاق.. والمواطن يئن!
للمرة المائة سأتحدث عن مترو الأنفاق الذي هو أهم وسيلة مواصلات في مصر، الذي ينقل حسب إحصائيات هيئة المترو نحو خمسة ملايين راكب يوميا، كما أنه يعد أهم المشاريع التي نفذت في الأربعين عاما السابقة بالإضافة لتكلفته العالية جدا..
وقبل أن أتحدث عن المترو أريد التأكيد على أن الهموم التي تطارد رئيس الجمهورية أولا ثم فريق عمله من مستشارين ومجلس وزراء إلى أصغر مسئول هو تقديم توفير الحياة الكريمة في أجمل صورها، وبالتالى عندما يتم الإعلان عن مشروع بمليارات الجنيهات سواء سكنيا أو إنتاجيا أو خدميا، فان الهدف منه المواطن، الذي دائما هو هدف الدولة في توفير أو خلق مناخ لحياة كريمة له.
الأسبوع الماضى بدأت أكبر ماكينات الحفر في محطة "جمال عبدالناصر" وقد أقيم حفل حضره رئيس الوزراء، وأعلن أن هذه المرحلة المهمة ستكلف مصر تسعين مليار جنيه، على ثلاث مراحل، ومعروف أن لغة المليارات أصبحت عادية جدا في المشاريع الحالية خاصة في مجال مترو الأنفاق. ولكن هناك أشياء أخرى يحتاجها المترو ليشعر المواطن البسيط بالجهود المبذولة.
فهل تخليص قطارات المترو من المتسولين يحتاج إلى دعم مالى؟ وجود هؤلاء المتسولين جريمة في وجه الإنسانية ولكن الأمر الذي أقصده أنه يعيق وصول الخدمة بالشكل الحضارى الذي كلفنى المليارات.
هل منع الباعة الجائلين المنتشرين في قطارات المترو في الخطين الأول والثانى يحتاج مليارات؟ وجودهم مؤكد صورة غير حضارية ، كما أنه يمنع وصول الخدمة التي كلفتنا المليارات وجهد ليلا ونهارا!
جميل أن يردد المذيع في قطارات المترو المكيفة بممنوع الأكل والشرب في عربات المترو وكذلك التدخين، في نفس اللحظة التي نجد من يأكل وسندوتشات على كشرى على إلقاء فوارغ علب المياه الغازية، أين هنا الرقابة التي تمنع؟ لن يمتنع أحد عن الخطأ إلا بالمتابعة والمراقبة وإلا فإن التنبيه في الإذاعة الداخلية هراء وكلام سد خانة..
أذكر في أول يوم لافتتاح المترو في عام 1987 كنت مكلفا بمتابعة الحدث المهم، وحملت كاميرا التصوير، وركبت أول قطار من حلوان ومن كثرة تنقلى من قطار لآخر، قلت اشترى سندوتشا واحدا فقط لآكله، وأيضا اختبر مدى همة القائمين من الشباب على محطة عرابى، أخرجت السندوتش وبمجرد أول قطمة فإذا بشاب يطلب منى عدم الأكل لأنه ممنوع على رصيف المحطة، سعدت واحترمت النظام، بعدها بعدة أشهر وفى محطة جمال الناصر تعمدت أكل سودانى، وشاهدنى عسكري شاب، وطلب منى عدم منى قزقزة اللب، فأقسمت أننى ليس معى لب، وطبعا أخفيت السودانى وسعدت بالنظام..
الآن أصبحت قطارات المترو ومحطاته مطاعم متنقلة، والأسوأ أنه بعد الانتهاء من الأكل والشرب يتم إلقاء الفضلات تحت الكراسى أو بين الكراسى في المحطات، التنبيه في إذاعة المترو غير كاف، لأن الكثير من هؤلاء لا يعرف أن الأكل ممنوع، ومن يعرف متأكد أن أحدا لن يسأله أو يحاسبه على ما فعل!
في الدول المتقدمة هناك مقاعد خاصة لكبار السن وأصحاب الحالات الخاصة، هذه المقاعد ممنوع منعا باتا الجلوس فيها حتى لو لم يكن هناك كبار السن تترك بدون استخدام، أما عندنا وبالرغم من المبالغ التي صرفت والجهد الذي بذل إلا أن هذه المقاعد يجلس عليها كل من هب ودب، فالشاب يكون جالسا وأمامه كبار السن ولا يبالى، ولكن لو كانت هناك رقابة بشكل عشوائى ومفتش يدخل المترو بالتأكيد الأمر سيتغير مع الوقت.
معالى الوزير: الحديث طويل ولو أردت معرفة المزيد نحن جميعا رهن مصلحة المواطن، مع العلم أننى كنت مندوب جريدتى في وزارة النقل، وشاهدت أنفاق المترو قبل افتتاحه عام 1987!
وتحيا مصر بعرق ودماء أهلها الطيبين البسطاء.