رئيس التحرير
عصام كامل

مبدأ قضائي جديد يحدد المسئولية التقصيرية لجهة العمل بتعويض العامل

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

أرست المحكمة الإدارية العليا مبدأ قضائيا يحدد المسئولية التقصيرية لجهة العمل في تعويض العامل المصاب بإصابة عمل، وذلك لإهمال جهة الإدارة في صيانة منشآت مما تسبب في إلحاق ضرر بأحد المتعاملين.


وقالت المحكمة، إن الْمُشَرِّع في القَانُون المدني نظم المسئولية العقدية في حالة الإخلال بشروط العقد، كما نظم المسئولية عن العمل غير المشروع وقسمه إلى المسئولية عن الأعمال الشخصية فنص في المادَّة (163) على أن كل خطأ سبّب ضررا للغير يلزم بالتعويض، ومن شروط هذا النوع من المسئولية ضرورة وقوع خطأ منسوب إلى الشخص.

وتابعت بالإضافة إلى إصابة المضرور بضرر مادي أو أدبي وقيام علاقة السببية بين الخطأ والضرر، والنوع الثاني من المسئولية عن العمل غير المشروع هي المسئولية عن عمل الغير على الوجه الوارد في المادتين 173 و174 من القَانُون المدني، وتشمل مسئولية المكلف برقابة شخص في حاجة إلى الرقابة ومسئولية المتبوع عن الضرر الذي يحدثه تابعه، والنوع الثالث هي المسئولية الناشئة عن الأشياء المنصوص عليها في المواد 176 و177 و178 من القَانُون المدني وتشمل مسئولية حارس الحيوان وحارس البناء ومن يتولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية، وتقوم المسئولية عن عمل الغير والمسئولية عن حراسة الأشياء على خطأ مفترض في جانب المكلف بالرقابة أو المتبوع أو الحارس، لكن يمكن دفع هذه المسئولية بإثبات القوة القاهرة أو السبب الأجنبي أو غير ذلك من قواعد التخلص من المسئولية التي حددها الْمُشَرِّع.

وأوضحت من حَيْثُ إن نطاق دعوى التعويض التي تختص بها محاكم مجلس الدَّوْلَةِ يتسع عن نطاق المسئولية المدنية الواردة في القَانُون المدني، وإذا كانت محاكم جهة القضاء العادي تتقيد بقواعد المسئولية المدنية المحددة في القَانُون المدني، فإن الْمُشَرِّع لم يلزم محاكم مجلس الدَّوْلَةِ بتطبيق قواعد محددة للمسئولية في مجال التعويض عن أعمال الإدارة، ولها أن تطبق قواعد المسئولية التي وردت في القَانُون المدني، كما أن طبيعة نشاط جهة الإدارة والسلطات والامتيازات الواسعة التي تتمتع بها في سبيل تحقيق المصلحة العامة – وهى سلطات وامتيازات لا تتحقق لأشخاص القَانُون الخاص – قد تستدعى من محاكم مجلس الدَّوْلَةِ أن تطبق قواعد جديدة تقيم عليها المسئولية الإداريَّة، تختلف في أساسها أو في نطاقها عن قواعد المسئولية المدنية المحددة في القَانُون المدني، وذلك في سبيل إقامة التوازن بين ما تتمتع به جهة الإدارة من سلطات وامتيازات، واتساع لدائرة أعمال الإدارة.

وأشارت المحكمة إن الثابت من الأوراق أن الطاعن كان يعمل بوظيفة عريف شرطة بقسم شرطة النوبارية التابع لمديرية أمن البحيرة ، وبتاريخ 14/9/2000 أصيب في رجله اليسرى نتيجة سقوط البوابة الخلفية للقسم عليه أثناء عمله حيث كان يقوم بغلقها بعد إخراج إحدى السيارات المحجوزة وتسليمها لأصحابها وذلك بسبب تهالك مفصلاتها، حسبما أفاد شاهد الواقعة الوحيد الشرطي عطا محمد عطا على النحو الذي ورد بمحضر قسم شرطة النوبارية المحرر في ذات التاريخ حيث نقل إلى مستشفى مدينة النوبارية الجديد المركزي والتي شخصت إصابته بأنها كدمة بالركبة اليسرى – حسبما يبين من شهادة الكشف الطبي الصادرة من المستشفى المؤرخة 16/9/2000.

ونتيجة لمضاعفات طبية حدثت له لاحقًا فقد أحيل إلى مستشفى جمال عبد الناصر بالإسكندرية والتابعة للهيئة العامة للتأمين الصحي، حيث أصدرت تقريرها الطبي بتاريخ 9/12/2006 أثبتت فيه أن الطاعن مصاب بقطع قديم بالعضلة الرباعية للفخذ وبناء عليه تم إجراء عملية توصيل للعضلة اليسرى له– بما يعني أن تشخيص مستشفى النوبارية السالف كان خاطئًا – وعلى هذا الأساس فقد عرضت حالته على المجلس الطبي المتخصص لهيئة الشرطة والذي قرر بجلسة 27/12/2007 أن "الحالة عجز مرضي مستديم يتعارض مع وظيفة عسكرية "وأن الحالة المسببة للعجز المرضي تتمثل في "ما بعد قطع قديم بالعضلة الرباعية للفخذ اليسرى ثم إجراء عملية توصيل للقطع مع وجود تأثر جزئي للعصب البابي بالطرف أظهره رسم العصب مما أدى إلى تحديد في حركات الركبة"، وعليه فقد تقرر إنهاء خدمته من هيئة الشرطة لعدم اللياقة الطبية (عجز جزئي مرضي مستديم) وذلك بموجب القرار رقم 2695 لسنة 2008 الصادر بتاريخ 15/7/2008.

ومن حيث إنه في استظهار توافر ركن الخطأ في الحالة الماثلة فإن أوراق الطعن حوت تحقيقًا إداريًا عن واقعة إصابة الطاعن الحاصلة بتاريخ 14/9/2000 والتي ترتب عليها إصابته المشار إليها، وهذا التحقيق يكشف بجلاء من ثبوت تقصير جسيم من المسئولين بجهة الإدارة عن صيانة البوابة التي وقعت على الطاعن بعدم قيامهم باتخاذ ما يلزم نحو القيام بأعمال الصيانة الأساسية والمتابعة الدورية لمثل هذه البوابات، واتخاذ إجراءات الأمان المتطلبة في هذا الشأن، مع إجراء التفتيش الدوري والمستمر على مثل هذه الأماكن، فضلًا عن أن أوراق الطعن قد خلت من أية إشارة تفيد أن الطاعن قد تسبب بفعل منه في الإصابة التي لحقت به.
الجريدة الرسمية