رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا يحدث في بيت العنكبوت؟!


في البداية لابد من التأكيد على أن وسائل الإعلام في العالم يسيطر على الجزء الأكبر منها اللوبي الصهيونى، لذلك عندما تشتعل النيران داخل الكيان الصهيونى تقوم وسائل الإعلام بتطبيق آلية التهميش والإزاحة على هذه النيران المشتعلة، فلا تتعرض للحدث ولا تتابعه ولا تتم تغطيته، وكأنه لم يحدث وكأن شيئًا لم يكن..


وهذا ما حدث بالفعل مع النيران المشتعلة داخل الكيان الصهيونى بين بعض السكان الصهاينة المغتصبين للأرض العربية الفلسطينية، فلم نجد وسيلة إعلام غربية أو عربية تتناول الحدث، كما تناولت أحداث الربيع العربي المزعوم، بل أن وسائل التواصل الاجتماعى أظهرت هي الأخرى وجهها الصهيونى القبيح، فعندما كتبت منشورا عبر موقع فيس بوك يقول: "صدق السيد حسن نصر الله حين قال إن العدو الصهيوني أوهن من بيت العنكبوت" تم حذف المنشور على الفور، لأنه يخالف مبادئ مجتمع فيس بوك، وبالطبع هي المبادئ الصهيونية.

وبما أن وسائل الإعلام التي يسيطر عليها اللوبي الصهيوني تحاول التعتيم على ما يحدث داخل بيت العنكبوت ، فيجب علينا إبراز الأمر وكشفه على أقل تقدير للرأى العام العربي، لكى يتأكد بالفعل أن هذا العدو الصهيوني أوهن من بيت العنكبوت، وأن مواجهته ضرورة حتمية، وهذه المواجهة ليست بالصعبة كما يحاولون إيهامنا بذلك..

فخلال هذا الأسبوع قام يهود الفلاشا ذو الأصول الإثيوبية، وهم جزء من المحتلين الصهاينة بالتظاهر والاحتجاج وإشعال النيران في مواجهة شرطة العدو الصهيونى، عقب مقتل الشاب الأثيوبي سولومون تاكة(18 عاما) برصاص شرطي في مدينة حيفا.

حيث فجر الحادث قضية التفرقة العنصرية التي يمارسها العدو الصهيونى مع مواطنيه المحتلين للأرض العربية الفلسطينية، والتي تمارس على عدة مستويات وأشكال، فهناك تفرقة عنصرية على أساس الدين بين اليهود الصهاينة الذين يشكلون 74.5% وبين العرب المسلمين والمسيحيين الذين يشكلون 20.9%..

وأخرى على أساس الأصل الجغرافى، حيث يعامل اليهود من أصول غربية (أشكيناز) معاملة أفضل من اليهود من أصول شرقية (سفارديم)، وثالثة على أساس اللون حيث يعامل اليهودى ذو البشرة البيضاء معاملة أفضل من اليهود ذي البشرة السوداء وهكذا، على الرغم من ادعاء العدو الصهيونى أنه يطبق مبادئ الديمقراطية وحقوق المواطنة.

وعلى الرغم من الادعاءات الصهيونية والمحاولات المستميتة لتشكيل كيان متماسك، فإن كل المؤشرات الواقعية تشير لعكس ذلك، وهو ما يدعم فكرة ومقولة السيد حسن نصر الله أنهم أوهن من بيت العنكبوت، فالتركيبة السكانية غير متجانسة على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية، فالغالبية تعلم أنها جاءت إلى أرض غريبة ليست أرضها، وأن ما يفرق بين هؤلاء أكثر بكثير مما يجمعهم..

فاليهود "الأشكيناز" يرون أنفسهم أرقي من اليهود "السفارديم"، واليهود "الفلاشا" أقل درجة بالطبع من الاثنين معا، وتدعم هذه التفرقة سلطات العدو الصهيوني على كافة المستويات خلال المعاملات الحياتية اليومية، والى جانب هؤلاء الذين يشكلون ما يقرب من 80% من مجموع السكان، فإن باقى السكان هم من العرب المسلمين والمسيحيين الذين يعتبرون أنفسهم أعداء لباقى السكان وأيضا سلطات العدو الصهيونى لأنهم بالفعل أصحاب الأرض الحقيقيين ورغم ذلك يعاملون كمواطنين من الدرجة الثالثة.

لكن يظل يهود "الفلاشا" أحد أهم القنابل الموقوتة بين مكونات التركيبة السكانية للعدو الصهيوني، وهم على الرغم من وجودهم داخل الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة، إلا أن هذا الوجود كان ومازال محل اختلاف على مستوى السلطة السياسية والسلطة الدينية للعدو الصهيونى، فعلى المستوى السياسي رفض العدو الصهيونى الاعتراف بيهودية "الفلاشا" الاثيوبيين منذ نشأة الكيان، حيث تحول جزء كبير من يهود الفلاشا إلى الديانة المسيحية..

وعندما قام الكيان كانت ظروفهم المعيشية سيئة، وكانوا يحلمون بظروف أفضل عند هجرتهم للكيان، لكن "جولدا مائير" عقبت على طلب "الفلاشا" بتهجيرهم بأنهم سيكونون في حالة مزرية وموضوعًا للاحتقار، وسيشكلون جبهة مع اليهود الشرقيين "السفارديم" ضد اليهود الغربيين "الأشكيناز"، وأضافت "عندنا ما يكفى من المشكلات ولا نحتاج هؤلاء السود"..

وظلت هذه النظرة راسخة لدى السياسيين الصهاينة، لكن رجال الدين كان موقفهم أكثر عنفا، ولم يعترفوا بيهودية "الفلاشا" خاصة رجال الدين المتشددين والأكثر تطرفًا، حيث اعتبروا "الفلاشا" انتهازيين يستخدمون أصولهم اليهودية بهدف تحسين أحوالهم المعيشية دون أي قناعة عقائدية.

لكن على الرغم من ذلك اضطرت السلطات السياسية الصهيونية في مراحل لاحقة في الثمانينيات والتسعينيات من قبول هجرة "الفلاشا" الأثيوبيين لتوسيع عملياتها العسكرية والاستيطانية خاصة بعد انخفاض معدلات الهجرة إلى الكيان، وعندما قررت سلطات الاحتلال الصهيونى التخلص من العمالة الفلسطينية القادمة من غزة والضفة الغربية لمخاطرها الأمنية بعد الانتفاضة الفلسطينية الأولى برزت الحاجة إلى "الفلاشا" ليقوموا بالأعمال الخدمية المتدنية..

ومنذ وجود "الفلاشا" وهم يعانون من الاضطهاد والعنصرية في أبشع صورها من أصحاب البشرة البيضاء من اليهود "الأشكيناز". ومن الغريب والعجيب أن "الفلاشا" كانت ومازالت إحدى الأدوات التي تستخدمها السلطة الصهيونية في التهجير القسرى للفلسطينيين وارتكاب المذابح بحقهم، لذلك نحن لا نتعاطف معهم فجميعهم صهاينة مغتصبين لأرضنا العربية الفلسطينية، وعندما تشتعل النيران بينهم فعلينا أن ننتظر، ونتحين الفرصة للانقضاض عليهم وهدم بيت العنكبوت، فالتناقضات الكبيرة داخل بيت العنكبوت تؤكد بما لا يدع مجال للشك أن معركتنا القادمة معه ستكون أيسر كلما ازداد اشتعال النيران بالداخل، اللهم بلغت اللهم فاشهد.

الجريدة الرسمية