كشف طبيب الغلابة 5 جنيهات
الرزق ليس كله أموالا، قد يكون في الصحة أو الأولاد أو محبة الناس أو دعاء الوالدين أو في القناعة والرضا، هذه هي المبادئ التي يؤمن بها الدكتور ياسر ضيف، استشاري جراحة العظام بالدقهلية، الذي أفنى حياته في علاج المرضى دون أن يطمح في تحقيق غناء فاحش، فكل هدفه في الحياة “ألا يرد الباب في وجه سائل”.
دكتور "ياسر" والمعروف بطبيب الغلابة، فخمسة جنيهات فقط هي تسعيرة الكشف داخل عيادته الخاصة دون تفرقة بين غني وفقير، نشأ داخل أسرة متوسطة الحال، وعمل طوال حياته بمستشفى شربين العام، حقق حلم والديه في الالتحاق بكلية الطب وكانت وصية الوالدة له بعد التخرج “ألا يرد سائلا أو يغلق بابه في وجه أحد، أو يحصل على أموال من محتاج”، ظلت كلمات الأم هي دستور حياته طوال فترة عمله في مجال الطب والتي تجاوزت 35 عاما.
وعلى الرغم من تغيير الظروف المعيشية وارتفاع الأسعار عشرات الأضعاف إلا أن "ضيف" ظل على مبدئه ووصية والدته عليها رحمة الله عليها، وكلما طالبه البعض برفع قيمة الكشف قال إن ما يتقاضاه يكفيه وليست هناك ضرورة لزيادة الكشف، فهدفه هو تبسيط الحياة وتقديم خدمة طبية تراعي الحالة الاقتصادية للمريض، خاصة وأن مرضاه معظمهم فقراء.
طبيب الغلابة يرى أنه يكفي المريض تحمل معاناة المرض فلا يجب أن يحمل أيضا هموم تكاليفه، وهو ليس رحيما فقط في قيمة الكشف بل أيضا في روشتة العلاج، حيث يفضل كتابة الدواء الأرخص إذا كان في نفس فاعلية الأغلى، ويخير المريض بين الدواءين، قناعته سبب سعادته في الحياة، وجنى ثمارها في أولاده فلديه ابنه طبيب وابن صيدلي غرس فيهما نفس المبادئ ووصية والدته.
كلما قمت بزيارة للأهل في المنصورة سمعت قصصا وحكايات مشرفة عن هذا الطبيب الإنسان، والذي يستحق هو وأمثاله أن نسلط الضوء عليهم، فهؤلاء هم الأبطال الحقيقيون للمجتمع وليس لاعبي كرة القدم أو الفنانين والمطربين والإعلاميين، فمن الضروري إبراز النماذج الطيبة وتقديمها كقدوة يحتذى بها شبابنا المحبط، والذي لا يشاهد في إعلامنا سوى تفاهات الأمور والنماذج السيئة.
مصر فيها الملايين الذين يعملون بإخلاص وضمير دون الانتظار لأي مقابل، ويحملون الوطن على أكتافهم، بلدنا ليست كلها مثل لاعبي كرة القدم يأخذون ما لا يستحقون من أموال وشهرة ويفيدون أنفسهم فقط ثم يصدرون اليأس والإحباط للمجتمع بسبب نتائجهم الهزيلة.
egypt1967@Yahoo.com