رئيس التحرير
عصام كامل

حصار القاهرة.. جسر إرهابي من سوريا إلى ليبيا.. الدوحة وأنقرة تخططان لإرباك السودان.. أردوغان يرتدي قميص صلاح الدين لقتل العرب باسم القدس.. وإيران تهدد جيرانها لصالح تل أبيب

ترامب واردوغان وتميم
ترامب واردوغان وتميم

«صفقة قرن» تهدد بانفجار الأوضاع في فلسطين، تدخلات خارجية تثير الرعب بالسودان، وأخيرًا معركة دولية بالوكالة فوق الأراضى الليبية، ما سبق لا يتعدى كونه ملخص مثلث أزمات إقليمى أشبه بـ«مثلث برمودا»، وجدت مصر بطبيعة موقعها الجغرافى ودورها التاريخى في قلبه، تصارع أطرافا خفية للحفاظ على استقرار جوارها وحماية أمنها القومى.


المعركة الدائرة أخطر من المعارك الحربية معلومة العدو والمحاور ومحددة الضربات، فالوضع الحالى في الجوار قريب الشبه إلى حد كبير بدوامة قادرة على ابتلاع الجميع إلى قاع سحيق.

فلسطين
الجارة الشرقية – فلسطين - التي تعتبر قضية مصر التاريخية، تمر الآن بمنعطف خطير وسط إصرار أمريكى على تمرير ما تسمى «صفقة القرن» بدعم أطراف إقليمية لا تدرك مدى خطورة الأوضاع، وتتملكها أحلام مشوشة متعلقة بإمكانية خلق سلام زائف بين الفلسطينيين والإسرائيليين بلغة الأرقام والصفقات التجارية، متناسية ميراث الدم الذي يعيق تمرير أي صفقات، وتغفل أن الأوضاع الإقليمية برمتها مرتهنة لـ«حجر» يخرج من يد طفل صغير ليدشن من خلاله انتفاضة فلسطينية جديدة، اعتادت قوات العدو على مقابلتها بالرصاص الحى، وغير مدركة لتربص أطراف أخرى تري في القضية «قميص عثمان» لتخفيف الضغوطات الداخلية التي تتعرض لها أنظمتها، وتطلق «صواريخ تصريحات» تنتهى فاعليتها داخل الحدود ولا تصل حتى إلى تل أبيب.

قميص صلاح الدين
ووسط كل ما سبق يجيد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان هذه اللعبة مع كل حدث سياسي داخلى، ويرتدي قميص صلاح الدين، بهدف قتل العرب بسيف الحديث عن التطبيع والمؤامرة على الأقصى والإسلام، متناسيا العلاقات الحميمة التي تربط نظامه والنظام الصهيونى.

إيران
إيران هي الأخري التي تملأ الدنيا بالحديث عن أسلحتها المتطورة، لم نرها يوما تطلق صاروخا على تل أبيب، لتحرير القدس التي جعلها المرشد آية الله على خامنئى، مفردًا دائمًا في خطاباته الداخلية بشكل يومى.

صفقة جاريد كوشنر
المندفعون نحو صفقة جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، لا يفهمون قواعد اللعبة، ولا يدركون مدى خطورتها تحديدا على الدولة المصرية المتكفلة بالقضية، الواقعة إلى جوارها، والقادرة على إشعال حدودها الشرقية بفوضى عارمة، في وقت تحارب فيه ميليشيات إرهابية متطرفة بهدف تطهير سيناء.

السودان
الجارة الجنوبية والشقيقة- السودان - الحال فيها هي الأخري لا يقل خطورة عما يحاك ضد فلسطين، صحيح أن اتفاق «الفجر» الذي أعلن عنه الجمعة الماضية بين المجلس العسكري الانتقالى، وقوي التغيير، من المحتمل أن يحمل بارقة أمل تنهى أزمة الخرطوم، لكن في ظل وجود أطراف إقليمية ودولية ومحور شر متمثل في «قطر وتركيا» تظل المخاوف قائمة، خشية تحريك أطراف داخلية بالمعادلة تمتلك قنوات اتصال خفية مع أنقرة والدوحة، ومستعدة للتخلى عن الوطن مقابل الدولار.

أرض أحفاد عمر المختار –ليبيا-، الجارة الغربية والضلع الثالث في مثلث الأزمات، تعد هي الأخطر ومصدر تهديد لدول الجوار، كما وصفها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، في اتصاله الأخير بالرئيس عبدالفتاح السيسي، مساء الخميس الماضى.

طوفان الكرامة
عقب أسابيع قليلة من إطلاق المشير خليفة حفتر، عملية طوفان الكرامة، بهدف تحرير العاصمة «طرابلس» من قبضة الميليشيات الإرهابية، بدأت القوى الدولية التي جعلت من الدولة الليبية منطقة «حرب بالوكالة» وانتشر بها جواسيس من كافة أجهزة الاستخبارات الدولية.

وبدأت التفاهمات العابرة للقارات بهدف إيقاف تقدم حفتر وإبقاء الأوضاع على ما هي عليه، وبحسب مصادر تحدثت لـ«فيتو» عن سير الأزمة التي تعقدت خلال الأيام الماضية، أصبح الصراع هناك على المكشوف بين فرنسا وإيطاليا، التي تعتبرها الأخيرة مستعمرة قديمة تريد الهيمنة عليها وعلى مواردها الطبيعية، وألقت بثقلها السياسي والعسكري خلف حكومة الوفاق الحاضنة لجماعات الإرهاب، ولا يصدر عنها بيان أو قرار بدون توقيع مفتى الجماعة المقيم بين قطر وتركيا «الصادق الغريانى»، وتحصن العناصر الإرهابية تحت سيادتها بلباس عسكري، وتطلق عليها مسمى «الجيش».

ومع اشتداد حدة الصراع الأوروبي على الدولة الشرق أوسطية الواقعة في جنوب المتوسط، يبدو أن روما وجدت غايتها في أنقرة، وجلبت أردوغان كمقامر جديد، وغضت الطرف عن سفن الأسلحة والعتاد العسكري الذي يصل عبر المتوسط والجو، بتمويل قطري إلى طرابلس لينتهى به المطاف في يد رجال عصابات يريدون الدولة معسكر فوضى مفتوحا يهدد الخارج قبل الداخل.

الأزمة الليبية
المصادر أكدت أن دخول الرئيس التركى بقوة على خط الأزمة الليبية، يستهدف في الأساس الجارة مصر التي يناصبها العداء، ويخطط لجعل طرابلس قاعدة لإطلاق الفوضى على حدودها الغربية، لافتة إلى ضرورة توخى الحذر بعد تأكيدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التي قال فيها: إن أجهزة الاستخبارات في بلاده تمتلك معلومات حول نقل عناصر إرهابية من أدلب السورية إلى ليبيا خلال الفترة الماضية، محذرا من خطورة تفاقم الأوضاع ونشر الفوضى هناك.

تحذيرات «بوتين» التي لم تحظ بتغطية واسعة في وسائل الإعلام العربية، حملت إدانة واضحة لـ «أردوغان» حول تورط تركيا في نقل هذه العناصر، لكون أنقرة هي المهيمنة على الأوضاع بأدلب السورية، وتسربت خلال الأيام الماضية معلومات حول ترتيبات للنظام التركى في المدينة السورية، من خلال إضافتها إلى منطقة «غصن الزيتون»، التي تضم مدينة عفرين وريفها، إضافة إلى منطقة «درع الفرات» في ريف حلب الشمالي، واللتين باتتا منطقتي نفوذ تركي بلا منازع.

وبحسب التسريبات أبلغت أنقرة شخصيات في الائتلاف الوطني السوري المعارض، والحكومة السورية المؤقتة، أن هناك ترتيبات سياسية وعسكرية وشيكة، بينها حل هيئة تحرير الشام -جبهة النصرة فرع القاعدة في سوريا-، بحيث لن يكون هناك فصيل متشدد يشكل مصدر قلق إقليمي ودولي في شمال غربي سوريا، وأن الحكومة السورية المؤقتة سيكون لها الدور الكبير في إدارة المنطقة".

الجماعات الإرهابية
مقاتلو القاعدة –جبهة النصرة- الذين تجهز تركيا لإخفائهم للهروب من الاتهامات الدولية برعاية الإرهاب، على ما يبدو حسب المصادر وحديث الرئيس الروسي، فإن أردوغان قرر نقلهم إلى ليبيا، لدعم حكومة الوفاق حليفه في طرابلس، لإبعادهم عن أنظار العالم، وخلق وطن وجنسية بديلة لهذه العناصر، بهدف تجهيزهم لعمليات اختراق لدول الجوار، وتنفيذ ضربات انتقامية وعقابية على سقوط تنظيم الإخوان في مصر وتونس، واستغلال الأوضاع الراهنة في الجزائر، وبطبيعة الحال لم تسلم السودان من خطط المخابرات التركية لإشعال الفوضى في شمال أفريقيا وإعادة الأمور إلى مربع أزمات 2011.

شحنات الأسلحة القادمة عبر البحر والجو إلى ليبيا، لم تتوقف على مدار الأسابيع الماضية، حسب تأكيدات المصادر المتحدثة، بعدما استغلت أزمة قصف معسكر تاجوراء للمهاجرين وانشغل المجتمع الدولى بالحدث، الأمر الذي فتح حدود الدولة على مصرعيها استعدادا لمعركة كبيرة قادمة مع الجيش الوطنى الليبي المسيطرة على المنطقة الشرقية –بنغازي-، وإخرج المشير خليفة حفتر من معادلة التفاهمات الدولية وفرض الأمر الواقع بهذه التركيبة الإرهابية كعصابة حاصلة على مباركة دولية لحكم الدولة.

الدعم العسكري التركي لم يتوقف عند حدود العتاد والأسلحة، وحسب ما تم رصده ظهر ضباط أتراك يقدمون المشاورة، ويشاركون في العمليات إلى جانب ضباط استخبارات وهو ما ساعد ميليشيات طرابلس على استرداد غريان، التي مثل سقوطها انقلابا في المعادلة الحربية الدائرة بين الجيش الليبي وميليشيات حكومة الوفاق التي يتمسك المجتمع الدولى بشرعيتها بالرغم من التقارير الأممية الكاشفة لأسماء القيادات الإرهابية التي تقود معاركها العسكرية.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية