رئيس التحرير
عصام كامل

«الجهاد» يخطط للعودة إلى الحياة على جثة «مرسي وإخوانه».. قيادات التيار تبدأ سيناريو إحيائه عبر المنابر الغربية.. مساجد أمريكا نقطة انطلاق الفكر الجهادي.. و«صديقي» رأس الأ

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

«لا أمل في العودة».. النتيجة الوحيدة التي أصبحت تواجهها جماعة الإخوان الإرهابية، غير إن كيانات أخرى داخل التيار الإسلامي، لا تزال تعتبر أن رحيل محمد مرسي هبة من السماء نزلت عليهم، وكل منهم يوظفها حسبما شاء، من اليمين لليسار داخل التيار، وآخر هؤلاء الجهاديين، الذين يضربون عدة عصافير بحجر واحد لاستعادة شعبيتهم المتداعية، بسبب الربط بينهم وبين القاعدة والدواعش على طول الخط.


وفاة مرسي
ومنذ وفاة «مرسي» والتيار الجهادي ينشط بشدة في معاقله بالغرب، وتحديدا في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية، ويسيطرون على العديد من المساجد الشهيرة فيها، على رأسها مسجد دار السلام، وهو أكبر مسجد بالمدينة، وتديره الجمعية الإسلامية، التي تدين بالفكر السلفي المتشدد.

الدكتور حافظ محمد خالد صديقي، أحد أقطاب السلفية الجهادية، أكثر من تم رصده، وهو يحاول إعادة الاهتمام للخطاب الديني السلفي، فتارة يلعب على عدة متناقضات ويربط قضية وفاة «مرسي» بكل شيء وعكسه، وتارة أخرى يلجأ للدفاتر القديمة، وخاصة القضية التي تثير لعاب جماهير الإسلاميين، وتجعلهم أسرى لأي خطاب شعبوي، مدجج بالشعارات العاطفية، «فلسطين» وما يسمى بالحقد الصهيوني على الإسلام.

«صديقي» ربط بين كل هذه الإشكاليات، ويقول في خطب الجمعة التي يتزعم فيها المنابر: إن «مرسي من الذين لقوا حتفهم في الآونة الأخيرة، بسبب القضية الصهيونية»، والمثير أن «صديقي» اعترف خلال ثنايا هذه التهم المبعثرة، بسعى الإخوان لعمل وحدة رغم التضييق عليهم، بين أركان التيارات الدينية، تحت بند توحيد المسلمين، من خلال الزعم، بأن مرسي والإخوان، كانوا ــ يحاولون فقط ــ مساعدة الإنسانية من خلال نشر حقيقة الإسلام ورسالة العدل في جميع أنحاء العالم.

قوى الشر
القطب السلفي استمر في البوح بما هو معروف ومنكر من الجماعة، واعتبر أن من وصفهم بـ«قوى الشر» لم تسمح بأن يتواصل المسلمون مع بعضهم البعض، لتأسيس نوع من الوحدة المطلوبة، في إشارة إلى «الخلافة» التي يتجاوزها لفظًا، ليستخدم مصطلحات تطرح دلالات، تقود إليها دون أن يذكرها صراحة، ويترك لكل سلفي خياله المدجج بالأفكار الجهادية، لاستخلاص ما يريد «صديقي» قوله من بين السطور، حتى لا يقع في المحظور إذا ما تم الإبلاغ عنه، وأدين بالتحريض على العنف.

ومعروف أن خالد صديقي، من رموز الجهاديين، ويحاول طوال السنوات الماضية، إعادة الزخم لتياره بأي شكل، ولهذا السبب يتنقل كثيرا، بين منطقة الخليج والولايات المتحدة منذ عام 1983، ويستغل مواقعه في تمرير أفكاره، حيث يدرس حاليا في الدراسات الإسلامية والعربية بكلية شابوت بالولايات المتحدة، كما يحاضر في كلية الإرسالية، وكلية أوهلون، ومركز الاتحاد اللاهوتي للدراسات الإسلامية، وهو أيضا مدير مركز التعليم والإعلام الإسلامي والمؤسس لمجلس الشريعة الإسلامية.

«صديقي» يمرر دعايات باتت محفوظة، وخاصة في خطب الجمعة، بصورة نفس الكربون، فلا حديث له إلا عن الوفاة المفاجئة لمرسي، التي دبرت بليل، وهو نفس الخطاب الذي يردده الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ما يؤكد أن هذه الجماعات على اختلاف أشكالها وأدبياتها، تجمعها ملاءة واحدة، وتستنفرهم وقت الشدة، ليتوحدوا معا بأقصى سرعة، كما يروج القيادي السلفي، أن العالم العربي أصبح ممتلئا جدا بالصهاينة وأتباعهم، والغريب أنه يعيش في دولة تضبط سياساتها على التوجهات الإسرائيلية، ويتمتع بجنسيتها، وهي أيضًا تتركه حرًا بهذا الخطاب المتطرف، رغم عدائه لإسرائيل، وإعلان ذلك على الملأ، دون أن يعرف أحد لماذا يترك هؤلاء دون محاسبة أو إعاقة على الأقل.

التيار السلفي
الدور الذي فشل فيه «مرسي» بنشر الإسلام، حسب ادعاءات «صديقي»، يبرر حاجة الدين الحنيف، لتيار قوي يفرضه أركانه على العالم، ولا يعرضه فقط كما هو الفكر الإخواني الضعيف، ولن يكون هناك أكثر قوة من التيار السلفي الجهادي، ولكي يروج لمشروعه، يعيد التذكرة في كل خطبه، بكل النوائب التي تعرض لها اليمين الإسلامي في المنطقة، وخاصة بمصر والجزائر، والأخيرة مر على الانتخابات التشريعية، وأزمات العشرية السوداء ما يقرب 3 عقود، ولا يزال ــ صديقي ــ يذكر بها للحشد لفكرته الشيطانية من بوابة وفاة مرسي.

الخطاب الجهادي، الذي يناور للعودة بكل الطرق، لا يلعب على متناقضات عدة فقط، بل يحاول بكل الطرق الاستحواذ على كعكة كبرى من أعضاء الإخوان، بعدما تفرق بهم السبل، في ظل الانشقاقات المتزايدة، ووجود قيادتين، يدعي كل منهما الشرعية، ما أثر على اتساع الفجوة بين الأجيال المختلفة، وخاصة الشباب والكبار.

ويفسر التيار الجهادي الساعي للعودة على أنقاض الإخوان، ما حدث في الإخوان بين عامي 2013 و2014، والانشقاق الذي قسم الجماعة نصفين، ليدلل على قوة الفكرة الجهادية، مقابل الفكر الهش للتنظيم الإخواني، إذ تعرض الجميع لنفس المحنة، ولم ينقسم بهذه الطريقة، إلا الإخوان، بداية من التشكيك في فعالية هذا النهج، مرورا بعدم الاتفاق على إستراتيجية واحدة، للعودة من جديد، فأصبحوا يخرجون في مظاهرات، دون أهداف واضحة، ويدلل الخطاب الجهادي على فعالية أفكاره بالضجة التي أحدثها التيار الكمالي في صفوف جماعة الإخوان، الذي سار على أشرس طريق للفكر الجهادي، وأخذ من العنف مسلكا للمقاومة ضد الدولة المصرية ومؤسساتها ورجالها، بغض النظر عن مقتله في النهاية دون تحقيق هدفه، ولكنه حرك المياه الراكدة.

ولو اتحد معه الإخوان لكان لقوة التنظيم كلمة أخرى على الأرض، بالنظر لحجم الجماعة، واتساع رقعتها في كل ربوع مصر، وهو تفكير تدميري، يكشف خلل المنطق الجهادي بشكل عام، والتيار الجهادي الأوروبي بشكل خاص.

الأصولية
ومن جهته رأى منتصر عمران، القيادي السابق بالجماعة الإسلامية، أن السلفية الجهادية في العموم، فكر يعتمد على الأصولية في الدعوة إلى الجهاد وتختلف عن جماعات العنف الذي تم تأصيله عن زعماء الجماعات مثل القاعدة أو حتى داعش مؤخرا.

وأضاف: جماعة الجهاد السلفي تعتمد على ما يسمى بالعلم الشرعي، بعيدا عن التنظيم التقليدي، كما هو في الإخوان أو الجماعة الإسلامية فبدون العلم الشرعي لن يكون هناك جهاد شرعي، موضحا أن الجهاد السلفي في البداية، يكون عبارة عن مدارس دعوية، تنطوي تحت عباءة شيخ معروف، ويتخذ من المساجد بداية لدعوته، ومثل هذه المدارس، هي التي أخرجت أمثال أسامة بن لادن والظواهري وغيرهم الكثير، وهنا منطق الخطورة.

كما أكد القيادي السابق بالجماعة الإسلامية، أن مصر استطاعت أن تقضي على مثل هذه المدارس الجهادية، من جميع مساجد مصر، بحيث لم يعد لها أو لأتباعها أي وجود، وكذلك في معظم الدول العربية، لذا أصبح وجودهم حصرًا، على بعض الدول الغربية، التي يزحفون إلى مساجدها تحت راية بناء العقيدة السليمة أولا ثم بعد ذلك يأتي أي أمر آخر.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية