من «كريستيز» البريطانية إلى «دروو» الفرنسية.. صالات مزادات أوروبا «أصحاب سوابق» في بيع تاريخ مصر.."وزيري" : اللجنة الدائمة للآثار تدرس إصدار قرارات ضد البعثات الأثرية الب
زاهي حواس: هناك 3 حلول لعودة رأس التمثال وصالة المزادات البريطانية باعت رأس أشهر ملك في تاريخ الإنسانية
تمارس المملكة المتحدة البريطانية كل أمور البلطجة على الآثار المصرية، وذلك بسماحها لصالات المزادات بها، لا سيما (كريستيز وسوثبي) في لندن، بالمتاجرة في الحضارة المصرية، وبيع آثارها في المزادات العلنية، ضاربة بعرض الحائط كل المطالبات المصرية لوقف نزيف الحضارة المصرية على الأراضي البريطانية، حتى أصبحت من أرباب السوابق في بيع الآثار المصرية.
مؤخرا عقدت صالة مزادات كريستيز في لندن مزاد علني لبيع تمثال رأس توت عنخ آمون مقابل 4 ملايين جنيه إسترليني، وقبلها باع متحف تورثامبتون البريطاني تمثال الكاتب المصري سخم كا مقابل 14 مليون جنيه إسترليني، دون مراعاة أي معايير أو اتفاقيات لحماية التراث والحضارة المصرية.
صالة «كريستيز» البريطانية، يمكن القول إنها من «أرباب السوابق»، وذلك نظرًا لاعتيادها بيع الآثار المصرية ورفض تسليمها لمصر، رغم علمها أنها مسروقة وخرجت بطرق غير شرعية، ومؤخرا أشرفت الصالة على بيع عدد من القطع الأثرية المصرية، دون الإنصات للمطالب المصرية المشروعة على مدار الأسابيع الماضية والخطوات التي وزارتي الخارجية والآثار ومنظمة اليونسكو، الأمر الذي يتنافى مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
ومن جهته كشف الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن «اللجنة القومية للآثار المستردة عقدت اجتماع نهاية يونيو الماضي، عقب التأكد من عرض رأس توت عنخ آمون في بريطانيا، وتم إرسال خطاب إلى السلطة المركزية البريطانية، رغم الإجراءات التي اتخذتها الخارجية المصرية واليونسكو، إلا أن بريطانيا استمرت في تنظيم المعرض، وهو ما دفع وزير الآثار للدعوة لعقد اجتماع طارئ للجنة لمناقشة الإجراءات التصعيدية ضد بريطانيا لاستعادة الآثار المصرية الموجودة على أرضها بشكل غير مشروع».
وفيما يتعلق بالإجراءات التصعيدية المتوقع أن تتخذها وزارة الآثار أوضح «وزيري» أن «مصر تستمر في ملاحقة المتورطين قضائيًا وأي جهة تشتري آثار مصرية»، مؤكدًا أن اللجنة الدائمة للآثار، تدرس إصدار قرارات ضد البعثات الأثرية البريطانية التي تعمل بمصر قد تصل إلى وقف التعامل مع تلك البعثات.
واقعة بيع صالة مزادات كريستيز لـ 32 قطعة أثرية مصرية أبرزها رأس تمثال لتوت عنخ آمون في لندن، لم تكن الأولى، لكن هناك تاريخا أسود طويلا لصالات المزادات الأجنبية تجاه بيع الآثار المصرية، ففي شهر أبريل الماضي عرضت صالة مزادات كريستيز نحو 91 قطعة أثرية من عدة دول، من ضمنها 17 قطعة أثرية تنتمي للحضارة المصرية، ونظمت الدار أيضًا في وقت سابق مزادا لبيع 157 قطعة أثرية معظمها من مصر، منها رأس من الحجر الجيري للملك اخناتون كان سعرها ما بين 261 ألف دولار، و392 ألف دولار، وتمثال ثعبان حجر جيري من الدولة الوسطى، كان سعره ما بين 130.5 ألف دولار، و196 ألف دولار.
وفي نفس السياق أعلنت دار مزادات «دروو» الفرنسية منذ فترة عن مزاد لبيع قناع مومياء يعود للعصر البطلمي، وتراوح سعره بين 4.5 ألف دولار، و6.5 ألف دولار، بالإضافة إلى مجموعة تماثيل أخرى، كما نظمت دار مزادات بونهامز مزادا أيضًا لبيع مجموعة من الآثار اليونانية والرومانية، بالإضافة إلى المصرية والتي تضم أواني حجرية، تماثيل، تمائم، ومخطوطات بردية، ومنها تمثال نصفي لرجل، يؤرخ لعصر الدولة المتأخر، ويقدر ثمنه ما بين 52 ألف دولار و78 ألف دولار، ومخطوطة طويلة من البردي مكتوب عليها من الوجهين، مؤرخة للفترة البطلمية بمصر، ويتراوح سعرها بين 39 ألف دولار و65 ألف دولار، وجزء نصفي من تمثال يؤرخ لعصر الدولة المتأخرة، ويتراوح سعره ما بين 26 ألف دولار، و39 ألف دولار، وعرضت إحدى صالات المزادات في مدينة مانهاتن بالولايات المتحدة الأمريكية العام الماضي 3 قطع آثار مصرية للبيع، عبارة عن أجزاء من مومياء تتكون من رأس ويدين آدميتين كانت سرقت من وادي الملوك بالأقصر وتم تهريبها خارج مصر عام ١٩٢٧، واستطاعت وزارة الآثار بالتعاون مع الخارجية في استردادها.
ونظمت دار مزادات سوثبي في لندن مزادا لبيع مجموعة من الآثار اليونانية والرومانية، بالإضافة إلى خمس قطع مصرية، منها قطعة تم عرضها للبيع بسعر تراوح بين 104 ألف دولار، و156 ألف دولار، وهي قطعة من الحجر الجيري، تؤرخ لعصر الملك رمسيس الثاني،وقناع خشبي لمومياء تراوح سعره ما بين 32.5 ألف دولار، و45.5 ألف دولار،وتمثال من البرونز للمعبود أوزوريس، يؤرخ لعصر الدولة المتأخر تراوح سعره ما بين 32.5 ألف دولار، و45.5 ألف دولار.
وعن ادعاء صالة مزادات «كريستيز» خروج تمثال رأس الملك توت عنخ آمون من مصر بطريقة مشروعة، قال الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، إن «التمثال الذي باعته صالة كريستيز بلندن، مسروق من معبد الكرنك عام 1970، وهذه الرأس تمثل الإله آمون بوجه توت عنخ آمون، وهي لم تخرج من مقبرة الملك، فالقطع التي خرجت من المقبرة وعددها 5398 قطعة التي اكتشفها هوارد كارتر، لم يعثر فيها على أثر واحد من الحجر وخاصة أن الرأس من حجر الكوارتزيت».
وأشار «حواس» إلى أنه هناك 3 حلول لعودة رأس التمثال، أولها إقامة دعوى قضائية عن طريق السفير المصري في بريطانيا، والثاني، وقف البعثات الإنجليزية من العمل في مصر، والثالث عدم المشاركة في معرض توت عنخ آمون المقرر افتتاحه في نوفمبر المقبل بلندن، مشددًا على أن اجتماع اللجنة القومية لاستعادة الآثار المسروقة يجب أن يختار أحد هذه الحلول، خاصة وان صالة المزادات باعت رأس أشهر ملك في تاريخ الإنسانية.
وكشفت مؤخرا وثائق حكومية بريطانية أن تمثال «سخم كا» الذي باعه متحف تورثامبتون البريطاني لمشتر مجهول في يوليو 2014 متواجد الآن في الولايات المتحدة الأمريكية.
وباع المتحف التمثال المصنوع من الحجر الجيرى قبل 4 آلاف و500 عام في مزاد مقابل 16 مليون جنيه إسترليني لتنمية المتحف، ومع الزخم الذي رافق بيع التمثال والحملات المصرية ضد بيعه، قرر المشترى عدم الكشف عن هويته أو المكان الذي سينتقل إليه التمثال، لكن كشف ملف الصادرات الثقافية لعام 2014-2015 التابع لمصلحة الثقافة والإعلام والرياضة، أنه تم تسلم طلب لتصدير التحفة الفنية الأثرية، وتأجيل التصدير لأربعة أشهر ثم ثمانية أشهر أخرى حتى يتقدم مشتر آخر يعرض نفس الثمن ويبقيه داخل بريطانيا، ولكن تم إصدار رخصة التصدير لعدم تقدم جهة أخرى بالشراء، ويبلغ التمثال 75 سنتيمتر طولًا، ويمثل مفتش كتبة إحدى المحاكم المصرية وفى يده لفافة مفتوحة من البردي، وإلى جانبه تمثال أصغر لزوجته وهى تحتضن ساقه، وابنه إلى جانب ساقه الأخرى، و7 من حملة القرابين على جانبى وخلفية مقعده.
وكانت عائلة «سبنسر كومبتون» تبرعت بالتمثال للمتحف عام 1880، وكان الماركيز الثانى لنورثامبتون جلب التمثال إلى بريطانيا بعد رحلة إلى مصر قبل هذا التاريخ بثلاثة عقود، بحسب صحيفة الإندبندنت البريطانية، ويعد التمثال النادر ذو أهمية كبيرة للحضارة المصرية والحضارة الإنسانية بشكل عام، لكونه الأثر الوحيد المعروف الذي يضم شكل ثلاثى الأبعاد ونقوش بارزة وكتابة هيروغليفية في عمل واحد من الألفية الثالثة قبل الميلاد في مصر، بالإضافة إلى ندرة التماثيل التي تمثل عائلة بأكملها في المملكة القديمة، طبقًا لملف الصادرات البريطانية.
ومن جانبه قال شعبان عبد الجواد، مدير إدارة الآثار المستردة بوزارة الآثار: هناك صالات كبرى لبيع الآثار بالخارج أهمها: كريستيز في بريطانيا وسوثبي في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي من بلدان الأسواق، وهناك صالات مزادات في كل من: فرنسا وبلجيكا وإنجلترا والدنمارك وسويسرا، ويوجد مزادات في ألمانيا، ما هذا يجعلنا حريصين دائما على توقيع الاتفاقيات الثنائية لمنع تهريب الآثار.
«عبد الجواد» كشف أن «هناك خطة للتغلب على عرض وبيع الآثار في المزادات بالخارج وذلك من خلال توقيع الاتفاقيات الثنائية مع الاتحاد الفيدرالي السويسري، ما ساعدنا كثيرا في استرداد الآثار، وكذلك توقيع اتفاقيات ثنائية مع إيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا والأردن وقبرص واليونان والسعودية، ونعمل على توقيع اتفاقيات مع دول الجوار لوضع حزام حول مصر لتسهيل عمليات استرداد الآثار، ولذلك نسترد آثارا من دول كثيرة وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية التي نسترد منها آثارا سنويا»، وأضاف: نستهدف توقيع اتفاقيات مع الدول غير الموقعة على اتفاقية اليونسكو، وفي مجال استرداد الآثار لا نستطيع تغيير الماضي، ولكن يمكن تغيير المستقبل، وهناك خريطة تضم أكثر من 10 دول أغلبها بالاتحاد الأوروبي، كما نستهدف توقيع اتفاقيات ثنائية في مجال استرداد الآثار خلال السنوات المقبلة، والصين كانت لا توجد بها صالات لبيع الآثار، ورغم ذلك وقعنا معها اتفاقية ثنائية لاسترداد الآثار، وبعدها تم إقامة صالة لبيع الآثار بهونج كونج.
"نقلا عن العدد الورقي.."