صالح جودت يكتب: العمامة والطربوش
في مجلة المصور عام 1955 كتب الشاعر والكاتب صالح جودت مقالا قال فيه:
ظواهر جديدة في المجتمع المصرى هي دخيلة عليه بحكم تنوع الاستعمار المهيمن عليها في فترات سابقة.
وعندما جاءت ثورة 1952 ألغت العديد من المظاهر الدخيلة ومنها الألقاب والطربوش، وكذلك المحاكم الشرعية.. لا لتلغى الشريعة الغراء بل لتحتفظ بها وتحفظ عليها ما هى أهل له من التوقير والتبجيل.
وقد انعكس تغيير المحاكم الشرعية على إلغاء الطربوش والعمامة، لكن حدثت واقعة أن كان مفتى الديار المصرية مارا بطريق الكورنيش فإذا بالشباب يؤمونه بالغمز واللمز حول عمامته الجليلة.
لذلك نرى من الثورة ضرورة أن تحافظ على هذه العمامة، وهى رمز الشريعة والدين في عيون الناس ورمز عزتها وكرامتها عند الشعب، وأنا واثق أن هذا البعض من الناس لو عرف أن المار هو الشيخ الجليل.
لكن المهم أن يقتصر ارتداء العمامة على رجال الدين وشيوخه فقط، لكن كل من هب ودب أو يحاول أن يضفى على نفسه شيئا من الوقار أن يرتدى العمامة حتى أصبحت العمامة الآن مباحة لكل رأس مهما قل نصيبها من العلم أو العقل.
العمامة التي تقبع على رءوس أفاضل العلماء من رجال الأزهر وأئمة الشرع والورع والتقوى هي نفس العمامة التي تقبع على رءوس المتسولين من محترفى القراءة على أضرحة الموتى.
إن لبس العمامة حلال للعامل والتاجر ورجل الشارع دون أن تكون لأى منهم صلة بالدين، ولبس العمامة حلال أيضا للمجاذيب والأفاقين والدجالين الذين يجترحون كرامة الدين وراء أضرحة السيدة زينب والإمام الحسين وتقية أولياء الله الصالحين.
وفى الحانات والكباريهات نجد أناسا يضعون العمامة على رؤوسهم والكئوس في أيديهم والغانيات حول مجلسهم ويقال له بالعمدة.
إننا نطالب الثورة وهى في مرحلة التظهير والحفاظ على كرامة الدين أن تحظر وضع القمامة إلا على رأس الجدير بها، فلا يلبسها إلا رجال الدين الذين يحملون إجازة علمية من الأزهر ويمارس عمله كرجل دين.