عاطف فاروق يكتب: بلاغ مفتوح للمستشار هشام بدوي"قاضي قضاة المال".. سفريات بالجملة لـ"حبيبة عز" مستشارة وزير التعليم دون صفة وظيفية.. وتحميل مشروع الدعم الفني بدلات ونفقات السفر إلى دول أوروبا وآسيا
الجهاز المركزي للمحاسبات هيئة رقابية مستقلة، تتبع رئيس الجمهورية، مهمتها الرقابة على أموال الدولة والمال العام بكافة أشكاله، ومراقبة تنفيذ الموازنة العامة للدولة والموازنات المستقلة، ومراجعة حساباتها الختامية.
أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات هم قضاة المال في مصر، ولهم تاريخ حافل يجعلهم درة التاج بين الجهات الرقابية، ويقفون حجر عثرة في وجه كل من تسول له نفسه إساءة استخدام المال العام، أو الانحراف في استخدامه، ولا شك أن تبعية الجهاز لرئيس الجمهورية مباشرة، من شأنها دعم دوره الرقابى، وكفالة المزيد من التحرر والفاعلية في أداء رسالته.
يتوجه كاتب هذه السطور ببلاغ إلى المستشار هشام بدوي، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بوصفه قاضي قضاة المال، بشأن مخالفات مالية وإدارية جسيمة، وصارخة جرى ارتكابها داخل جدران وزارة التربية والتعليم، بموافقة المختصين بالحسابات ومندوبي وزارة المالية، ومراجعي الجهاز المركزي للمحاسبات، المعنيين.. وهذه المخالفات ترتب عليها إهدار ملايين الجنيهات من المال العام، وهي على النحو التالي:
صدرت قرارات وزارية بسفر "حبيبة أحمد عز الدين حسني" مستشار الوزير للتعليم الفنى والأمانة الفنية للاجتماعات إلى عدة دول خارج مصر، رغم كونها لا تشغل أي وظيفة عامة على درجة في الدولة، وليس لها أي مسمى وظيفي في الحكومة، بل هي في الحقيقة من آحاد الناس، ولا يتسع المقام لتقييم سبب وجودها وكفاءتها لشغل هذا المنصب فضلًا عن نشاطها السياسي المناوئ للدولة.
وجاءت هذه السفريات تحديا للمواد التاسعة (فقرة أ) التي تمنع سفر الموظفين أو إيفادهم لتمثيل الحكومة، إلا بموافقة رئيس الجمهورية، بعد عرض الأمر على وزارة الخارجية، وبالمخالفة للمادة العاشرة من اللائحة التي تحدد شروط صرف بدل السفر للموظف المنتدب إلى إحدى البلدان الأجنبية، وكذا بالمخالفة للمواد 15، و32 من ذات اللائحة، التي تنظم شروط السفر وصرف البدلات، وهو ما يكشف بجلاء خطورة قرارات الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم على المال العام، سيما وأن للوزير عشرات المستشارين، ولو تم ترك الأمر على مصراعيه لتكبدت خزانة الدولة مبالغ طائلة في وقت وجه فيه رئيس الجمهورية إلى ضرورة خفض النفقات.
وحتى لا يكون الكلام مطلق على عواهنه، نشير إلى القرار رقم 383 لسنة 2018 بشأن سفر "حبيبة أحمد عز الدين حسني" إلى إيطاليا للمشاركة في أحد المؤتمرات خلال الفترة من 21 إلى 23 نوفمبر 2018، وهو قرار غير معيب في حد ذاته إذ تضمن تحمل مؤسسة التدريب الأوروبية تكاليف الإقامة والسفر ولا تتحمل وزارة التربية والتعليم أية أعباء مالية، إلا أنه وبعد انتهاء المأمورية بنحو عشرين يوم صدر قرار آخر للسيد الوزير برقم 506 بتعديل القرار 383 باستبدال المادة المتعلقة بتحمل مؤسسة التدريب الأوروبية تكاليف السفر والإقامة ليضاف إليها تحمل مشروع الدعم الفني وتطوير الأداء الجاري العمل به بالوزارة كافة تكاليف البدلات اليومية التي لا تتحملها الوزارة.
وتكشف صيغة القرار أن هناك تكاليف تحملتها الوزارة، واخرى لم تتحملها، ومن ثم يتحملها مشروع الدعم الفني المشار إليه، وهذا فضلا عن الغموض الذي يكتنف قيمة تلك المبالغ، والمغالى فيها، إضافة إلى أن إحالة الصرف لمشروع الدعم الفني، هو بهدف إخراجه عن رقابة موازنة الوزارة.. وهنا، فإن سؤالا مهما يطرح نفسه: أليست أموال ذلك المشروع أموالًا عامة ويتعين أن يكون الصرف منه وفقًا لقواعد إنشائه؟
وعلى غرار قرار سفر (حبيبة أحمد عز الدين حسني) مستشارة طارق شوقي، صدرت قرارات أخرى عديدة عن وزير التربية والتعليم والتعليم الفني بسفرها، لعدة دول دون تحمل الوزارة أية أعباء مالية ومنها القرارات أرقام 24 لسنة، و304، لسنة 2018، بسفرها وآخرين لدولة اليابان، والقرار 491 لسنة 2018 بسفرها وآخرين إلى لندن في الفترة من 21 إلى 23 يناير 2019، بخلاف يومى الذهاب والعودة، وهو القرار الذي تم تعديل مادته الثانية بقرار الوزير رقم 14 لسنة 2019، ولا ندري هل صدرت قرارات لاحقة بتعديل القرارات الأخرى، بتحمل الوزارة أو المشروع المذكور أية أعباء مالية أم لا؟
والأعجب من كل ما سبق، في سفريات "حبيبة أحمد عز الدين حسني"، هو صدور قرار الوزير طارق شوقي رقم 432 لسنة 2018 بسفر المذكورة إلى ألمانيا منفردة في الفترة من 25 إلى 26 أكتوبر 2018 بخلاف يومي الذهاب والعودة على أن تتحمل الوزارة كافة نفقات السفر والإقامة، ضاربا بالقانون واللائحة المذكورة عرض الحائط.
ومن اللافت للنظر، أن اسم المستشارة المذكورة ورد في تلك القرارات، على أنه "حبيبة عز"، تارة، وحبيبة أحمد عز، تارة ثانية، وثالثة يكون اسمها حبيبة أحمد عز الدين، ورابعة حبيبة عز الدين حسنى.. فمن تكون "حبيبة" هذه التي تحار وزارة التعليم كتابة اسمها، ولماذا هذه الحيرة؟.. ربما على سبيل التمويه، أو لكونها دخيلة على الوزارة وليس لها سجل مقيدة فيه بشكل رسمي، كما أنها لم تحضر إلى الوزارة من جهة معلومة.
ولذلك، أطلب من المستشار هشام بدوي، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات شمول الموضوع الاهتمام الشخصي، حفاظا على المال العام، وقد يرى سيادته، إصدار تعليمات أو قرارات، بفحص كافة مستندات سفر "حبيبة أحمد عز الدين حسني" وتحديد المخالفات التي انطوت عليها ومحاسبة من يثبت تورطه في هذه المخالفات، وكذا السند المالي لما صُرف لها من مبالغ دون وجه حق، كونها من آحاد الناس.
وكذا فحص أعمال مشروع الدعم الفنى وتطوير الأداء، كون بابا خلفيا للمصروفات غير المرغوب في إعلانها وظهورها.. وسيادتكم بالطبع أول العارفين بالخطورة التي تمثلها المشاريع والصناديق الخاصة على موازنة الدولة وانعدام الشفافية.
وختامًا فإن سيادتكم على رأس جهاز عريق منوط به الدفاع عن مصالح الدولة وأموالها وأنتم أعلم بكيفية تقويم تلك الأوضاع المتردية والتي قدمنا لسيادتكم خيطًا رفيعًا منها من شأنه أن يكشف عن مخالفات أخرى أكثر جسامة، وكلنا ثقة أنكم حماة هذا الوطن.