30 يونيو..عندما يرفض الشعب وصاية العملاء
قبل الثلاثين من يونيو عام ٢٠١٣ بعدة أشهر تسلم الصحفيون العاملون بالميادين ملابس واقية من الرصاص، بعد استهداف عدد ليس بقليل منهم، من قبل مجهولين كنا نعرفهم جيدا، دربنا الشباب على التغطية الصحفية الآمنة، وعقدنا دورات تدريبية للعمل في الميادين، وكأن ميادين مصر تحولت إلى ساحات للاقتتال.. كان كل شيء غير آمن، كنا نخاف على أبنائنا وبناتنا وجيراننا وزملائنا.
كان الخوف عنوانا عريضا يسيطر على كافة المواقع، وكانت الجماعة الإرهابية التي اعتلت سدة الحكم تعيث في الأرض فسادا، كانت القرى تقع تحت سيطرة ميليشيات إخوانية تتحكم في كل شيء، تمنح الدقيق لبيوت، وتحرم منه أخرى، أنابيب الغاز يحرم منها كل من يقف ضدهم، كان الرعب هو الصورة الذهنية المسيطرة على الجميع، تحولت أقسام الشرطة إلى توابع للجماعة ورجالها، فمن أطاع بقي في موقعه، ومن أراد تنفيذ القانون غادر مكانه إلى مجهول.
رأيت بأم عينى فيديو لشباب الجماعة يحرقون كمينا للشرطة، والضابط المسئول يتوسل إلى المجرمين أن يحافظوا على ممتلكات الدولة، الضابط المسكين يسقط على الأرض، يقفز في ترعة مجاورة هربا من الموت، شرفاء من شعب مصر العظيم يتصدون للبرابرة الجدد، ويحمون الضابط، ويعلنون في القرى أن الإخوان قبيلة، ونحن جميعا قبيلة في مواجهتهم، صراع مجتمعى رهيب، انقسام مخيف يكاد يصل إلى حد الحرب الأهلية.
المسيحيون عليهم أن يدفعوا الجزية، فتاوى التكفير طالت الجميع، وكاتب السطور منهم، ممارسات التهميش والإقصاء بلغت حدا مفزعا، ما دون الإخوان خوارج يجب قتالهم ونفيهم، كتّاب مصر أصبحوا في مرمى رماحهم وسهامهم، صحفيو مصر أصبحوا مطاردين في بيوتهم وفي مقار أعمالهم، كان المشهد مريعا بعد أن ظن الإخوان أن الدنيا قد دانت لهم، وأنهم أصبحوا يملكون كل شيء، لم يفهم الإخوان طبيعة هذا الشعب..
وقالوا إنهم باقون في الحكم خمسة قرون، رضوا الخضوع للخليفة القابع في أنقرة، وابتنوا صلات جديدة شاذة مع جماعات إرهابية نالت من مصر، ولا تزال تمارس نفس النهج حتى يومنا هذا، تصوروا أن أمريكا هي السند وهي المستند، وصارت أخونة الدولة هي العنوان الأهم في أولوياتهم، فاعتلوا المناصب وطردوا الكفاءات، ونالوا من لُحمة المجتمع الأقدم في التاريخ.
ظنت الجماعة أن وقوف الإدارة الأمريكية ومساندة العدو الصهيونى لهم هو صمام الأمان، لم يعوا ولم يفهموا طبيعة هذا الشعب العظيم، قررت الجماهير مواجهة الخوف والرعب بأساليب حضارية شهد لها الجميع، جمعوا التوقيعات لإسقاط الجماعة الإرهابية، خرجوا إلى الشوارع، كتب الصحفيون في صحفهم، كشفوا عمالتهم للخارج، وقفت الفضائيات المصرية الوطنية موقفا شجاعا حتى حاصروا القائمين عليها في مدينة الإنتاج الإعلامي.
قاد نادي قضاة مصر بقيادة المقاتل الشجاع "أحمد الزند" حركة جماهيرية لاقت قبولا لدى الشارع، وقف كل مصرى غيور في وجه الظلم، وقفنا جميعا من أجل استعادة الوطن المسلوب، خرجنا بالملايين في الشوارع، وأصدرنا قرارا لا رجعة فيه، الشعب مصدر السلطات، ومن يقف ضد هذه الإرادة لا مكان له بيننا..
نجحنا في إنقاذ الوطن العربى كله من جماعة عميلة خانت كل شيء، خانت الدين، والقيم، والأخلاق، والتاريخ، قررنا فكانت ثورتنا التي أعادت للوطن العربى كله هيبته ومكانته، خرجنا فكان خروجنا ثورة عظيمة ضد الظلم والطغيان والاحتلال!!