ماءءء ماءء.. الإخوان شرفاء
إلى متى سيظل هذا الشعب يفكر بعواطفه؟.. فمنذ ثورة 23 يوليو انهالت الأكاذيب لتشويه صورة الملك فاروق لتعظيم دور الثوار، وتفخيم شخص جمال عبد الناصر فى قلوب أبناء الشعب، ومساندة الشعب للثورة.. فكانت الرشوة السياسية التى قدمها جمال عبد الناصر بتوزيع أراضى الأثرياء على الفلاحين المعدومين، وتم تصوير هذا تليفزيونياً.. وخرجت إلينا الأغانى لتعظيم الزعيم فى عيون الشعب مثل أغنية "فدادين خمسة.. خمسة فدادين".
فلبناء مجد شخصى بدأ انهيار اقتصاد مصر بالكامل، وكان سبب ما آلت إليه الزراعة والصناعة فى وقتنا الحالى من انهيار واختفاء الذهب الأبيض(القطن طويل التيلة)، وغيرها كثير مع بدء انهيار الجنيه المصرى والاقتصاد، إلى أن وصلنا لما نحن فيه الآن، لأن الاقتصاد حلقات متصلة مع بعضها تزيد من قوته إذا أحسن استعمالها ويختنق إذا أُسيء استخدامها.. ومع ذلك، لكل عصر منتفعون يهللون ويمجدون بما نالوا من منفعة.
بالطبع أنا لا أعيب فى جمال عبد الناصر، بل أقدره أشد تقدير لإنجازاته العظيمة التى لامجال فى مقالتى لحصرها، وهى على سبيل المثال لا الحصر تأميم قناة السويس، وكانت من أهم إنجازاته، ولكن يجب أن نحكم على من يتولى شئون بلدنا من كل زويا وجهات النظر بحيادية تامة من غير عواطف، وبالعقل وبالحسابات، ونعطى كل ذي حق حقه، ونعتبر رئيس الجمهورية موظفا مؤقتا لدى الشعب.
وأمقت أشد المقت أن تنتسب فئات من الشعب بشخص بعينه، ويتسمون بكنيته مثل "الناصريون" وغيرهم.. ياسادة، مصير الشعوب لاتحكمه الأهواء والعواطف ولكن يُحتكم بالعلم والخبرة التى يغلفها الوضوح والشفافية.
وجاء حكم السادات، وأنا واحد من هذا الجيل الذى يقدر عقلية هذا الرجل فى استرداد أراضينا المحتلة بانتصاره فى حرب الكرامة والعزة فى 1973 من القرن الماضى.
ورغم أخطائه وبعض حساباته الخاطئة، منها الاستعانة بالإخوان المسلمين للقضاء على الشيوعيين فى مصر، وكذلك الانفتاح الذى كان يريد به أن يلمس الشعب انفراجة العيش، فقد كانت لها مميزات وعيوب يجب الاعتراف بها، وهو وحده الذى دفع ثمن قراراته..
فتحية عظيمة لهذين الرجلين جمال عبد الناصر والسادات، فهما بطلان حتى لو أخطآ، فتلك مراحل، وكل مرحلة تفرض على الرئيس قراراتها، ولا يمكن الحكم على تلك المراحل بالمقاييس العصرية الآن فكل مرحلة لها مقاييسها.
ولن أتكلم عن عصر حسنى مبارك، فله منى أيضا تحية لإنجازاته وبطولاته وسامحه الله فى أخطائه.
حتى وصلنا إلى عصر الإخوان الذين ظلوا طيلة حياتهم يشوهون الحياة السياسية، وهم فى مخابئهم، ويحلمون بالسلطة حتى أتت لهم الفرصة، فتمسكوا بها باستماتة، ومناصروهم وأتابعهم الذين شُكلت عقولهم داخل مدرسة الإخوان على السمع والطاعة، فشىء طبيعى أن يتفانوا دفاعاً عنهم فى الحق والباطل.
هذا إن استطاعوا التفريق بينهم، وأتباع الأتباع يناهضونهم من أجل القدسية المُضفاة على الرئيس وصفاته الربانية وبركاته التى يروجون عنها والتى هى سبب فى زيادة القمح، وستكون هى أى البركات، سببا فى نهضة الأمة، ونسبوا إلى أنفسهم أنهم حماة الدين وحماة الإسلام، فكيف لايسيرون وراءهم وباستماتة، وهم يَنفُضون عن أنفسهم سوء تقديراتهم للأمور وفضائحهم على غيرهم، بحجة أن غيرهم هذا يريد أن يطفئ نور الحق، فحيا على الجهاد، وبرغم عدم وجود بطولات سابقة فى تاريخهم إلا أنهم أقنعوا أنصارهم ببطولات زائفة.
فإلى متى سنظل نسير وراء الكلمات والأكاذيب مثل قطيع الخراف، ونحتكم للعواطف فقط، والتى تُكذب أعين الحق، ونسير وراء المظاهر وليس الأفعال والنتائج، ويصبح عدونا من خالف وجهة نظرنا، فيكون الإخوان شرفاء حتى لو خانوا، وصادقين حتى لو كذبوا، ووطنيين حتى لو باعوا مصر.. والشماعات جاهزة فى يدهم لتعليق فشهلم عليها.. فلكِ الله يا مصر.