رئيس التحرير
عصام كامل

ألمانيا على صفيح ساخن.. "اليمين المتطرف" خطر متزايد تريد الحكومة مكافحته.. وزير الداخلية يؤكد ضرورة تتبع الشبكات وإحباط جرائمها.. أصابع الاتهام تتجه لحزب البديل.. وسياسيون: يجب تشديد قبضة دولة القانون

فيتو

هزت جريمة قتل سياسيّ محلّي مؤيد لاستقبال اللاجئين على يد يميني متطرف، الأوساط السياسية في ألمانيا، لتدق الحكومة ناقوس الخطر من أجل مكافحة التطرف اليميني، خصوصًا بعد تقرير أمني تحدث عن زيادة عدد المتطرفين اليمينيين.

ويبدو وزير الداخلية الألمانية هورست زيهوفر منهكًا وشاحبًا هذه الأيام، وقال الوزير في البرلمان الألماني "بوندستاج" بحديث عن جريمة اغتيال السياسي المحلي فالتر لوبكه: إنها "تهز مشاعره".

وكان لوبكه، الذي شغل منصب رئيس المجلس المحلي لمدينة كاسل الألمانية، اغتيل برصاصة متطرف يميني في مطلع يونيو 2019، بدوافع سياسية، وكان لوبكه معروفًا بتأييده لسياسة استقبال اللاجئين.

جريمة اغتيال لوبكه هزت الكثيرين في ألمانيا، ويشعر السياسيون بالقلق حيالها، كما يناقشون مسألة الاستهانة بخطر اليمين المتطرف، كما يرى كثيرون.

وناقش البرلمان الألماني في جلسة خاصة تداعيات اغتيال لوبكه، ولم تكن المعارضة هي التي دعت إلى تلك الجلسة، بل الحكومة التي تريد أن ترسل إشارة بهذا الشأن، قد يعبر عنها عنوان النقاش الذي كان: "من أجل حماية ديمقراطيتنا – ضد الكراهية والعنف اليميني المتطرف".

مكافحة شبكات اليمين المتطرف
كان وزير الداخلية المتأثر أول من تحدث في الجلسة، وقال إنه يريد اتباع إستراتيجية "عدم التسامح مطلقًا" مع شعارات الكراهية ومعاداة السامية ومعاداة الأجانب، واصفًا التطرف اليميني بـ"الخطر الكبير"، كما دعا إلى عدم استخدام أي لغة "تفضي إلى الكراهية والعنف"، وقد تم تكرار هذه الدعوة مرارًا وتكرارًا خلال هذا اليوم في برلين.

أصابع الاتهام تتجه إلى حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، حيث تتهمه جميع الأطراف الأخرى بالمساهمة في خلق بيئة للصراع، وذلك من خلال خطابه الشعبوي ومنشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى تهيئة المناخ للمتطرفين اليمينيين (للقيام بجرائم) من خلال التشهير بالديمقراطيين النشطين.

لكن المتحدث باسم السياسة الداخلية لحزب البديل، جوتفريد كوريو، دافع عن حزبه ضد جميع الاتهامات الموجهة إليه بالقول: "أوقفوا اتهامات التحريض".

إلا أن خبيرة السياسة الداخلية في حزب اليسار، مارتينا رينر، ترى أن الوقت قد حان "للتعامل بشكل جديد مع المحرضين اليمينيين"، مشيرة إلى أنه تم الاستهانة بخطر "الإرهاب اليميني" لمدة طويلة، ولم يكن يتم الحديث سوى عن "أفراد مجرمين"، وأضافت رينر: "لا يوجد مجرمون منفردون (في الجرائم من هذا النوع).. يجب أن نكافح ضد الشبكات".

تشديد قبضة دولة القانون
ليس في البوندستاج فحسب يتم تناول مسألة الخطر اليميني في ألمانيا، فبالإضافة لما قاله وزير الداخلية هورست زيهوفر في البرلمان بعد الظهر، كان الوزير كشف عن الأرقام الواقعية التي تعبر عن الخطر اليميني، وذلك من خلال تقديم التقرير السنوي لهيئة حماية الدستور (المخابرات الداخلية).

ومن خلال تقرير هيئة حماية الدستور، تحدد الدوائر الأمنية الأطراف التي تشكل خطرًا على ألمانيا والمواطنين الألمان، وأوضح زيهوفر أن "العام 2018 أظهر مجددًا أن التهديدات التي يواجهها مجتمعنا المنفتح أصبحت أكثر تنوعًا وتعقيدًا"، وأضاف: "سأبذل قصاري جهدي، وهذا يعني أنني سأدرس جميع الخيارات والإمكانيات، ليس فقط من حيث الشكل، بل بهدف تشديد قبضة دولة القانون".

وكشف التقرير عن ارتفاع عدد المتطرفين اليمينيين مرة أخرى، مقارنة بالعام الماضي، وأشار زيهوفر إلى أن عددهم بلغ ذروة جديدة، حيث وصل عام 2018 إلى 24100 شخص، بزيادة 100 شخص عن عام 2017.

وبحسب الوزير فإن نصف المتطرفين اليمينيين "لديهم استعداد للقيام بأعمال عنف"، مشيرًا إلى أن "الأرقام تبعث على القلق" وتشكل "تهديدًا خطيرًا".

إشارة إنذار
وينتمي إلى الأعداء المتخيلين لليمينيين المتطرفين كل من الأجانب وطالبو اللجوء والمسلمون، بالإضافة إلى السياسيين، وقد حذر زيهوفر من أن اغتيال لوبكه يشكل "إشارة إنذار" للنظام الأساسي الحر والديمقراطي في البلاد، معلنًا عن بذل المزيد من الجهود ضد الخطر اليميني. وقد وعد الوزير على القناة الألمانية الأولى بالقيام بمزيد من التحقيقات فيما يتعلق بحادثة اغتيال لوبكه، والتحقق فيما إذا كانت هناك شبكة أو مشتركون في الجريمة وراءها.

وفقًا لتصريحات الادعاء العام لا توجد حتى الآن مؤشرات على وجود شبكة يمينية في جريمة قتل لوبكه، رغم الاعتقالات الأخيرة المتعلقة بهذا الشأن، فبالإضافة إلى مرتكب الجريمة الذي اعترف بها، اعتقلت الشرطة رجلين آخرين يخضعان للتحقيق حاليًا، حيث يشتبه بأنهما قدما المساعدة لمرتكب الجريمة في شراء السلاح، ووجدت الشرطة سلاح الجريمة في أحد المخازن إلى جانب مسدسات وبنادق أخرى، وكان شتيفان إرنست، مرتكب الجريمة، قدّم معلومات حول مخبأ الأسلحة، ولا تفترض السلطات المختصة حتى الآن أن إرنست والرجلين المعتقلين حديثًا قد شكلوا جماعة إرهابية يمينية.

الكراهية على الإنترنت
وبعد جريمة اغتيال لوبكه أراد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أن يرسل إشارة ضد اليمين المتطرف، ومن خلال الهاشتاغ "#DonnerstagderDemokratie" (خميس الديمقراطية) دعا الوزير الذي ينتمي إلى الحزب الاشتراكي إلى الإشارة إلى السياسيين المحليين والمتطوعين الذين يتعرضون باستمرار للكراهية والتحريض على الإنترنت.

وقال ماس في القناة الألمانية الأولى متحدثًا عن الجريمة: "هذا غير مقبول"، مشيرًا إلى أنه قام بدعوة جميع الكتل البرلمانية إلى المشاركة في هذه الحملة.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية