نجيب محفوظ يصف الطريق لمواجهة التطرف
في مجلة الإذاعة عام 1960 وأعادت نشره مجلة نصف الدنيا عام 2014 كتب الأديب نجيب محفوظ مقالا قال فيه:
الفكر المتطرف في بلادنا قديم، وهو يرفض كل جديد مما بشرت به الحضارة الغربية، كذلك فإن الفكر الحديث تاريخ لا يستهان به، وهو يعمل على بناء دولة عصرية متخذا من الحضارة الغربية قدوة يسترشد بها، كما أن الفكر المتطرف يدعى أنه الممثل الحقيقى للدين والفكر الحديث يؤكد أنه هو الممثل الحقيقى للدين الحق.
ويشهد التاريخ أن العلاقة بين الفكرين علاقة عكسية، فكلما قوى أحدهما ارتفع صوته وانتشر أثره.. والعكس صحيح.
وكان وما زال الحكم بين الفكر الحديث على تفاوت في درجات الحداثة بين فترة وفترة، كذلك تفاوتت فترات حكمه بين الصعود والهبوط، ففى فترات صعوده انجازات ثورة 1919، وإنجازات العهد الأول لحكم عبد الناصر ونصر أكتوبر وتحرير أرض الوطن.
ومن فترات تدهوره حريق القاهرة وما أعقبه من التخبط الملكى و5 يونيو والانفتاح العشوائى والأزمة الاقتصادية والفساد.
وعند كل صعود يخفت صوت التطرف الدينى وعند كل هبوط يرتفع صوته ويتحول إلى العنف.. من أجل ذلك فالتصدى الناجح للعنف لا يتم إلا بالعمل الشامل.
أما المقاومة الأمنية والدعاية الفكرية فهما ضرورتان حقا، ولكنهما ــــ وحدهما ـــ لا تجديان، ولا بد من العمل الشامل بكل قوة وإصرار.. العمل الذي يتضمن الإصلاح السياسي والاقتصادى والاجتماعى والثقافة معا.
إن الحرية والعدل والبناء والتعمير والتطهير من الفساد والسلبية، وانه التطلع إلى المستقبل بعقل يضيئه العلم، وقلب يعمره الإيمان.