رئيس التحرير
عصام كامل

حاكموا "محمد دياب"!


يهاجم "محمد دياب" المخرج والسيناريست الأوضاع في مصر صراحة وضمنا بشكل تقريبا لا يتوقف، ويؤيد "محمد دياب" سابق الذكر "أبو تريكة" بمناسبة وبدون.. ويؤلف ويخرج فيلما أشادت به وكتبت عنه مجلات "سكرين انترناشيونال" و"فارايتي" وموقع "هوليوود ريبورتر" ويختار الفيلم لافتتاح إحدي مسابقات مهرجان كان..


ولم نهاجمه لا في الأولى ولا في الثانية ولم نناقش الثالثة وأسبابها.. هو حر في صفحته وما يكتبه فيها وما يخرجه ويؤلفه.. لكن الذي ليس من حقه أن يحرض على منتخبنا الوطني وعناصره.. ويقول حرفيا "الناس الكتير اللي محبطة من اللي حصل في موضوع وردة، لسه عندنا كتير نقدر نعمله. من أول مقاطعة المنتخب، لغاية إننا نروح الإستاد ونشجع ضدهم (وردة واللي أيدوه)"!!

ويقول: "لو في مصر وردة يقدر يهرب من العقاب، فاليونان اللي بيلعب فيها وإنجلترا -اللي بيلعب فيها اللاعيبة اللي إيدوه- بلاد مبتتسامحش في التحرش، في أوروبا القصة بتفاصيلها الواضحة لما تتعرف بقوة السوشيال ميديا، مية في المية هتأثر في كاريرهم وهتشوفوا وردة فريقه بيسرحه"!

ويقول: "شخصيًا قررت أن الموضوع ده هيبقي ٦٧٨ الجزء التاني، عشان لما صلاح والمحمدي يلاقوا اسمهم في كل مهرجانات العالم وجرايد العالم الفنية مربوط بأنهم أيدوا متحرش يبقوا يعرفوا إن الله حق، وكل شخص مشهور هيفكر يشاركنا أفكاره الرجعية المدمرة يفكر ألف مرة"!

 بهذه العبارات التي وردت على صفحته الشخصية على "فيس بوك" والتي تناولتها صحف ومواقع عديدة منذ الأمس دون أي نفي أنها صفحته أو أن اختراقا حدث لها نكون أمام تحريض علني وصريح لا علاقة له لا بحرية الرأي ولا بحرية التعبير ولا بأي شيء غير حشد الناس ضد مؤسسة من مؤسسات الدولة (اتحاد الكرة) وإرهاب لاعبي المنتتخب، في ظل آمال معقودة عليهم لإسعاد الملايين في مصر والوطن العربي، فضلا عن تعارض ما يدعو إليه مع قيم الانتماء للوطن، ولا لمجهود كبير وأسطوري بذل لإنجاح بطولة يشاهدها العالم، وفي مقدمتها المنتخب المصري كما أنه يتوعد ممثلي مصر في اللعبة الشعبية الأولى بتعقبهم وتشويههم بفيلم جديد يريد إنتاجه!!

"محمد دياب" -المذكور أعلاه- بخلاف إهانة المشاعر الوطنية اغتصب بنفسه صلاحيات جهات التحقيق، وفي قضية مخلة بالاعتبار، دون أن يستدعي أطرافها أو الاطلاع على ملابساتها، ودون التأكد من صحة أدلتها، ثم قرر أن "وردة متحرش" رغم أن التحرش له شروطه، وقدم عنه هو نفسه فيلما، ويعرف أنه لا يتحقق إلا بعدم رضا أحد طرفي العلاقة! أي إن الفرق كبير بين التحرش والفضح للابتزاز أو للانتقام!

كان يمكن لـ"دياب" -سابق الذكر- أن تتوقف حملته على وردة أو حتى على "صلاح" أو هما معا، ولا تنصرف إلى المنتخب كله.. الذي يمثل مصر كلها وخلفها ملايين العرب، والذي أنفق عليه من مال الشعب الملايين، ليمثلنا في البطولة التمثيل الأمثل.. وكان يمكنه وهو الفنان المنتمي للوسط الفني وشعاره وشعارهم الأساسي أن الحياة الخاصة مصانة ولا علاقة لها بالعمل العام ما لم تتعرض للمال العام وأمن المجتمع، أن يتخلي عن هذا المبدأ بشرط احترام جهات التحقيق، وإقرار مبدأ "أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته"..

وان هناك فرقا بين الإدانة والعقاب الإداري الذي قامت به إدارة المنتخب، وهي أصلا مخطئة وخضعت للابتزاز إذ كان ينبغي عليها إجراء تحقيق داخلي تعلن تفاصيله بعد انتهاء البطولة أو يؤجل بالكامل لما بعد انتهائها ومعاقبة المخطئ (وقد دعونا لذلك بالمناسبة في مقال سابق ولم نبرئ أحدا كما لم ندن أحدا)!

إلا أن "دياب" يأخذ على عاتقه الانتقام من المنتخب كله، رغم أن المنطق يقول مثلا إن خطأ ضابط شرطة لا يبرر حملة ضد الشرطة كلها، وخطأ طبيب لا يمنح المبرر للدعوة للانتقام من الأطباء، وان انحراف قاض لا يعني أن نحشد ضد القضاة، وهكذا إلا أن كان في الأمر "إن"!

حاكموا "محمد دياب".. هذه الفوضي -غير الموجودة في أي مكان بالعالم- في التحريض والحشد النفسي والجماهيري ضد مؤسسات رسمية، وضد منتخب يؤدي الآن مهمة مقدسة يجب أن تتوقف.. وفي القانون ما يوقفها!

أما نقابة السينمائيين.. فلا أيقظ الله لها نائما، ولا استفاقت من غيبوبتها العميقة!
الجريدة الرسمية