متى تتوقف الشائعات؟ (2)
في الأسبوع الماضي كتبت عمن يطلق الشائعة ويستفيد منها، سواء لأغراض سياسية أو تجارية.. ولكن هل يمكن إيقاف الشائعات وتقليل التأثير السلبي للأخبار الكاذبة المنتشرة عبر المواقع الاجتماعية؟
الإجابة في أحيان كثيرًا ستكون "نعم" يمكن إيقافها، عبر آليات عمل متعددة، منها تقليص أعداد الحسابات الوهمية التي يستخدمها أصحاب المصالح، باعتبارها لجانا إلكترونية تساهم في نشر معلومات كاذبة.. كذلك إلغاء الصفحات المزيفة التي تنتحل صفات المشاهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بالتوازي مع توثيق الحسابات للمؤسسات الرسمية والشخصيات العامة، وبالتالي تجفيف أحد منابع الشائعات، وهي الصفحات غير الرسمية التي يستغلها أصحابها في الترويج لأكاذيب، على لسان فنانين أو رياضيين أو بنشر تصريحات غير دقيقة عن إحدى المؤسسات.. كذلك الرصد والمتابعة والإغلاق للصفحات التي تُستخدم في الترويج لتوجهات تدعم الجماعات الإرهابية.
هذا الدور يمكن أن تؤديه جهات معنية بالدولة، على رأسها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، عبر التواصل مع إدارات هذه المواقع، فمصر بحجم سكانها والأعداد الضخمة لمستخدمي هذه المواقع تعد سوقا مهما لا تستطيع هذه المواقع الاستغناء عنه.
تكمن أهمية التقليل من الشائعات السلبية التي تتناول مؤسسات الدولة كونها تصنع صورة ذهنية مغلوطة عنها، وتبدد بالتالي أي جهود عمل مبذولة، وذلك في الوقت الذي تحولت فيه مواقع التواصل الاجتماعي إلى عبء على معظم المكاتب الإعلامية للمؤسسات الرسمية بالدولة، والتي أصبحت في سباق "نفي" تحاول خلاله إقناع الجمهور بأن ما يتم تداوله بشأنها غير صحيح.
بالتوازي مع تجفيف منابع الشائعات سواء بغلق الحسابات الوهمية أو توثيق التواجد الرسمي للصفحات والحسابات الخاصة بالجهات الرسمية المختلفة والشخصيات العامة، سيكون علينا المطالبة بتفعيل القوانين التي تواجه جرائم نشر الشائعات، خاصة تلك المتعلقة بالأمن القومي أو المؤثرة على الأمور الاقتصادية.
جانب التوعية والتثقيف أيضًا له دور مؤثر في التقليل من تداول الشائعات، لذلك سيكون من المفيد أن تدرس وزارتا التربية والتعليم والتعليم العالي أهمية وضع بعض الدروس داخل مقرراتها، تتناول خطورة الشائعات على الأمن القومي، وكيف يمكن أن تؤدي لأضرار سياسية واقتصادية واجتماعية، بجانب الحاجة لحملات توعية تتبناها وزارة الثقافة عن خطورة الشائعات، وأهمية البحث عن المعلومة من مصادرها الرسمية.
أما الفضائيات والجرائد والإذاعات فهي قادرة أيضًا على المساهمة في مواجهة الشائعات والأخبار المزيفة، عبر زيادة المساحات المخصصة للحديث عن الشائعات المنتشرة وتفنيدها ومواجهتها بالمعلومة والدليل، بجانب العرض الدائم للمعلومات الصحيحة، لأن غيابها يعني صناعة بيئة خصبة لصناعة الشائعة.. والحديث عن الأمر مستمر ويمكن استكماله في مقالات أخرى.