رئيس التحرير
عصام كامل

بطل في عمق البحر.. قصة ضابط روسي أنقذ العالم من الدمار الشامل

فيتو

في 27 أكتوبر عام 1962 نصب الاتحاد السوفييتي سرا قواعد لصواريخ نووية في كوبا، هدفها ضرب الولايات المتحدة الأمريكية عن قرب حال تطلب الأمر ذلك، واكتشفت المخابرات الأمريكية تلك القواعد، وبات العالم على وشك اندلاع حرب نووية عالمية يمكنها أن تدمر كل شيء.


أزمة الصواريخ

أزمة الصواريخ الكوبية.. الاسم العلمي للمواجهة التي استمرت 13 يومًا بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، بعد اكتشاف واشنطن لانتشار الصواريخ الباليستسية السوفيتية في كوبا.

وكانت هذه الأزمة التي عرفها الجميع، الأقرب إلى الحرب النووية الشمالية، حيث حرص الجيش الأمريكي على العمل بكل طاقته، وجند كافة طاقته وفرض حظرًا بحريًا على كل السفن التي تقترب من كوبا، ولسوء الحظ كان هناك غواصة نووية روسية في عمق البحر اقتربت من المنطقة دون العلم بماهية الأحداث التي تجري في المنطقة وتعرضها للضرب.

صافرة إنذار

في أكتوبر 1962، قامت مجموعة من 11 مدمرة تابعة للبحرية الأمريكية وحاملة الطائرات "يو إس إس راندولف " بتحديد موقع الغواصة السوفيتية "بي -59" بالقرب من كوبا، وأسقطت عليها عبوات متفجرة، لكن ما جعل الأمر أكثر خطورة هو أن صافرة إنذار داخل الغواصة أطلقت لتعلن إطلاق صاروخ نووي أمريكي على الأراضي السوفيتية وتكرر الأمر أكثر من مرة.

بطاريات منخفضة

وانقطع الاتصال من قبل موسكو لعدة أيام، على الرغم من أن طاقم الغواصة كان في وقت سابق يلتقط إشارات الراديو، فقد أصبح الآن عميقًا جدًا في مراقبة أي حركة مرور، وأصبحت البطاريات على متن السفينة منخفضة جدًا ولا يمكنها تشغيل أي شيء حتى تكييف الهواء، مما جعل طاقم الغواصة يعاني من إرهاق شديد خوفًا من موت محقق.

فقد الاتصال

اعتقد طاقم الغواصة أن الحرب العالمية الثالثة بدأت، ولم يكونوا قادرين على الاتصال بالقيادة بسبب العمق، فقام الطاقم بتجهيز الصواريخ النووية لضرب الأهداف الأمريكية، وقاموا بالتصويت على القرار، حيث إن البروتوكول العسكري بتطلب موافقة قادة الغواصة الثلاثة، وبالفعل تم التصويت ووافق اثنان بينما رفض فاسيلي أرخيبوف، وأقنع الآخرين في وقت لاحق على السطح الفرعي والعودة إلى المياه السوفيتية.

قوة ملاحظة

فاسيلي لاحظ أن الرادار لم يسجل إطلاق صواريخ رغم انطلاق الإنذار، لهذا قرر اعتباره إنذارا خاطئا، وتبين لاحقًا أن الإنذار الخاطئ نجم عن عطل في القمر الاصطناعي الذي اعتبر انعكاس أشعة الشمس على غيوم مرتفعة بمثابة إطلاق صواريخ، ولو وافق وسار على قرارات أصدقائه بالضربة لاشتعلت الحرب العالمية الثالثة، وأطلقت أكثر من 5500 قنبلة واختفت آلاف المدن من على وجه الأرض مثل موسكو وواشنطن ولندن وباريس.

تكريم ميت

لم تظهر الجهود الشجاعة التي بذلها فاسيلي حتى عام 2002، في أعقاب مؤتمر تم فيه الكشف عن تفاصيل الحدث في أرشيف الأمن القومي بعد وفاته في عام 1998، بعد أن عرض نفسه لإشعاعات نووية لإنقاذ غواصة، وكانت تلك الجرعة من الإشعاعات هي سبب موته، وتم تكريمه بالتالي على جائزة "مستقبل الحياة" من قبل معهد مستقبل الحياة ومقره الولايات المتحدة، والذي يهدف إلى معالجة التهديدات التي يتعرض لها الإنسان، والتي قدمت جائزة مادية قدرها 50 ألف دولار لأحفاده إيلينا وسيرجي في معهد الهندسة والتكنولوجيا.

اقرأ ايضًا: قصة بطل فخخ نفسه أمام دبابات العدو في حرب أكتوبر


قلق أمريكي

وفي عام 2017: "رغم اختلاف الروايات حول ما حدث على متن الغواصة B-59، فمن الواضح أن فاسيلي وطاقمه يعملون في ظل ظروف التوتر الشديد والمصاعب البدنية، كان الرئيس [جون ف. كينيدي] قلقًا للغاية من احتمال حدوث صدام بين السفن الحربية الأمريكية والغواصات السوفيتية في منطقة البحر الكاريبي، ومن الواضح تمامًا أن مخاوفه كانت مبررة، لكن الحظ حالفهم بأن انتهت أزمة الصورايخ دون عواقب وخيمة، وأعتبر قرار فاسيلي من أهم القرارات في تاريخ البشرية.

الجريدة الرسمية