رئيس التحرير
عصام كامل

فتوى جواز تناول أطعمة تحتوي على الكحول تثير أزمة.. "الإفتاء": يجوز بنسب معينة.. رجعنا إلى المتخصصين.. مسموح بذلك في الدول الغربية فقط.. كريمة: الخمر محرم بالإجماع ولو كان مقدار "قطرة" في سن إبرة

دار الإفتاء المصرية
دار الإفتاء المصرية

حالة من الجدل أثارتها الفتوى التي صدرت من دار الإفتاء حول جواز تناول المأكولات التي تدخل الكحوليات في تكوينها بنسب معينة.

بداية الأزمة


الأزمة بدأت عندما كان الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي لمفتي الجمهورية وأمين الفتوى بالدار، يرد على أسئلة المواطنين عبر تقنية "البث المباشر" الذي تقدمه الدار عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، وكان سؤال أحد المواطنين عن "بعض الأحوال التي يضاف فيها الكحول لبعض الأطعمة بنسب مختلفة في بعض البلدان التي يصعب خلو الطعام فيها من الكحول تمامًا"

وقال "عاشور": إن نسبة الكحول، يجب أن لا تتعدى 0.02%، وذلك في حال الضرورة وعدم وجود أطعمة أخرى لا تحتوي على كحوليات، ونوه بأن هذه النسبة لا تُسكِر مطلقا.

وأضاف في رده على السؤال، إلى أنه "لا يجوز ذلك في كل الحالات، بل فقط في حال السفر إلى الدول الأجنبية وعندما لا يكون متوفرا غير ذلك من الطعام والشراب، حيث إن الأصل في الإسلام، الابتعاد عن الكحول، لكن لو كان الأمر ضروريا فلا مانع".

حالة هجوم

وبعد هذه الفتوى نقلت بعض المواقع والصفحات بالخطأ عن الدار أنها بذلك تجيز تناول المسكرات بشكل عام، وهو ما تسبب في حالة هجوم عبر صفحات مواقع التواصل على الدار.

توضيح الصورة

الأمر الذي دفع الدار للخروج بتوضيح هام عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" قالت فيه: إن ما نسب إلى دار الإفتاء المصرية من إباحة تناول الخمر ليس صحيحًا جملة وتفصيلًا؛ وأشارت إلى أنه من المعلوم أنه من المُجمع عليه بين المسلمين تحريم تناول الخمر شرابًا، وكذلك تحريم إدخاله في الأطعمة.


وأوضحت الدار أنه قد ورد سؤال عن بعض الأحوال التي يضاف فيها الكحول لبعض الأطعمة بنسب مختلفة في بعض البلدان التي يصعب خلو الطعام فيها من الكحول تمامًا.

وأضافت "الإفتاء" أنه وبما أن الكحول عنصر داخل في تركيب كثير من السوائل كبعض الأدوية مثلًا لجأنا إلى المختصين لبيان النسبة التي بها يصير السائل خمرًا أو مسكرًا فلا يسمح بتناوله ولا بإضافته للمطعومات، وإذا لم يصل إليها فإنه لا يصير خمرًا ولا يسكر، وكان جواب المختصين على ما ورد في الفتوى، مؤكدًا أنه إذا استطاع المسلم ترك ما فيه أية نسبة من الكحول كان ذلك أفضل وأحوط.

تأصيل المسألة

من جانبه حرم الدكتور أحمد كريمة، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر الشريف، تناول المُسكرات بكافة أشكالها وأنواعها ومقدارها.

وقال: إنه ورد في الكتاب العزيز قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، وقال النبي-صلى الله عليه وسلم- "ما أسكر كثيره فقليله حرام"، وعليه فإن أي شراب أو طعام أو غير ذلك من وسائل التعاطي يكون داخلا فيه الخمر فإنه يحرم منها ولو "قطرة" في سن إبرة، وعليه يكون محرمًا تناول المسكرات بكافة أشكالها وأنواعها ومقدارها.


وأضاف "كريمة" في تصريحات خاصة لـ"فيتو"، أن ذلك التحريم يندرج سواء كانت تلك المسكرات بمفردها أو خلط أو أضيف إلى الطعام أو الشراب، لافتا إلى أن على المرء أن يؤسلم أوضاعه وأن يجتهد في البحث عن البدائل من الأشياء الحلال، وأنه يجب على المسلم أن يبتعد عمّا حرم الشرع مثل المسكرات أو أكل لحم الخنزير مهما كانت الدوافع لذلك، وأن يجتهد في البحث عن بديل حلال لذلك.

وأوضح أنه ورد في قوله تعالى : "وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ"، مشددًا على أنه حتى وإن كان هذا المسكر فيه علاج للشخص فعليه الابتعاد عنه والبحث عن بديل لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- "ما جعل الله دواء أمتي فيما حرم عليهم"، موجهًا رسالة إلى المسلمين الذين يعملون في الدول الغربية أو التي تجيز الخمر بأن المولى، عز وجل، قال في كتابه العزيز "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا".
الجريدة الرسمية