"جانجاه".. المرأة الحديدية وذكرى السندريلا!
يمكن وصفها بالمرأة الحديدية كما يمكن وصفها بالبطل المجهول في فك طلاسم وحل الغاز حادث مقتل نجمة العرب الكبيرة الراحلة "سعاد حسني".. هذه السيدة لملمت جراحها وضغطت على آلامها وتماسكت إلى حد الحديد، لتجري هنا وهناك وتسعى لتجمع الأوراق والأدلة والبراهين في تسجيلات صوتية وأوراق ودفاتر قديمة وأكياس تحوي صورا وأرشيفا لم يقترب منه أحد من زمن، وقصاصات بخط اليد وأخرى من صحف قديمة..
وراحت تجمع الخيوط، والخطوط، وتعيد تحليل وتفسير كل الأحداث وإعادة ربطها ببعضها.. هذه السيدة سافرت إلى أماكن عديدة وهي الأكثر حزنا على الإطلاق على رحيل "سعاد حسني"!
قبل أقل من عامين هاتفتني السيدة "شجون على إسماعيل" ابنة الموسيقار الأسطوري الراحل "على إسماعيل" لتبلغني برغبة السيدة "جانجاه" شقيقة الراحلة "سعاد حسني" بإرسال كتابها لنا.. وإلى حين تحديد موعد حفل التوقيع.. تشرفنا بالحصول على النسخة وبحضور الحفل فيما بعد..
وفي سطور الكتاب وفي الاحتفال وما تلاه من مؤتمر صحفي ستكتشف كم المعاناة التي عاشتها هذه السيدة منذ رحيل شقيقتها.. وكم الحزن الذي عانته لرحيل أختها.. والتفاصيل المروية بالكتاب الضخم والذي كان عنوانه "أسرار مقتل السندريلا" سنكتشف كم كانت "سعاد حسني" قريبة من أسرتها ومن أختها "جانجاه" تحديدا لأسباب موجودة بين سطوره..
وبالتالي فهذه السيدة وحدها هي صاحبة الشرعية الأولى والاصدق بحثا عن قاتل شقيقتها، وهي وحدها الأكثر مشروعية في مطلبها بالقصاص من القاتل بعد التوصل اليه!
بين سطور الكتاب -وبغض النظر على نتائجه واستنتاجاته- مجهود خرافي لا تستطيع مؤسسات كاملة على القيام به.. وبه من القصص والتفاصيل حتى الإنسانية ما ينقلك من الحادث موضوع الكتاب إلى طفولة واكتشاف وصعود ونجومية وغياب السندريلا..
وهذه المرة من داخل بيت السندريلا وليس رجما بالغيب أو ضربا بالودع أو اجتهادات منفصلة عن بعضها، أو حتى من خلال مشاهدات حقيقية لكن بغير خلفيات كاملة.. وللأسف واليوم ذكرى رحيل "سعاد حسني" وباتت المناسبة مع ذكرى ميلادها مناسبتين لتذكر كل شئ، وتقديم البعض لأنفسهم بطولات وبطولات ولا أحد يتذكر هذه السيدة الرائعة التي فقدت أختها بعد محادثة هاتفية لترتيب بيت القاهرة والسيارة المرفوعة منذ سنوات، وكل شيء لاستقبال السندريلا ثم جاء خبر الرحيل..
ونقول هذه السيدة تستحق كل التحية ورغم أن هذا واجبها، لكن ما عانته، وما تعرضت له من مشكلات، لم يكن شيئا منه للحصول على ميراث أو أموال.. وإنما للتوصل لمجرم لم يزل في ظننا حرا طليقا!