رئيس التحرير
عصام كامل

سقوط إمبراطورية البدوي.. الديون تطارد رئيس «الوفد» السابق.. وإنذار أخير قبل طرده من الحزب.. قائمة الاتهامات تضم إصدار شيكات بدون رصيد.. وتوريط «بيت الأمة» في أزمة الـ 18 مليون جنيه

السيد البدوي
السيد البدوي


«قد تستطيع أن تخدع بعض الناس بعض الوقت، لكنك لن تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت».. عبارة موجزة تلخص رحلة صعود وهبوط السيد البدوي رئيس حزب الوفد السابق، فالرجل الذي ظل لسنوات ملء السمع والبصر في عالم السياسة والمال والإعلام، صار الآن مطاردا من دائنيه، ومحكوما عليه بالسجن بأحكام نهائية وباتة.


تحالف الإخوان
ولأن المصائب ــ كما يقولون ــ «لا تأتي فرادى» فلم تقتصر فضائح البدوي على السياسة فقط، فمثلما وضع يده من قبل في أيدي الإخوان وتحالف مع الجماعة الإرهابية في انتخابات البرلمان عام 2012، بدأت تتكشف فضائح مالية جديدة لرئيس الوفد السابق، بعد تراكم ديونه لدى جهات عديدة، وهروبه من تنفيذ عدة أحكام نهائية، بشكل اضطر الهيئة العليا للوفد إلى منحه مهلة 30 يوما لتسديد ديونه وتسوية الخلافات مع دائنيه وإلا تم فصله من الحزب خصوصا أن الأحكام الصادرة بحقه نهائية وباتة، لا يمكن الطعن عليها وتمس الذمة المالية لرئيس حزب الباشوات السابق.

التعثر
رحلة تعثر البدوي، بدأت في أيامه الأخيرة داخل حزب الوفد من خلال تقاعسه عن سداد مستحقات بعض شركات الإنتاج والوكالات الإعلانية التي كان يتعامل معها من خلال قناة الحياة التي كانت مملوكة له قبل أن يضطر لبيعها بسبب تراكم ديونها، وبعد جولات امتدت إلى شهور نجحت شركة كينج توت للإنتاج الفني في الحصول على أحكام نهائية بحبس البدوي ونجلته منى، لإصدارهما شيكات بدون رصيد لصالح هشام محمد إبراهيم شعبان، مدير شركة «كينج توت ستوديوز»، والتلاعب في التوقيعات على الشيكات على نحو يحول دون صرفها.

وسبق أن أصدرت محكمة جنح مستأنف 6 أكتوبر، برئاسة المستشار سامح حسن الشريف، حكما، برفض الاستئناف رقم 30992 جنح مستأنف أكتوبر، المقدم من السيد البدوي محمد شحاتة، رجل الأعمال، وابنته منى، وأيدت حكم أول درجة بالحبس لمدة 6 سنوات، وكفالة مليون جنيه وغرامة 100 ألف جنيه لكل منهما، وعلى الرغم من أن الحكم أصبح نهائيا وواجب التنفيذ، إلا أن المتهمين ما زالا هاربين من العدالة، في الوقت الذي يعاني فيه المجني عليه من أضرار مالية وأدبية كبيرة، تمثلت في ضياع حقوقه المالية من جهة وتكبده خسائر فادحة بسبب تعطل أعماله من جهة أخرى.

الأمر المثير للتساؤل في قضايا «البدوي»، أنه على الرغم من هذا العدد الضخم من الأحكام الصادرة ضده، إلا أنه يمارس حياته بشكل طبيعي جدا، وربما ينعم بالأموال التي استولى عليها من الآخرين، ويتحرك بحرية تامة ويظهر في وسائل الإعلام على مرأى ومسمع من الأجهزة المنوط بها تنفيذ تلك الأحكام، وإعادة الحقوق إلى أصحابها، ولكنها لا تحرك ساكنا، بينما أصحاب الحقوق تسكن حلوقهم الغصة والمرارة، بعد أن خربت بيوتهم وأفلست شركاتهم، ولم يجدوا أمامهم سوى الاستغاثة بكل المسؤولين، وفى مقدمتهم اللواء محمود توفيق، وزير الداخلية، لرفع الظلم عنهم وتنفيذ الأحكام الصادرة ضد البدوي وابنته.

تطور
وفي تطور جديد لقضية هروب البدوي، من تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضده بعضها نهائي وبات.. تقدم المحامي أحمد فؤاد عطية، بصفته وكيلا عن شركة «كينج توت للإنتاج الإعلامي»، بطلب إلى المستشار رئيس محكمة طنطا الابتدائية، بصفته رئيس لجنة قيد الناخبين بمحافظة الغربية، لشطب قيد السيد البدوي من كشوف الناخبين وحرمانه من حقوقه السياسية، نظرا لصدور حكم نهائي بات ضده، بتهمة إصدار شيكات مزورة.

وقال عطية، في طلبه إن الفقرة الثانية من قانون مباشرة الحقوق السياسية، الصادر بقرار من رئيس الجمهورية بالقانون رقم 45 لسنة 2014، تنص على أنه: «يحرم مؤقتا من مباشرة الحقوق السياسية، من صدر ضده حكم نهائي بمعاقبته بالحبس، لارتكابه جريمة سرقة أو نصب أو خيانة أمانة أو رشوة أو تزوير»، وحيث إن الجرائم التي حوكم بموجبها رجل الأعمال السيد البدوي، من قبيل جرائم النصب والتزوير، لأنه حرر شيكات مزورة بسوء نية للحيلولة دون صرفها، وقد صدر ضده حكم نهائي وبات، ما يؤكد إدانته بارتكاب تلك الجرائم، فإنه يخضع للمادة الثانية من قانون مباشرة الحقوق السياسية المشار إليه، بما يستوجب حرمانه من كافة حقوقه السياسية، ما لم يوقف تنفيذ العقوبة، أو يرد إليه اعتباره وفقا للقانون.

إجراءات
ولأن الحق لا يضيع أبدا، طالما ظل أصحابه يطالبون به، فقد كشفت مصادر خاصة، عن أن الأجهزة المختصة بتنفيذ الأحكام، بدأت في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لإلقاء القبض على السيد البدوي، تمهيدا لتقديمه إلى العدالة، وربما تشهد الأيام المقبلة الزج به خلف القضبان.. وأضافت المصادر أن الأجهزة الأمنية المختلفة، حددت الأماكن التي يتردد عليها البدوي، على نحو دقيق، خصوصا محل إقامته في مدينتي 6 أكتوبر والشيخ زايد، وأماكن عمله، فضلا عن وضع اسمه وبياناته كاملة في الأكمنة الموجودة على الطرق المختلفة، مع تعليمات بضبطه وترحيله إلى الجهات المختصة لتنفيذ الأحكام الصادرة بحقه، وفى ذات الوقت تقديمه إلى جهات التحقيق في البلاغات الجديدة المقدمة ضده.

حزب الوفد
على مستوى حزب الوفد الذي جمد فيه البدوي عضويته منذ ما يقرب من عدة أشهر، فإن الأمور مرشحة للتصاعد وقد تصل إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير في ظل الديون والأحكام الصادرة بحقه، وأكدت مصادر داخل الهيئة العليا بـ "الوفد" أنه في اجتماع الهيئة العليا الأخير تمت مناقشة ديون رئيس الحزب السابق لشركة كينج توت والتي حصلت على أحكام قضائية بحبسه أو تسديد الديون ولم يتم القبض عليه، وبعد لجوء الشركة للحزب وتقديم ما يفيد صحة هذه الديون والأحكام القضائية الصادرة ضده اتخذت الهيئة قرارا بمنحه مهلة مدتها 30 يوما للتصالح مع الشركة وتسديد الديون، وفي حال عدم التصالح سيفقد البدوى عضويته ويتم طرده من الحزب.

فضائح «البدوي» المالية لم تتوقف على أنشطته التجارية الخاصة، بل ورط الوفد في أزمات مالية مع إحدى وكالات الإعلان التي كانت مسؤولة عن الترويج لأنشطة الحزب (شركة ميديا لاين)، ورصد تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات مخالفات مالية في تعاقد الحزب مع تلك الشركة وصلت إلى 18 مليون جنيه حصلت عليها الشركة بحكم قضائي بعد فسخ التعاقد معها، وطالبت الهيئة العليا وقتها "البدوي" بتسديد الـ18 مليون جنيه التي حكم بها لصالح الشركة لكنه رفض السداد.

تطبيق القانون
المستشار بهاء أبو شقة رئيس الحزب، أكد من جانبه أن جميع أعضاء الهيئة العليا طالبوا باتخاذ الإجراءات اللازمة وتطبيق القانون في هذا الشأن، لاسترداد أموال الحزب، موضحا أنه شكل لجنة للتحقيق في مخالفات البدوي، وأوضح أبو شقة أنه تسلم رئاسة الوفد من السيد البدوي رئيس الحزب السابق والخزينة خاوية ولم يكن بها إلا 600 ألف جنيه، ورصيد حسابات الجريدة كان صفرا، مشيرا إلى أن الديون وصلت إلى 48 مليون جنيه وهناك تقرير بذلك أعده الدكتور هاني سري الدين سكرتير عام الحزب السابق.

وأضاف أبو شقة: «الحزب كان أمام أرض محروقة تماما، وقد فاجأني وجدي زين الدين رئيس تحرير جريدة الوفد بأن مؤسسة الأهرام ترفض طباعة جريدة الوفد، لأن هناك مديونية على الصحيفة تخطت الـ 4 ملايين، وجرى الاتفاق معها على جدولة الديون لفترة محدودة تحت مسؤوليتي».

فيما أكد محمود أباظة، رئيس حزب الوفد الأسبق، أن الأزمة المالية الحالية سببها أخطاء في إدارة الأمور المالية في عهد البدوي، لافتا إلى أنه سلم البدوي رئاسة الحزب والخزينة بها 91 مليون جنيه، لافتا إلى أن البدوي استلم الحزب وتركه بعد مدتين كاملتين ثماني سنوات والديون تزيد على الـ 40 مليون جنيه.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية