تفاصيل كلمة وزير الخارجية باجتماع الشركاء الإقليميين للسودان
الوزراء وممثلي الحكومات الأفريقية، اسمحوا لي في مستهل كلمتي أن أعبر عن سعادتي باجتماعنا اليوم وأن أنقل إليكم تحيات فخامة الرئيس "عبد الفتاح السيسي" رئيس جمهورية مصر العربية ورئيس الاتحاد الأفريقي وتمنيات سيادته بنجاح هذا الاجتماع في المساهمة في مساندة السودان الشقيق في الوصول إلى تحقيق تطلعات شعبه في الحرية والديمقراطية والاستقرار والرخاء. إن اجتماعنا اليوم يأتي استكمالا للمسيرة التي بدأناها سويًا في القمة التشاورية التي عقدت بالقاهرة في 23 أبريل 2019، والتي تم الاتفاق خلالها على عقد اجتماع اليوم لمواصلة تنسيق جهودنا للوقوف بجانب السودان الشقيق لتحقيق الانتقال الديمقراطي والاستقرار.
ويهدف اجتماعنا إلى استمرار متابعة تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق بين دول الجوار السوداني وترويكا الرئاسة الأفريقية ومفوضية الاتحاد الأفريقي والإيجاد، لتقديم الدعم للأشقاء في السودان في هذه المرحلة الحرجة من تاريخهم، وبما يساعدهم على وضع تصور بشأن إدارة المرحلة الانتقالية، مع قيام الشركاء الإقليميين بمساعدتهم على تخطي معوقات الفترة الحالية التي تواجه الانتقال السلمي للسلطة.
وينعقد هذا الاجتماع في ظل ما تمر به السودان من تحديات داخلية أضحت بالغة التعقيد، وإننا نتابع بمزيج من القلق والأسى الأحداث في السودان، فإن كل دماء هذا البلد الشقيق غالية. وإن السبيل الوحيد للحل هو العودة إلى الحوار الشامل الجامع بين مختلف القوى السياسية في السودان والتوصل لحل سياسي يرضي جميع الأطراف ويحقق تطلعات الشعب السوداني ويحافظ على أمن وسلامة السودان ومقدراته ومؤسساته ووحدته، إن الخلاف والتناحر لن يفضي إلى الحل المنتظر لبناء مستقبل جديد للشعب السودانى.
وليس خافيًا عليكم أن ما يمر به السودان الشقيق من ظروف استثنائية حالية تتطلب تكاتف وتنسيق الجهود الإقليمية لوقف حالة الاحتقان الراهن على الساحة السودانية والعمل على تصفية الأجواء وتهيئتها للمضي قدمًا بالحوار بين الأطراف السودانية لتحقيق الانتقال الديمقراطي المنشود وبما يضمن الحفاظ على مؤسسات الدولة ويلبي تطلعات ورغبات الشعب السوداني الشقيق في رسم مستقبل واعد لبلاده.
إنه لا يسعني هنا، إلا أن أعاود الإشارة إلى مقررات القمة التشاورية للشركاء الإقليميين حول السودان التي عقدت بالقاهرة في 23 أبريل 2019 والتي أكدت على عدد من الثوابت التي من شأنها أن تعزز من فرص تحقيق الانتقال الديمقراطي في السودان، والتي أبرزت مبادئ وغايات الاتحاد الأفريقي نحو تعزيز السلم والأمن والاستقرار في القارة وغلبة الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية، والالتزام بوحدة وسيادة السودان، والدعم الكامل لدور الاتحاد الأفريقي والإيجاد ودول الجوار في مساندة جهود السودان لتجاوز التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي يواجهها، وسرعة استعادة النظام الدستوري من خلال حوار سياسي جامع يقوده السودانيون أنفسهم، بما فيهم المعارضة في كل من دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وذلك بهدف إرساء نظام ديمقراطي يقوم على مبدأ سيادة القانون والديمقراطية والعدالة والحرية واحترام حقوق الإنسان وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
إن تحرك مصر يأتي من واقع مسؤوليتها كرئيس حالي للاتحاد الأفريقي ودورها تجاه دول الجوار خاصة السودان، وأخذًا في الاعتبار العلاقات والروابط التاريخية الراسخة والأزلية التي تربط بين شعبي وادي النيل، والمسئولية تقع على عاتق كل منا للمساهمة بفاعلية في تقديم كافة أوجه الدعم والمساندة للسودان وتخفيف وطأة الضغوط والتدخلات الخارجية، وعدم ترك الساحة خالية مما يضعف الجبهة الأفريقية ويفرض عليها حلولًا خارجية لا تعبر عن تطلعات شعوبها وتزيد من تفاقم الأزمات فيها.
إن هدفنا هو إرسال رسالة دعم للأشقاء في السودان وإدراكًا منا لخصوصية الشأن السوداني ولأهمية إغلاق الباب أمام أية تدخلات خارجية والتأكيد على أهمية التوصل لحل من صنع السودانيين أنفسهم عبر استئناف الحوار والمفاوضات الشاملة بمشاركة كافة الأطراف السودانية وبما يضمن نجاح العملية السياسية في اجتياز الظروف الراهنة ووضع تصور متكامل لإدارة المرحلة الانتقالية.
إننا نأسف للتطورات التي شهدتها الساحة السودانية وما أسفرت عنه من تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي كدولة شقيقة ذات دور نشط إقليميًا وساهمت بخطوات إيجابية عبر مراحل تاريخها في إحلال السلام على مستوى القارة. وندرك أن الشعب السوداني شعبًا مثقفًا وواعيًا ويدرك أهمية ودور مؤسساته الوطنية، ونحن على يقين بأنه سيحمي ثورته ويجني ثمارها. إن هذا الشعب العظيم الذي خرج في ثورة سلمية من أجل التغيير لديه من القدرة والمسئولية الوطنية ما يخوله للوصول ببلاده إلى بر الأمان والمضي قدمًا لتحقيق طموحاته وآماله.
لعلي أشير في هذا السياق إلى أهمية دور دول الجوار وترويكا الرئاسة الأفريقية والإيجاد ومفوضية الاتحاد الأفريقي في مساندة الشعب السوداني، ومن هنا فإن الأمل معقود على أن يتمخض اجتماعنا هذا عن بلورة تصور عملى يساهم في تهيئة المناخ للمضي قدمًا في الحوار السوداني الداخلي، ويدعم جهود إعادة بناء الثقة بين الأطراف السودانية وينسق الجهود الإقليمية وجهود دول القارة الأفريقية في هذا الشأن.
وأود في هذا الصدد أن أرحب بالجهود التي يقوم بها كل من السيد "موسى فقيه" رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، والسيد "أبي أحمد" رئيس وزراء إثيوبيا ورئيس تجمع الإيجاد، لاستئناف الحوار بين الأطراف السودانية، ونؤكد حرصنا التام على الاستفادة من كل هذه الجهود الحميدة وتحقيق تكاملها وترابطها من أجل دعم الشعب السوداني في تحقيق طموحاته.
وفي ختام كلمتي أعاود التأكيد على ثقتي في قدرة الشركاء الإقليميين للسودان على السعي لتأمين تطلعات الشعب السوداني نحو تحقيق التحول الديمقراطي بما يؤدي لإرساء نظام ينعم بالتنمية والاستقرار والرخاء ويحافظ على مؤسسات الدولة الوطنية الممثلة لكافة أطياف ومكونات المجتمع السوداني.