رئيس التحرير
عصام كامل

آخر من يتكلم يا "يوسف شعبان"!


الخميس الماضي، وفي سهرتها الأسبوعية على شبكة "البرنامج العام"، وعنوانها "نجوم في سماء المحروسة"، وفي حوار أدارته باقتدار شديد الإذاعية المرموقة "عزة إسماعيل"، مع الفنان "يوسف شعبان"، طالب بشدة بعودة الدولة للإنتاج الفني!


مبرر "شعبان" هو مبرر الجميع: تقديم إنتاج جيد يفيد المجتمع ويرتقي به.. وتوفير فرص عمل لقطاع كبير من الفنانين بدون عمل! والقطاع المقصود ليس الممثلين والنجوم فقط، إنما الفنيين من مهندسي الديكور وعمال الاستوديوهات وفنيي الاضاءة والصوت وموظفي شركات الإنتاج، وأعداد كبيرة تأثرت بتراجع الإنتاج!

"عزة إسماعيل" إذاعية متميزة للغاية.. من صوتها - رأسمال الإذاعيين- وأفكارها وموضوعاتها وضيوفها.. إلى إدارة رشيقة وقديرة لحواراتها تعيد إلى الأذهان رموز الحوار الإذاعي، وهي الأقرب على الإطلاق، وربما الامتداد الطبيعي للإذاعية الكبيرة الراحلة "نادية صالح"..

و"يوسف شعبان" هو، طبعًا، نجم السينما والتليفزيون الذي يسرت له النهضة الفنية الشاملة في الستينيات فرص التواجد وقدم أروع وأفضل أعماله، وظهرت موهبته بين الكبار.. ثم ارتبط بإحدى المنتميات للعائلة المالكة السابقة في مصر، ومن يومها لم يتوقف عن مهاجمة ثورة يوليو وزعيمها وكل رجالها.. حتى قيل إنه لا يفعل إلا أنه يمثل، يأكل ويشرب، ويهاجم الثورة.. وأكثر ما هاجمه هو تدخل الدولة في الإنتاج الفني، متجاهلًا كل الحضور الطاغي للقوى الناعمة في عهدها، والذي لم يسبق له مثيل! مرددًا ما ردده خصوم الثورة من أن تدخل الدولة في الإنتاج أدى إلى تراجع السينما والفنون وكل شيء!

على عكس الواقع تمامًا، وعكس كل تقييمات وتقديرات وكتابات المتخصصين، وأحيانًا غير المتخصصين! ثم تولى نقابة الممثلين، فكانت بداية ما نحن فيه من "سبكنة" الفن المصري والسينما تحديدًا ومعاناة أهلها!

ولم يهاجم، طبعًا، مرة واحدة، قرار إلغاء المؤسسة العامة للسينما -التي رأت الثورة ورأى قائدها أن وعي الناس وثقافتهم وذوقهم لا يترك لحسابات المكسب والخسارة- عام 72، وما تلا الإلغاء من تدهور حاد في نوعية وقيمة الإنتاج السينمائي، بعد أن قدمت المؤسسة العامة للسينما أروع وأهم أفلام الشاشة العربية..

ثم ظهرت ما سميت بسينما "المقاولات"، وصولا إلى ما نحن فيه!

الآن يعود "يوسف شعبان" ليغسل يديه مما فعله وساهم فيه ودعا إليه! الآن يطالب -وبراءة الأطفال في صوته- بعودة الدولة للإنتاج الفني.. الآن بعد كل الاستنزاف الذي جرى للفن المصري ورصيده الكبير، يعود "يوسف شعبان"، وقد بلغ من العمر ما بلغ ليتبرأ مما تتسبب فيه!

هذا الوطن ابتُلي في فترات سابقة بمن أساءوا -برؤاهم وأفكارهم- له ولشعبه.. وتسبب كل منهم بدرجة أو بأخرى فيما وصلنا إليه ونصححه الآن! التاريخ سجل كل شيء.. وأنت آخر من يتكلم يا "يوسف"!
الجريدة الرسمية