طلاق وفصل من العمل.. والبقية تأتي
«من عيوب الفيس.. أنه منح كل (عبيط) مساحة، يمارس فيها عبطه لا حريته، ومن هؤلاء، الشتامون.. للأشقاء العرب السوريين والسودانيين والجزائريين وغيرهم.. من يضرب على أيدي (العبطاء)، الجهلاء، يمارسون سادية وعنصرية بغيضة.. مصر منها براء..».
العبارة السابقة منقولة نصا من صفحة أستاذ الإعلام الدكتور حسن علي، عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، وبعيدا عن موضوع التعليق الذي كتبه الرجل، إلا أنه يطرح مدلولا هاما بشأن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام، لقد بلغت حساسية الأمر، وضعا يصعب ضبطه بشأن الممارسات الضالة التي تمارس على تلك المواقع.
لقد أصبح ممكنا لكل من «هب ودب»، بمجرد ضغطة على شاشة هاتفه المحمول أن يروج لأي صورة يرصدها بهاتفه، فيفضح هذا ويشتم ذاك، وكأنه لا سلطان عليه فيما يكتب، فينشر ما يشاء في أي وقت يشاء، أصبحت حياتنا الشخصية عرضة لأن تكون «مضغة في الأفواه»، ويا ويل من كان له نصيب من الشهرة، قد يتحول «لحمه»، إلى مادة دسمة للمغتابين والنمامين..
يحدث هذا وغيره المزيد وحينما يصدر تصريح رسمي عن إمكانية وضع آلية تشريعية لضبط أداء أصحاب صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، تثور الدنيا غضبا ودفاعا عن الحرية والديمقراطية، وإلى غير ذلك من المصطلحات التي ربما يجهل المتشدقون بها معناها أصلا.
وبعيدا عن الضبط التشريعي لعشوائية الممارسات «فيس بوكية»، يبقى السلاح الأهم والذي يكون أكثر قبولا لإصلاح تلك الممارسات، وهو أن يسبق أي حديث عن الإجراءات المتعلقة بالإطار الأخلاقي لأداء مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، هو التوعية التي تبدأ في الأسرة والمسجد والكنيسة والمدرسة والشارع، كي نستعيد الممارسات الإيجابية في استخدام الإنترنت عموما، ومواقع التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص.
ويؤسفني أن أذكر بمخاطر مواقع التواصل الاجتماعي، التي كان من بين كوارثها اندلاع الخلافات الزوجية التي تطورت إلى طلاق وقضايا خلع تشهد عليها دفاتر محاكم الأسرة، فضلا عن التأثير السلبي على استذكار الطلاب، بالإضافة فصل موظفين من أماكن عملهم، وإضرام نيران الشائعات.
لست بالطبع محرّضا على استخدام وسيلة هي في الأصل واحدة من ثمار الإبداع الإنساني، فرغم كل ما سبق، إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي، بها فوائد كثيرة، لكن تلك الفوائد تبقى مرهونة بضوابط الاستخدام والرقابة الذاتية التي يفرضها الإنسان على نفسه، لتكون رقابته التزاما أخلاقيا قبل أن تكون تجنبا لعقوبة قانونية.