الكهرباء: شبكة النقل الأفريقية والربط الكهربائي الإقليمي يعززان أمن الطاقة
ألقى الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة كلمة أثناء مشاركته في المنتدى الوزاري السنوى الأول المشترك بين مفوضية الاتحاد الأفريقى ووكالة الطاقة الدولية حول مستقبل الطاقة في أفريقيا المنعقد في إثيويبا خلال يومي 11 و12 يونيو الجاري.
وأعرب شاكر في كلمته نيابة عن الحكومة المصرية عن امتنانه للاتحاد الأفريقي ولجنة ووكالة الطاقة الدولية لتنظيم هذا الحدث الهام ودعوته بصفته رئيسًا للجنة الفنية المتخصصة للنقل والبنية التحتية العابرة للقارات والطاقة والسياحة بالاتحاد الأفريقي للمشاركة في المناقشات المهمة حول مستقبل الطاقة في أفريقيا والتي تعد أحد أهم الأولويات الرئيسية في جدول أعمال المنتدى، كما قدم الشكر للاتحاد الأفريقي على الأعمال التي تم إنجازها في مجال تعزيز أمن الطاقة، إحصاءات الطاقة، كفاءة الطاقة، الطاقات المتجددة والتنمية الاقتصادية المستدامة في أفريقيا.
وأكد أهمية الطاقة والتي تعد ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية والبشرية مؤكدًا على وجود أدلة تاريخية كافية ويتضح ذلك أيضًا في الوضع الاقتصادي الحالي للعديد من الدول النامية، مشيرا إلى أن هناك إرتباط وثيق بين الوصول إلى الاستدامة وخدمات الطاقة الحديثة وتخفيف حدة الفقر، حيث تتخلل الكهرباء، على وجه الخصوص، جميع جوانب الحياة اليومية كما هو الحال في المنازل والسيارات، وأيضا المصانع الحديثة التي أصبحت أكثر رقميةً وأن زيادة مستويات الحصول على الكهرباء في الدول النامية تساعد على فتح مسارات الرخاء الاقتصادي والرفاهية.
وأوضح الوزير أن هذا المنتدى يعد فرصة لتبادل الأفكار والخبرات وكذلك تعزيز الاستراتيجيات وتأكيد التزام الجميع في مواجهة التحديات الملحة في قطاع الطاقة الأفريقي، مؤكدا أهمية هذا المنتدى لأفريقيا بشكل خاص نظرًا لكونها القارة الأقل نموا في أنظمة الطاقة والوصول إلى الطاقة الحديثة في العالم، مشيرا إلى شاكر إلى إحصائيات توقعات الطاقة العالمية 2018 والتي أوضحت أنه يعانى حاليا ما يقرب من 600 مليون أفريقي من عدم الوصول إلى استدامة الكهرباء وأصبح وضع الحصول على الطاقة في المناطق الريفية أسوأ بكثير، حيث تتحمل النساء والأطفال عواقب استخدام الوقود غير الكفء وغير المستدام لتلبية احتياجاتهم من الطاقة، هذا ويعد قلة الحصول على خدمات الطاقة الحديثة للتطبيقات الإنتاجية تحد كبير آخر يهدد التنمية الصناعية في القارة، وتواجه القارة السمراء كل هذه التحديات على الرغم من أنها تتمتع بثراء واضح من موارد الطاقة سواء كانت طاقة متجددة أو الوقود الأحفوري القادرين على توفير الآليات الحديثة لحصول لجميع الأفارقة على الطاقة.
وأوضح شاكر أن أفريقيا تعد أكبر كنز في العالم لموارد الطاقة النظيفة، مشيرًا إلى موقعها الإستراتيجي الهام في التنمية النظيفة العالمية، وتمثل إمكانات الطاقة الشمسية في أفريقيا نحو 40٪ من الإجمالي العالمي أي نحو (665ألف تيراوات/ ساعة سنويًا )، و32٪ من الإجمالي العالمي لطاقة الرياح ( 67 ألف تيراوات/ ساعة سنويًا )، 12٪ من إجمالي الطاقة الكهرومائية في العالم (330 جيجاوات )، وتوفر هذه الثروات الضخمة الحالية من موارد الطاقة في القارة فرص كبيرة لتطوير نظام الطاقة الأفريقي على المستوى المحلي،وعلى الصعيدين الوطني والإقليمي، من خلال استخدام مزيج من تكنولوجيات الطاقة الصغيرة والكبيرة.
ولفت إلى الاجتماع الوزاري الثاني للـ STC اللجنة الفنية المتخصصة للنقل والبنية التحتية العابرة للقارات والطاقة والسياحة بالاتحاد الأفريقي والذي شرفت مصر باستضافته في القاهرة خلال الفترة من 14 إلى 18 أبريل الماضى حيث حضر الاجتماع 38 دولة أفريقية بما في ذلك 23 وزراء القطاعات الأفريقية و90 ممثلًا عن المجتمعات والمؤسسات الإقليمية.
كما أشار إلى بيان القاهرة الوزاري الذي أكد على التزام الوزراء الأفارقة على تطوير البنية التحتية، وتنفيذ توصيات الاجتماع، حيث تم تسليط الضوء على العديد من الإجراءات المهمة التي تم اتخاذها من أجل تعزيز قطاع الطاقة في أفريقيا والتزام الجميع بتنفيذ الآتى:
- التنسيق الوثيق مع جميع المؤسسات القارية والإقليمية ذات الصلة لتشغيل سوق الطاقة في أفريقيا وكذلك تطوير الخطة الرئيسية للنقل القاري وخطة تطوير الشبكة المصغرة.
- حشد الموارد المالية والتقنية اللازمة لتنفيذ برامج تطوير الطاقة المتجددة وتنفيذ المشروع على "نظام معلومات الطاقة الأفريقية".
وأوضح الوزير أن التكامل الإقليمي هو أحد الركائز الأساسية للتنمية المستدامة على المدى الطويل، ويوفر التكامل الإقليمي لأفريقيا فرص كبيرة لإزالة الحواجز والتحديات التي أعاقت نمو أسواق الطاقة في أفريقيا والتي تتمثل في انخفاض القدرات الفنية وانخفاض مستويات التمويل والتي تؤدى إلى قصور في تنفيذ السياسات والترتيبات المؤسسية، وتسعى أجندة الاتحاد الأفريقي لعام 2063 إلى تعزيز التعاون الإقليمي والإسراع بتطوير البنية التحتية الإقليمية وتحقيق التكامل واستدامة موارد الطاقة في أفريقيا، وتهدف أيضًا إلى تسخير جميع موارد الطاقة الأفريقية لضمان الوصول إلى طاقة حديثة وذات كفاءة عالية ومستدامة ومتجددة وصديقة للبيئة لجميع الأسر الأفريقية، ويعد تطوير البنية التحتية الإقليمية بما في ذلك البنية التحتية للطاقة تعد أحد من العناصر الرئيسية في تحقيق رؤية الاتحاد الأفريقي من أجل أفريقيا متكاملة ومزدهرة يقودها مواطنيها وتمثل قوة ديناميكية في الساحة العالمية.
وأوضح شاكر أن تمويل مشروعات الطاقة يعد أحد التحديات الرئيسية التي ما زال يعانى منها قطاع الطاقة في أفريقيا لذا أكد الوزير على ضرورة إيجاد آليات تطوير مبتكرة للمساعدة في إطلاق العنان لأفريقيا المستدامة غير المستغلة، حيث ستساهم مشاريع الطاقة المتجددة بشكل كبير في خلق فرص العمل،زيادة الإنتاجية وجذب الاستثمار الأجنبي وخلق فرص لتصدير فائض الطاقة بعد تلبية احتياجات الطلب المحلي، مضيفا أن العالم يشهد العديد من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز التعاون على مختلف المستويات في جميع أنحاءه لتشجيع مشروعات الطاقة المتجددة ومجابهة التغيرات المناخية وخاصة بعد اتفاقية باريس في COP21.
وأكد أنه في أفريقيا الآن لدينا مبادرتنا الطموحة، مبادرة الطاقة المتجددة (AREI) التي تهدف إلى توليد 10 جيجاوات من مشروعات الطاقة المتجددة بحلول عام 2020، وزيادة هذه القدرات لتصل إلى 300 جيجاوات بحلول عام 2030، مضيفا أن مصر كانت داعمة لهذه المبادرة منذ إطلاقها في عام 2015 في باريس وحتى اليوم وسنظل كذلك من أجل تحقيق الأهداف الطموحة للقارة الأفريقية. مؤكدًا أننا على أتم استعداد للعمل مع الجميع لدفع هذه المبادرة للأمام موضحا أن جمهورية مصر العربية لن تدخر أى جهد للدفع بهذه المبادرة إلى الأمام، وعلى استعداد لمشاركة خبرتنا في مختلف مجالات الكهرباء والطاقة وبصفة خاصة الطاقة المتجددة مع كافة الأشقاء في الدول الأفريقية، وخاصة في مجال بناء القدرات والكوادر البشرية.
وشدد وزير الكهرباء على إلتزام مصر بالتنفيذ الفعال لـ AREI وضمان نجاح أعمالها، وقد تجلى ذلك بشكل خاص من الجهود المبذولة لتشجيع وزيادة التعاون بين الدول الأفريقية في مجالات وضع اللوائح والأطر المؤسسية وتنمية القدرات البشرية، وخلال الاجتماع الوزاري الأول الذي عُقد في القاهرة، تعهدت مصر بإطلاق برنامج تدريبي لـ 54 متدربًا أفريقيًا بالتنسيق مع IDU، مضيفا أن مصر أيضًا عضو في اللجنة الفنية المؤقتة لـ AREI وتشارك بفاعلية في جميع الاجتماعات والأحداث، مشيرًا إلى استضافة جمهورية غينيا للاجتماع الوزاري الثاني للـ AREI والاجتماع الاستثنائي لمجلس إدارة الـ AREI حيث شارك في تلك الاجتماعات وفد رفيع المستوى من وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة المصرية.
وأكد ضرورة تكامل جميع المبادرات مع المبادرات والاستراتيجيات الحالية بما في ذلك برنامج تطوير البنية التحتية في أفريقيا (PIDA) الذي يهدف إلى تعزيز الحصول على الطاقة الحديثة والمستدامة بالقارة، تمشيا مع جدول أعمال الاتحاد الأفريقي لعام 2063.
كما سلط شاكر الضوء على التصنيع مشيرًا إلى ضرورة اغتنام أفريقيا لفرصة دعم البحث والابتكار الذي يحدث في جميع أنحاء العالم وذلك تحت قيادة مفوضية الاتحاد الأفريقي بالتعاون مع المؤسسات الأفريقية الأخرى والقطاع الخاص، مشيرا إلى تجربة مصر ونجاحها في التغلب على التحديات التي واجهت قطاع الطاقة والإنجازات التي حققها القطاع لخلق بيئة مناسبة لتشجيع القطاع الخاص للمشاركة في مشروعاته مشاركة، بعد عجز لما يقرب من 15 ٪ إلى 20 ٪ في الطلب على الطاقة نجح قطاع الكهرباء المصرى في إضافة قدرات إنتاج تصل إلى نحو 25،5 جيجاوات خلال 4 سنوات الماضية حيث تحول العجز إلى احتياطي يلبي كل الاحتياجات، موضحا أن القطاع يعمل حاليًا على تحسين وتطوير شبكات النقل والتوزيع بما في ذلك محطات المحولات ذات الجهد العالى، ومراكز التحكم، وكذلك الشبكات الذكية بإستثمارات تصل إلى نحو 4 مليارات دولار أمريكي.
وأشار إلى إستراتيجية القطاع التي تعتمد على التحول إلى الشبكات الذكية، والتي سوف تسهم بشكل كبير في تحسين كفاءة الطاقة وتقليل انبعاثات الكربون وكذلك تقليل الاستثمارات اللازمة للبنية التحتية للشبكات الكهربائية، واستكمالًا لهذا الجهد وفي إطار تنويع مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية والاستفادة من ثروات مصر الطبيعية وبخاصة مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة فقد تم بالتعاون مع أحد بيوت الخبرة العالمية وضع إستراتيجية للمزيج الأمثل فنيًا واقتصاديًا للطاقة في مصر (بترول ـ كهرباء) حتى عام 2035 والتي تتضمن تعظيم مشاركة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لتصل نسبتها إلى ما يزيد عن 42% بحلول عام 2035 (من طاقة الرياح - الطاقة الشمسية الفوتوفولطية – مركزات الطاقة الشمسية CSP - الطاقة المائية )، وأوضح أنه تم تبنى برنامج واسع النطاق لتشجيع مشاركة القطاع الخاص في مشروعات القطاع من خلال عدد من الآليات التي تساعد المستثمر على الدخول في هذا النشاط ومن بينها EPC+ Finance، BOO، IPP، PPP، وتعريفة التغذية FIT، والـ Auctions.
وأضاف شاكر أن القطاع نجح في الوصول بأسعار طاقة غير مسبوقة تبلغ 2.75 سنت دولار/ كيلووات ساعة للطاقة الشمسية ونحو 3،12 سنت دولار/ كيلووات ساعة لمشاريع طاقة الرياح، ونتيجة لذلك، نجح قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة المصرى في جذب ثقة عدد كبير من المستثمرين حيث تم توقيع اتفاقيات لشراء الطاقة مع عدد "32" شركة بإجمالى قدرات تصل إلى 1465 ميجاوات لإنشاء مزرعة بنبان للطاقة الشمسية وذلك ضمن برنامج تعريفة التغذية FIT، مما يعكس اهتمام مصر بالطاقة النظيفة والمتجددة ويسهم في توفير الطاقة، مؤكدا استعداد القطاع التام لمشاركة التجربة المصرية لكافة الدول الأفريقية،
وتابع: أن تكامل شبكة النقل الأفريقية تعد أحد أهم القضايا ويلعب الربط الكهربائي الإقليمي دورًا هامًا في تعزيز أمن الطاقة، حيث تمتلك بعض الدول فائض في إمدادات الطاقة بينما تعانى دول أخرى من نقص في الإمدادات الأمر الذي يستوجب معه تسليط الضوء على الضرورة الملحة لنقل الطاقة، وبالتالي توفير إمدادات فعالة من حيث التكلفة وتعزيز أمن الطاقة. لذلك فيجب العمل على فتح أسواق تجارة الكهرباء في المنطقة والتركيز على نقل الكهرباء على المستويين المحلى والإقليمى.
وأوضح أنه في هذا السياق، تعمل مصر مع East African Power Pool وتشارك بفاعلية في جميع مشاريع الربط الكهربائي الإقليمية، وتم توقيع مذكرة تفاهم لدراسة الربط بين مصر وقبرص واليونان حيث ستكون مصر جسرًا للطاقة بين أفريقيا وأوروبا، وجار الانتهاء من المرحلة الأولى من الربط مع السودان في وقت قريب جدا، بالإضافة إلى ذلك، فقد تم توقيع مذكرة تفاهم مع منظمة الربط العالمية ومنظمة التعاون والتنمية للتعاون في مجال تطوير إستراتيجية الطاقة وتعزيز الربط الكهربائي عبر الحدود مع الدول المجاورة، عند الانتهاء من هذه المشروعات، ستكون مصر نقطة محورية للطاقة بين أوروبا وآسيا والدول الأفريقية.
وأكد شاكر أن مصر على استعداد دائم لمواصلة التعاون وتبادل الخبرات في مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة مع الأشقاء الأفارقة بما في ذلك كهربة الريف، والتصنيع المحلي لمهمات الكهرباء، بالإضافة إلى تشجيع مشروعات الطاقة المتجددة، كفاءة استخدام الطاقة وغيرها.
وأعرب الوزير عن امتنانه من التعاون المتميز والمثمر بين مصر وعدد من الدول الأفريقية في بناء القدرات حيث نجح قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة المصري خلال السنوات العشر الماضية في إعداد وتنفيذ أكثر من 107 برامج تدريبية لعدد 8047 متدربا أفريقيا، مشيرًا أن قطاع الكهرباء المصري يمتلك أكثر من 20 مركزا تدريبيا، وحصل مركزين منهم على اعتماد من اتحاد مرافق الطاقة الأفريقية APUA، بالإضافة إلى أنه تم توقيع مذكرة تفاهم مع الكوميسا في أكتوبر الماضي في مجال التدريب وبناء القدرات.
واختتم شاكر كلمته بعدد من الاقتراحات التي تضمنت ضرورة تكثيف الجهود وتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء والمنظمات والمؤسسات الإقليمية من أجل تحقيق المنفعة المتبادلة، وتعزيز التعاون من أجل بناء القدرات لنقل التكنولوجيا والمعرفة وتبادل الخبرات مشيرًا إلى استعداد مصر التام للمشاركة ونقل خبراتها في قطاع الطاقة مع جميع الدول الأفريقية، وضرورة التوصل إلى حلول وآليات مبتكرة من أجل تعبئة الموارد والتمويلات اللازمة للمشروعات لإيجاد فرص عمل وتحقيق التنمية الاقتصادية لأفريقيا.
وفى نهاية كلمته أكد وزير الكهرباء ضرورة التوجه إلى التنمية الخضراء من أجل خفض إنبعاثات الكربون وتحقيق التنمية المستدامة، بالإضافة إلى الضرورة الملحة لمواصلة الجهود من أجل التنفيذ الفعال لبرامج تطوير البنية التحتية التي تم تطويرها واعتمادها حتى يتسنى وضع هذه البرامج على الفور على طريق التنفيذ الصحيح، متمنيًا أن تكون هذه الاجتماعات ناجحة والمناقشات بناءة.