أشباح الكرملين.. كيف أصبحت المخابرات الروسية نافذة بوتين على العالم؟
على مر العصور عرفت روسيا بأنها دولة الجواسيس، وزاد الأمر خلال حكم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي اتهمته العديد من الحكومات بنشر جواسيسه بدولها للتعرف على أسرارها، إلا أن مصادر تفوقه، قد تنقلب عليه، وتقضى على حكمه الذي يسعى لتوطيده.
مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، ذكرت أن الجواسيس الروس باتوا يشبهون الأشباح داخل الكرملين، موضحة أن زيادة الاعتماد على وكالة الاستخبارات الروسية سيضعف حكم بوتين، وبينت أن بوتين يبدأ يومه بعد تناول فطوره وأدائه التمرينات والسباحة بالاطلاع على الوثائق التي يقدمها له جهاز الأمن الفيدرالي المحلي والمخابرات وخدمة الحماية الفيدرالية، كما يقدم له حارسه الشخصي، ملخص الأحداث بين النخبة المحلية للتعرف على آراء شعبه بسياسته.
الكرملين
كل من يحيطون ببوتين في الكرملين كانوا مسئولين في المخابرات، فرئيس أركانه السابق سيرجي إيفانوف كان عضوا في لجنة الاستخبارات ونائب رئيس وزرائه ديمتري كوزاك هو مسئول سابق في جهاز المخابرات العسكرية، وكذلك نيكولاي باتروشيف، السكرتير الحالي لروسيا بمجلس الأمن، ومستشار الأمن القومي لبوتين كان المدير السابق لجهاز الأمن الفيدرالي نفسه.
خداع
ورغم أن جميع المسئولين حول بوتين ذو مستوى استخباراتي عال، إلا إنهم باتوا يتسابقون وفقا للمجلة الأمريكية من أجل التقرب منه، لذلك يقومون بأخباره بما يحب وليس بما يحتاج معرفته.
يقول أحد ضباط المخابرات الروسية السابقين، إن المسئولين بالكرملين "لا ينقلون أخبارا سيئة إلى طاولة القيصر"، موضحا أن تحليل الأزمات فردي ويعتمد على تقدير المسئولين بشكل شخصي، ولا توجد هيئة كاملة مثل منظمة الاستخبارات البريطانية التابعة لمكتب الحكومة البريطانية لتجميع وجهات نظر بديلة من مختلف الوكالات للإطلاع على الأمر من كافة الجهات.
تأثير
الخدمات الخاصة لروسيا لها تأثير كبير في تشكيل رؤية بوتين للعالم، ووفقا لمصادر في الكرملين، فإن بوتين اعتمد في الأزمة مع أوكرانيا على مصادره الاستخباراتية حتى ولو لم تكن صحيحة، فيرى أن الاستخبارات الغربية وراء الثورة الأوكرانية.
وذكرت المجلة أن التقارير التي تأتي لبوتين ترصد رضاء شعبه عن سياسته ويظهر منتقديه وكأنهم أعدائه وهو ما جعل حكمه أكثر استبدادية، مشيرة إلى أن بوتين أقر عددا من القرارات الخاطئة في الفترة الأخيرة، منها الاستيلاء على جزيرة القرم والحرب بالوكالة في جنوب شرق أوكرانيا بعد أن أقنعه المقربون أن أوكرانيا ستخضع له وتستسلم.
أزمة بريطانيا
كانت محاولة اغتيال الجاسوس البريطاني سيرجي سكريبال أحد الأخطاء الكارثية لاعتماد بوتين على مخابراته الخاصة، فأقنعته المخابرات العسكرية وجهاز المخابرات الروسية أن الاغتيال لن يؤدي إلا إلى توترات مؤقتة مع المملكة المتحدة، في حين أثارت المحاولة على أرض الواقع رد فعل عالمي غير مسبوق، وتسببت بتوتر العلاقات مع بريطانيا والولايات المتحدة وغيرها من الدول.
شهادة
وقال أحد موظفي وزارة الخارجية الروسية السابقين إن بوتين لا يقتنع بالنصائح، ويرى أن أي رأي مخالف للمسئولين المقربين منه ساذج ولا يستحق الدراسة، وهو ما حدث في دعمه لإيران بسوريا، فنصحه مسئولون بالخارجية من أن إيران تسعى لاستغلال روسيا لتحقيق مصالحها ولكن المقربين أكدوا له أنها دولة حليفة وبينهما العديد من المصالح.