خالد محيي الدين يروي ذكرياته عن حرب فلسطين
في مجلة التحرير عام 1952 كتب البكباشي خالد محيي الدين (رحل في مايو 2018) يحكي ذكرياته من حرب فلسطين عام 1948 فكتب يقول :
دفع الملك فاروق بالجيش إلى حرب فلسطين ليضمن التفاف الشعب حوله باعتباره الملك المفدى المدافع عن عروبة فلسطين.
كانت حرب فلسطين بداية حياة جديدة للجيش المصري والملك والشعب، فقبلها بعامين تشكلت لجنة وطنية من الطلبة والعمال للدفاع عن الدستور والتصدي للديكتاتور إسماعيل صدقي، خاصة وأن الملك أصبح لا يبالي بالحفاظ على المودة بينه وبين الشعب بعد أن سيطرت عليه غرامياته وسهراته التي أصبحت حديث الجماهير والنخبة أيضا.
في ذلك الحين قتل أحمد حسنين باشا في حادث سيارة، وخرجت الملكة نازلي من مصر إلى الولايات المتحدة وتزوجت ابنتها فتحية من شاب مسيحي مصري هو رياض غالي، وثارت الدنيا وهاجت.
كانت حرب فلسطين هي المفر، فأرسل الملك الجيش إلى الحرب.. لكن لم يكن الجيش مستعدا للقتال فلا تدريبات ولا أسلحة كافية.
أصيب الشعب المصري بالغليان نتيجة أحداث الحرب على أرض فلسطين واندلعت المظاهرات وامتدت إلى الجيش حيث تقدم عدد منه بطلبات للسماح لهم بالتطوع.
كنت أواصل عملي في إدارة التدريب الجامعي؛ حيث كانت المظاهرات الطلابية تهتف (فلسطين.. بالأرواح نفديك) و(أين السلاح يا عزام).. يقصد عبد الرحمن عزام، الأمين العام للجامعة العربية.
سيطرت هذه المظاهرات على مشاعري حتى إنها باعدت بيني وبين المنظمة الشيوعية "شرارة" عقب تأييد الشيوعيين المصريين لقرار تقسيم فلسطين.
ساهمت مع الضباط الآخرين في تدريب المتطوعين العرب المتجهين إلى فلسطين وكانوا بالقليل من السلاح.. لكن المسؤولين عن البلد والجيش أكدوا لنا قرب وصول كميات من الأسلحة.. لكن وقعت الهزيمة الساحقة وعاد الجيش المصري مهزوما.
لكن كان هناك ضابط هو جمال عبد الناصر حارب في فلسطين ووقع في حصار الفالوجا، لكن هذه الحرب أعطته فرصة إعادة اكتشاف قدراته فتعلم من القتال الفنون العسكرية، وفتحت التجارب أمامه طريق الصعود والقدرة على مواجهة العدو، وكان معه زكريا محيي الدين وصلاح سالم.
وعندما جاء جمال ليفكر في تأسيس تنظيم الضباط الأحرار وتبلورت فكرة القيادة بحركة عسكرية لتطهير الجيش من الفاسدين، انضممت إليهم مع حسين الشافعي وثروت عكاشة وعشرات الضباط، وفى الجلسة الأولى ومنذ احتوتنا غرفة الصالون في بيت عبد الناصر بكوبري القبة اجتمعنا وكان هو الأعلى رتبة "بكباشي" كنا متلهفين لعمل أي شيء، ودارت عجلة الإعداد لخلع الملك وتطهير الجيش، ولم تكن لدينا فكرة الاستيلاء على السلطة.
وقعت أحداث حريق 25 يناير وراح ضحيتها 50 من بلوكات النظام التابعين للداخلية وأصدر فؤاد سراج الدين أوامره إلى حكومة الوفد، وأصدر فاروق قراره بنزول الجيش وخرجت جماهير القاهرة تشجب ما حدث.