رئيس التحرير
عصام كامل

لا تغلقوا هذه القناة


قرار إغلاق أي مؤسسة هو الخطأ الذي يرتكبه من لا حيلة له، وهو القرار الأسهل لمن تأخذه العزة بالإثم ويرفض الاستعانة بأصحاب الحيل، خاصة إذا كانت هذه المؤسسة تقوم على خدمة المواطن والحكومة في آن واحد ومن الممكن أن تتبدل خسائرها أرباحًا بإعادة صياغتها إداريًا وتسويقيًا.


لقد هالني قرار وزارة الصحة بتشكيل لجنة يرأسها مدير عام التفتيش المالي والإداري لتوزيع العاملين بقناة (صحتي) على قطاعات الوزارة بما يتناسب ومؤهلات ومهارات كل منهم، تمهيدًا لإغلاق القناة بداية شهر يونيو المقبل، وهنا حرصت الوزارة مشكورة على عدم التفريط في العاملين وضمنت لهم الاستمرار في العمل..

لكنّ هذا لا ينفي أن مراجعة القرار للعدول عن إغلاق القناة تتطلبه المصلحة العامة، ففي ظل مبادرات رئيس الجمهورية الكثيرة للحفاظ على صحة المواطن يتعاظم دور قناة (صحتي) عن أي وقت مضى، فهي قناة الاتصال بين الحكومة بقراراتها وتعليماتها الكثيرة وبين المواطن، خاصة أن صحة المواطن لم تكن المحور الأهم للحكومة طوال عقود مضت ومع ذلك استمر بث القناة على مدار عقدين، لذلك من غير المنطقي أن تغلق القناة في ظل هذا الاهتمام غير المسبوق من الرئيس بصحة المواطنين.

قد تكون حجة الإغلاق الخسارة المادية التي منيت بها القناة دون جدوى ملموسة، وهنا لا بدّ من وقفة للتأكيد على أن الطريقة التي تدار بها القناة عشوائية، فبعيدًا عن كونها قناة خدمية لا تخضع لمقاييس الربح والخسارة.. إلا أن الإعلام الخدمي أصبح يحقق دخلًا يفوق غيره من الألوان الإعلامية..

ولو توقفنا أمام القنوات الخاصة الموجودة حاليًا سوف نكتشف أن تمويلها قائم على البرامج الطبية، التي تحولت إلى "بيزنس" كبير فشلت وزارة الصحة نفسها في التحكم فيه، رغم أن العديد من الأطباء الذين يظهرون في هذه البرامج غير مؤهلين، وطالما تقدمت شكاوى ضدهم، ولو تابعت وزارة الصحة القنوات الخاصة سوف تدرك أن ميزانية البرامج الطبية تقدر بمئات الملايين.

تعالوا نجرد (صحتي) من كونها قناة خدمية ونتعامل معها بمقاييس المكسب والخسارة كأي قناة يدخل فيها العنصر التجاري، وهو أساسي في صناعة الإعلام، فلو أعيدت صياغة هذه القناة بعقلية تجارية سوف تحقق ما لم تحققه غيرها من القنوات، فالعديد من الأطباء والمراكز والمستشفيات يخصصون ميزانيات باهظة للدعاية، ولو خصصت الوزارة بضعة ملايين للإنفاق على الدعاية للقناة وأوقفت البرامج العشوائية في القنوات الخاصة وغيرها من قنوات "بير السلم".. سوف تستقطب العديد من الأطباء وستكون قبلة للمعلنين عن المراكز والمستشفيات والأدوية ومستحضرات التجميل.

قرار إغلاق أي مؤسسة هو الأسهل لمن لا يرغب في التفكير، لذلك أتمنى على وزيرة الصحة إعادة النظر في قرار إغلاق قناة (صحتي) والعمل على النهوض بها، وهناك مئات الأفكار التي تجعل منها قبلة للأطباء وملاذًا آمنًا للمواطن الذي تأتي الصحة في مقدمة أولوياته، بالإضافة إلى أن استمرار القناة ضرورة تحتمها قرارات الرئيس المتعاقبة للحفاظ على صحة المواطن.
قرار إغلاق قناة (صحتي) كمن هدم بيته لمجرد أن واجهته تحتاج إلى طلاء.
besheerhassan7@gmail.com
الجريدة الرسمية
عاجل