رئيس التحرير
عصام كامل

هلْ يعتنقُ "خالد منتصر" البوذيَّة؟!


عادَ "خالد منتصر" مُجددًا للغمز واللمز في شيخ الأزهر الشريف الدكتور "أحمد الطيب"، فوجبتْ علينا العودة للردَّ عليه وكشفِ تدليسه وتفنيدِ أكاذيبه وتعريته أمام جمهوره "الافتراضى" عبرَ منصَّات التواصل الاجتماعي.


المذكورُ لا يتحرَّى الصدقَ فيما يكتبُ، بل هو لا يكتبُ، إنْ شئنا الدِّقة، ولكنه يتقيأ غِلاَ وحقدًا ضدَّ الإمام الأكبر، مُستغلًا سماحته وحُسن أخلاقه وتغافله، غيرَ أنَّ السماحة وحُسنَ الأخلاق لم يُخلقا من أجل هذا الكاتب وأمثاله، ممن ينطبقُ عليهم قولُ القرآن الكريم: "قد بدتْ البغضاءُ من أفواهِهم، وما تُخفى صدورُهم أكبرُ".

انزعج الكاتبُ المغوارُ من حديث شيخ الأزهر عن ظاهرة "الإسلاموفوبيا" خلال كلمته التي ألقاها بمناسبة "ليلة القدر"، الأسبوع الماضي، ومارَسَ سُخفه واستظرافه وثقل ظله، وتقيَّأ مقالًا جديدًا مُنافِحًا عن أي دين سوى الإسلام، ومُشددًا على أنَّ الإسلام – وحدَه- مصدرُ كلِّ الشرور والإرهاب في العالم، وما سواهُ من دياناتٍ سماويةٍ وأرضيةٍ يدعو إلى الخير والسَّلام والحبِّ والمودة واحتواءِ الآخر.

يتجاهلُ "خالد منتصر" حقيقة الإسلام الثابتة في القرآن الكريم والسَّنة النبوية الثابتة والمُطهَّرة، باعتباره دينًا سمحًا يكرهُ التشدد والغُلوَ، وينفرُ منهما، ويدعو إلى الرفق واللين ويُحرِّض عليهما، ويُصرُّ دائمًا وأبدًا على أنْ يصمَه بما ليس فيه، كما كان يفعل منافقو المدينة في عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الذين نزلَ فيهم قولُه تعالى: "الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ، نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ".

ينحازُ "خالد منتصر"، في مقاله، للدفاع عن اليهودية والمسيحية والبوذية، ويُبرئها من أىِّ عُنفٍ أو إرهابٍ، رغمَ أنَّ التاريخَ والحاضرَ يؤكدان أنَّ كثيرًا من أتباعِها تورطوا في أعمالٍ عُدوانيةٍ ضدَّ المسلمين، وكانَ قَتلًا على الهويَّة، ولا يُنكرُ ذلك إلا ماكرٌ كذوبٌ.

يتعامَى "خالد منتصر" عن المجزرة التي وقعتْ من قريبٍ في نيوزيلندا، وأوقعتْ عشراتِ الضحايا والمُصابين من المُصلين المُسلمين، والمجازر التي يقترفُها بوذيو بورما ضدَّ المُسلمين الأبرياء، نساءً وأطفالًا ورجالًا، منذ عدة سنواتٍ، وما يرتكبه الهندوسُ بحقِّ المُسلمين العُزل، ويُجزمُ، فُضَّ فوه، بأنَّ الإسلامَ والإرهابَ وجهان لعملة واحدة!

ولعلَّ ما ذكرته الكاتبة الهندية البارزة "أرونداتي روي"، إبان انتخابات الهند 2019، بشأن تهديد الفاشية الهندوسية لـ 150 مليون مسلم هندي، صفعة على وجه "خالد منتصر" ووجوه مؤيديه ومُريديه، ممن يكرهونَ الإسلامَ بالسليقة.

ولو كلف "خالد منتصر" نفسَه الأمَّارة بالسُّوء، وشاهدَ الفيلم التسجيلي "دبليو المبجل" للمخرج السويسري الكبير "باربت شرودر"، عن المذابح التي يتعرضُ لها مسلمو الروينجا في بورما منذ عام 2013 وحتى الآنَ، لاعتذرَ لشيخ الأزهر والمسلمين كافة عن سخافاته وتجاوزاته، ولو اطلعَ على السيرة الذاتية للراهب البوذي "ويراثو"، قائد الفتنة في "بورما"، لاعتزل الكتابة تمامًا، وتفرَّغَ لمعملِ التحاليل الخاص به، وإنْ كان مثلُه لا يعتذرُ ولا يقرُّ بخطيئته: "لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ، إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ".

يروقُ لـ "خالد منتصر" دومًا أنْ يضعَ الإسلامَ، وليسَ بعضَ المُتأسلمينَ المُتطرفين، في قفص الاتهام؛ لأنه يسترزقُ من ذلك، سواء من الداخل أو الخارج، ويصعدُ إلى منصَّاتِ التتويج وتمنحُه الجهاتُ الكارهة للإسلام جوائز سخيَّة، ويُنظر إليه باعتباره تنويريًا في زمن عزَّ فيه التنويريون!!

هل رأيتم برنامجًا يستضيفُ المذكورَ، أو يُجري معه مداخلة بصفته العلمية، وهل علمتم أنه تمَّ تكريمُه على إنجازٍ علميٍّ أنجزه في مجاله الأصلي؟ الإجابة بطبيعة الحال: لا، فالناسُ لم تعرفْه إلا طاعنًا في الإسلام، مُحرِّضاَ ضدَّ قياداته ورموزه ولا أحدَ غيرُهم، فتلكَ هي بضاعتُه، قبَّحَ الله البضاعة، وقبَّحَ التاجرَ، وزبائنه ومُعجبيه!!

المُدققُ في كتابات "خالد منتصر"، بعيدًا عن تلكَ التي تمتلئ غلًا وحقدًا على الإسلام ورموزه منْ المعاصرين مثل: "الطيب"، والراحلين مثل: "الشعراوي"، لن يجدَ أدنى صعوبة في أنْ يكتشفَ أنه لا يأتي بجديدٍ، وإنما ينقلُ مِنْ كتابات من سبقوه من نفس الفصيل الذي ينتمي إليه، دونَ أنْ يكلف نفسَه عناءَ أنْ ينسبَ ما نقله إلى أصحابه، وهذا، في العُرفِ العام، يُعتبر سرقة علنية يحاسبُ عليها القانونُ، ويخجلُ من اقترافها ذوو الضمائر الحَيَّة النقيَّة الشريفة.

إنَّ مسلسلَ التطاول على الإسلام ورموزِه، عبر وسائل الإعلام الحكومية أو شبه الحكومية، جريمة قانونية وسياسية وأخلاقية مُكتملة الأركان، ليس "خالد منتصر" هو المُتهمُ الوحيدُ فيها، ولكنَّ المُتهمَ الأصيلَ هو منْ يسمحُ له ويمنحُه الفرصة لنشر أكاذيبه وتجاوزاته دونَ ضابطٍ أو رابطٍ أو رقيبٍ!

وإذا كان "جريرٌ" قال عن "الفرزدق" قديمًا: فإنّكَ لَوْ تُعْطي الفَرَزْدَقَ دِرْهَمًا عَلى دِينِ نَصْرَانِيّة لتنصَّرَا، فإنه لو كانَ حيًَّا لأنشدَ: فإنك لو تُعطي خالدًا دولارًا على دين بوذيةٍ لتبوَّذَا!

الجريدة الرسمية