أسناننا ليست عورة في دين الله
تحلُّ السعادة حيث كان السعداء، ويرق قلب كل غليظ الطباع، حينما يعوده تدريجيًّا على الرحمة بالعطف على الضعفاء، والربت على كتف المحتاج، والمسح على رأس اليتيم..
إن من يحبسون أنفسهم خلف قضبان سجن الهموم سيموتون لا محالة داخله؛ لأنهم ارتضوه محلا أبديًّا لإقامتهم، إن الدعوة للسعادة ليست ترفا أو تغييبا للفطر عن واقع يراه المتشائمون بغيضا صعبا دافعا للنكد والغم، وهم إن صدقوا في جزء من تسببهم لأوضاع ذلك الواقع المؤلم، لكنهم عجزوا تماما عن مجرد البحث عن الدواء وسلوك سبل العلاج.. ليس من العقل فعلا التعامي عن واقعنا المرير، لكن الانغماس في سلبيات هذا الواقع هو الجنون بعينه.
إن منا من يتوقع البلاء قبل حدوثه، ولنتدبر قول إيليا أبو ماضي «إن شر الجناة في الأرض نفس.. تتوخى قبل الرحيل الرحيلا/ وترى الشوك في الورود وتعمى.. أن ترى فوقها الندى إكليلا / هو عبء على الحياة ثقيل.. من يظن الحياة عبئا ثقيلا».
إن البعض يرى الباحثين عن السعادة أحيانا نوعا من الجنون أو التفاهة، بينما يجمع الأطباء النفسيون على أن مجرد الضحك يفيد القلب، فعند ضحك الإنسان يفرز هرمون الكورتيزول بشكلٍ قليل؛ لأن الإنسان عندما يكون في حالة ضغط ويلجأ للضحك يقلل إفراز الجسم لهرمون الكورتيزول، وتتحسن صحته بإفراز أجسام مضادّة تحارب العدوى، وتتصدى لتصلّب الشرايين، وبالتالي تقي الإنسان من الذّبحة الصدريّة أو الأزمات القلبيّة، كما يحسن الضحك جهاز المناعة ويجدد الطاقة.
إن فن النكتة والتآمر على الهموم هو سلاح طبيعي يستخدمه المصريون في أحلك الظروف وأصعب الأزمات.. وتحولت النكات الساخرة إلى قوة لا تعوقها حواجز السياسة ولا قيود الأنظمة.
يا أيها العابثون الغاضبون لا تظنوا السعادة كسب مال أو احتلال كرسي، إنما السعادة هي الرضا بما قسمه الله، وقسمة الله دائما هي العدل.. إن معطيات الواقع الإنساني تقول: «إن إسناننا ليست عورة.. فلنبتسم ونضحك ونترك قلوبنا تنبض بالحياة بشكل طبيعي»، إن الحزن حتما زائل لا محالة فلا حزن يدون ولا شقاء.. فرجاء لكل قارئ ابتسم وابتسم وابتسم، وإن لم تستطع فحاول الابتسام حتى تبتسم.