رئيس التحرير
عصام كامل

"محمد صلاح" في إيران!


عاد صديقي ككل أزمة يسألني: شفت اللي عمله "صلاح"؟
قلت: عمل ايه؟
قال: الدنيا مقلوبة.. استقبل "أبو تريكة" واتصور معاه والمصريين غاضبين وفقدوا الثقة فيه!

قلت: كيف يفقدون الثقة فيه وهو من يحمل اسم مصر عاليا كأهم رموز القوى الناعمة المصرية على الإطلاق؟ المصريون غاضبون.. عاتبون.. وهذا حقهم.. لكنهم عند حد معين لن يدمروا رمزا مصريا وعربيا كبيرا.. هذا يحدث في كل مكان كما يحدث في أي عائلة.. يغضبون من ابنهم لكن لا يذبحونه!
قال: لا.. هذه المرة الموضوع عدى الغضب المعتاد.
قلت: لا.. لا المصريون سيرضيهم ذلك ولا "محمد صلاح" سيرضيه إغضاب أهله.. ولا الابتعاد عن حضنه الدافئ.. "محمد صلاح" عند الجمهور الإنجليزي مصدر سعادة وبطولات.. لكنه عند المصريين والعرب شيء آخر.. وجمهوره في مصر والعرب عنده هو أيضا شيء آخر..
راجع قصص "صلاح" في لندن مع كل العرب.. وراجع مساحة تواجد "صلاح" عند كل عربي ونوادر لا يصدقها أحد.. ممن يتشبهون به، ومن وضع له صورة بطول بناية كبيرة ومرتفعة في العراق! والعراق تحديدا نموذج نتوقف عنده لأنهم يفعلون ذلك وسط كل ما يجري هناك!
قال: لكن المصريين موقفهم من الإرهابيين حاسم جدا.
قلت: نعم من الإرهابيين.. وهؤلاء الإرهابيين أول من يسعدهم أن تشتعل الأمور ضد "صلاح".. فهو أولا مصدر البهجة عند المصريين وهذا يزعجهم.. وهو أيضا يحمل اسم مصر عاليا في كل مكان وهذا أيضا يزعجهم.. وهو ثالثا على اتصال جيد بوطنه وبمؤسسات وطنه وهو نموذج لفعل الخير وهذا أيضا يزعجهم..

ورابعا فهو أمل مصر في البطولة الأفريقية القادمة، وتكرار الوصول لكأس العالم وهذا أيضا يزعجهم.. "صلاح" التقطت له صور مع آخرين ربما لا ترضيه، لكن خجله يمنعه من منع الآخرين من الاقتراب منه.. ويحدث هذا مع غير "صلاح" ممن يتسبب خجلهم في مشكلات لهم..

وبعد صمت قلت له: تعالي نفترض أسوأ شيء.. الأسوأ على الإطلاق.. وأن هناك محاولة لتوجيه "صلاح" إلى اتجاه آخر.. هل نتركه أم نعيده إلى الاتجاه الصحيح؟

قال: بل ننقذه فورا!

قلت: الذكاء يتطلب ذلك.. انظر ماذا يريد عدوك وافعل العكس.. إننا في مباراة كبيرة ومستمرة يحاول فيها الطرف الآخر أو للدقة هم أطراف عديدة هدفهم ضرب أي رموز لمصر.. كل من يتفوق باسم مصر.. كل من تتحدث عنه الجماهير.. كل من قدم لشعبنا شيئا.. وهذا مخطط قديم ويزعجنا أن نرتكب ذلك بانفسنا!

قال: الكرة في ملعب المصريين!

قلت: وفي ملعب "صلاح" أيضا.. يا صديقي هل شاهدت الفضائية العربية التي تركت الخلافات السياسية ونقلت حكاية الطفل الإيراني.. نعم الإيراني..الذي يقلد "صلاح" وقدم تسجيلا يفعل كما يفعل "صلاح" طبق الأصل في تدريباته؟

لقد تجاوز الناطقون بالعربية، وتجاوز الخلاف السياسي، وتجاوز الحدود وتجاوز كل شيء.. وعندما يكون هكذا عند الأطفال فتأكد أنه عند الآباء أيضا.. فكم طفل مثل الإيراني في إيران نفسها؟ وكم طفل مثل الإيراني لا نعرفهم في بلاد لا تتحدث العربية؟ وكم طفل لم يقدموا أي تسجيلات مثل الإيراني لكنهم وأهلهم ينتظرون أخبار "صلاح" -ومصر بشعبها وسياحتها وثقافتها ولهجتها جزء منها- في غير البلاد العربية؟

أسطورة كبيرة يا عزيزي لم تسئ لأحد ولم تقدم إلا الخير لبلدها ولشعبها، ولا يصح ولا ينبغي التخلي عنها والانقلاب عليها بسهولة!
قال: ولكنه هو اللي..
قلت: وقد قاطعته.. انتهينا.. مش هنجيب من الأول.. سنترك الأمور حتى تظهر حلول.. واعتقادنا أنها ستظهر.. لكن شعبنا الذكي لا يتبرع لأعدائه بأي تبرعات مجانية!
الجريدة الرسمية