رئيس التحرير
عصام كامل

مصر و85 سنة إذاعة!


أمس الأول احتفلت مصر بالذكرى الـ85 لانطلاق بث أول إذاعة مصرية رسمية بصوت الشيخ "محمد رفعت" ثم الفنان "أحمد سالم"، الذي أطلق الصيحة الأشهر "هنا القاهرة"!


عمر الإذاعة المصرية أكبر من إعمار دول عديدة لم تسجل على خريطة العالم إلا بعد هذا التاريخ.. وطول هذه السنوات لعبت الإذاعة المصرية الدور الأبرز في الانتقال بحال المصريين من مستوى إلى آخر.. الدين الحقيقي وجدوه في الإذاعة والموقف الوطني الحقيقي وجدوه فيها.

إعلان الجمهورية عرفوه منها وأهم رموز الفن والأدب والثقافة والرياضة عرفهم المصريون من خلالها.. حتى المعلومة الطبية الصحيحة والحلول المخلصة للمشكلات الاجتماعية كان من برامجها، بل وحتى الفكاهة والترفية ونجوم الكوميديا كان منها، ولعل "ساعة لقلبك" و"مسرح المنوعات" وحفلات "أضواء المدينة" كله كله من على أثيرها!

وفي الفترة الأخيرة تتزايد إعلانات "الراديو" رقمي وغيره بما يطرح السؤال: إن كان هناك تراجع عن الاستماع للإذاعات فلماذا هذه الإعلانات؟ لكن استمرار الاعلانات يقول عكس ما يشاع، فضلا عما ساهمت به عوامل عديدة لعودة الراديو من جديد على اجندة المصريين.. ارتفاع اعداد السيارات.. الزحام.. اتساع مصر بمدنها الجديدة.. الهواتف المحمولة.. الإنترنت.. كما أن قطاع كبير من ذوي الاحتياجات الخاصة -شفاهم الله جميعا- يتجاوز المليونين لا يمكنه الا متابعة الإذاعة!

وبعيدا عن ضوضاء الفضائيات لا يمكنك ضبط الإذاعة المصرية بشبكاتها كلها خارج السياق، فهي خير لا تأخذ منها الا خيرا.. وفي رمضان قدمت اجمل ما عندها البرنامج العام، كتبنا عنه مقالا سابقا وانتهي المقال دون استكمال برامجها الجيدة جدا..

واستكمالا فالدكتور "هشام محفوظ" يعود ببرنامجه الرائع "رمضان حكاية"، وتتألق "عزة إسماعيل" ببرنامجها الرمضاني "فض اشتباك"، وتميزت "جيهان الريدي" و"السيد حسن" و"جلال السيد" في برامج الادب واللغة العربية، وكانت الشبكة موفقة باستمرار حلقات "عزيز وغالي" التي تكتبها الكاتبة اللامعة "أماني ضرغام" فضلا عن حلقات الفنان الكبير "أحمد بدير".. أما البرنامج الصباحي فتألق مستمر بنجومه "عبير صبري" و"حنان عسكر" و"أحمد بيشتو"..

الشرق الأوسط كان نصيبها كبير من النجاح، الأولى حلقات الإذاعية الكبيرة "أمل مسعود" مع الدكتورة "عبلة الكحلاوي"، ولاقت الحلقات متابعة كبيرة، والثاني الحوار التاريخي الذي اجرته الاذاعية المتميزة "شيرين عبد الخالق" مع قداسة "البابا توضروس" والذي أكد على أن التكنولوجيا لم تبعده عن الراديو وكان استقباله لوفد الإذاعة كريما وحافلا!

صوت العرب كعادتها تألقت جدا بنجومها الدكتورة "منال هيكل" و"محمد حلمي" و"محمد عبد العزيز" و"اشرف عبد العزيز" اما المفاجأة الحقيقية فكانت إذاعة "القاهره الكبري"، التي قدمت خريطة رائعة خصوصا فترة ما بعد الفجر، وتألقت مذيعتها "مني عبد المحسن"..

في حين استطاعت "ماسبيرو إف إم" الإبقاء على متابعيها بسبب كنوز الإذاعة الرمضانية التي أعادت توظيفها بشكل جيد!

لا يخلو عمل بشري من سلبيات لكن في المجمل تألقت الإذاعة بإمكانياتها البسيطة.. وهذا يحسب لها.. وبما يحتاج إلى أكثر من مقال لاستعراضه كله، خصوصا أن الأسماء التي قدمت جهدا ملحوظا كثيرة جدا.. ولكن يبدو أهم ما في الإذاعة على الإطلاق.. المسئولية الوطنية والأخلاقية.. والهوية على أروع ما يكون!

كل عام والإذاعة وأهلها بكل خير.. وعقبال ألف عام تحمل للعالم صوت مصر وصيحة "هنا القاهرة"!
الجريدة الرسمية