رئيس التحرير
عصام كامل

تبعث الطمأنينة في النفس.. السبحة روحانيات ربانية (فيديو وصور)


"سبحة رمضان لولي ومرجان، بتلاتة وتلاتين حباية، منهم تلاتين، أيام رمضان نور وهداية، وتلاتة العيد ونقول ونعيد، ذِكر الرحمن آية بآية"، تلك الكلمات البسيطة كانت مطلعا لأغنية شهيرة كتب كلماتها الشاعر حسين طنطاوي في ستينات القرن الماضي ولحنها الموسيقار على إسماعيل.



صُممت خصيصا لتشدو حبا وتعلقا، قد يراه البعض نابع من دواخل النفس البشرية وصلتها بخالقها، أو ما تُعرف بـ "الروحانيات"، بالمسبحة أو "السبحة"، التي وإن كانت في الأيدي وتنساب بين هذه الأنامل أو تلك طوال العام، إلا أنها في شهر رمضان تحتل مرتبة أعلى بين العبادات التي خص بها الله شهر رمضان دون غيره.


وأصبحت صلاة التراويح أو التهجد لا تكلل بالرضا والراحة النفسية إلا إذا أحضر المُصلي سبحته ومرر أصابعه عليها 99 مرة، مستغفرا ومسبحا بحمد الله تعالى، فتتسلل بين الأصابع في مشهد يبعث الطمأنينة في النفس.


"أنا مبعرفش أنام إلا وفي أيدي السبحة الخشب بتاعتي، أستغفر ربنا وأحمده وأصلي على النبي لحد ما أروح في النوم"، بهذه الكلمات تتحدث السيدة سهير، إحدى المتعلقات روحانيا، كما تحب أن تقول، بالمسبحة الخشبية ذات الـ 99 حبة، والتي كانت قصة تعلقها الشديد بها تعود إلى مرض أصابها.


فلم تجد وسيطا خير من السبحة بينها وبين الله، باتت قرينها الدائم على مدار اليوم، لا تتوقف شفتيها عن الاستغفار والتسبيح والحمد لله على نعمه الكثيرة.


تطورت السبحة واتخذت ألوانا وأشكالا لا حصر لها، إلا أن السبحة الخشبية ظلت الأفضل بالنسبة لسهير وكثير ممن في مثل سنها، "أنا مبعتقدش في السبحة العداد اللي ظهرت جديد دي، مبحسش إنها ممكن تريحني لو سبحت ربنا من خلالها!".


وبالرغم من أن المسبحة لم تكن سنة عن النبي، الذي أكدت العديد من الروايات أنه كان يستخدم يده اليمنى في التسبيح والاستغفار، إلا أن السبحة لها جذور تاريخية قد تمتد لما قبل ظهور الدين الإسلامي، حيث يقدسها المسيحيين خاصة المسبحة ذات الـ 33 حبة، والتي يعتبرونها تتناسب مع العمر الذي مات فيه السيد المسيح.


بينما يتبارك المسلمون بالمسبحة ذات الـ 99 حبة تيمنا بعدد أسماء الله وتطورت على مر السنوات لتتحول من المسبحة العاجية المصنوعة من العاج أو مسبحة عظام الجمل أو ما تسمى باليسر والكوك، حتى ظهرت المسبحة الكهرمان التي يصل سعرها في بعض الأحيان إلى آلاف الجنيهات، لنصل في نهاية الأمر إلى تلك القطعة البلاستيكية الصغيرة ذات الحواف الجلدية الشفافة.


أو ما تسمى بـ "السبحة العداد"، والتي تتيح للمسبح استخدام الأرقام الظاهرة على شاشتها لتحديد عدد المرات التي وصل فيها بالتسبيح، كذلك المسبحة الإلكترونية، عن طريق تنزيلها عبر إحدى المتاجر الإلكترونية على الهاتف المحمول، ويمكن للفرد التسبيح خلالها.


لكن يظل للمسبحة الخشبية أو العاجية أو أيا ما كانت نوعيتها مكانتها التي تتفرد بها، ليس فقط بين كبار السن، لكن أيضا بين فئة الشباب فتنتشر بينهم ظاهرة ارتداء المسبحة وتطويق معصم اليد بها، قد يتبارك البعض بمرافقته له خلال يومه، أو حتى وإن كانت على سبيل مجاراة "الموضة".

الجريدة الرسمية