طرحه السيسي في القمة.. المشروع المصري هو الحل!
بعيدا عن طموحات الجماهير العربية في القمم العربية وآمالها فيها إلا أن ما يعنينا الآن هو الطرح المصري الذي تقدمه ربما الخامسة في اجتماعات القمة العربية منذ 2014 وحتى أمس.. وأي قراءة لكلمة الرئيس السيسي أمس ووسط كل هذه النيران المشتعلة على الأرض العربية ونزيف الدماء الذي لم يتوقف منذ سنوات فيها تطرح مصر برنامج إنقاذ ربما يتجاوز المتاح في الوقت الحالي..
الرئيس السيسي - ربما وحده - الذي لم يزل يعلق آمالا على وحدة العرب، وعلى قيامهم بأنفسهم بتأمين مصالحهم، والحفاظ على أمنهم القومي.. صحيح تضامن الرئيس مع السعودية والإمارات وهذا طبيعي، لكنه أيضا قال الآتي حرفيا لمن لم ينتبه لكلمته أمس:
"ينبغي تدعيم قدراتنا الذاتية على مواجهة التهديدات الإرهابية.. كما ينبغي التعامل مع جميع مصادر التهديد لأمن المنطقة".
ونضع خطوطا تحت جملة "جميع مصادر التهديد".. ثم قال الرئيس: "المقاربة الإستراتيجية المنشودة للأمن القومي العربي تقتضي التعامل بالتوازي مع جميع مصادر التهديد لأمن المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية، والمصدر الأول لعدم الاستقرار في المنطقة".
فلا يمكن أن يتحقق الاستقرار في المنطقة بدون الحل السلمي الشامل الذي يلبي الطموحات الفلسطينية المشروعة في الاستقلال وإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
لم يقل الرئيس إن القمة طارئة ومرتبطة بموضوعها الطارئ إنما أعاد التأكيد على أساس الأزمات كلها وهي القضية الفلسطينية ولم يترك المجال مفتوحا لتأويلات مطروحة من هنا وهناك، وصفقات محل حديث إنما تحدث صراحة مرة أخرى عن "دولة فلسطينية مستقلة".
ثم قال: "كما أنه لا معنى للحديث عن مقاربة إستراتيجية شاملة للأمن القومي العربي بدون تصور واضح لمعالجة الأزمات المستمرة في سوريا وليبيا واليمن، واستعادة وحدة هذه الدول وسيادتها وتحقيق طموحات شعوبها في الحرية والحياة الكريمة، في ظل دول موحدة ذات سيادة، وليست مرتهنة لإرادة وتدخلات وأطماع دول إقليمية أو خارجية أو أمراء الحرب والميليشيات الإرهابية والطائفية".
ليجدد الرغبة والأمل في إنهاء الصراعات الحالية مع ضمان وحدة هذه الدول الشقيقة وسيادتها وتطلعات شعوبها في حياة كريمة.. ثم أضاف: "قد اجتمعنا اليوم لنوجه رسالة تضامن لا لبس فيها مع الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ولنجدد عزمنا على بناء مقاربة إستراتيجية شاملة للأمن القومي العربي، تستعيد زمام المبادرة التاريخية للعرب وتتناسب مع حجم المخاطر والتحديات التي تواجه أمننا العربي في هذه المرحلة ومع طبيعة الآمال التي تعلقها الشعوب العربية على اجتماعنا".
الرئيس يتكلم عن تصور شامل للأمن القومي العربي! ولكافة المخاطر التي تهدده! ويعيد إلى الأذهان والأسماع مصطلحا كاد أن يختفي وهو "زمام المبادرة التاريخية للعرب"!! وربما ضرب الرئيس الرقم القياسي في ذكر لفظ "العرب" و"العربي" و"العربية" والرقم القياسي في ألفاظ "تحدث عن المستقبل".
كنت على الهواء مع الإعلامية المثقفة "لما جبريل" مذيعة إكسترا نيوز أثناء الاستعداد لانعقاد القمة وتقريبا توقعنا ما قيل في كلمة مصر.. وليس في الأمر قراءة للكف أو ضرب للودع.. إنما إدراك للوعي المصري واستقراء للمواقف المصرية واليقين ـ من بين أغلب المواقف ـ بصدق الموقف المصري وأخلاقياته.