الهويس!
كانت المرة الأولى التي تعرفت فيها على هذا الإنسان جميل الروح، راقي الفكر والقلم، عندما أطلق قصيدته الرائعة "عبروا الرجال"، التي أعتبرها من أجمل وأحلى القصائد القصيرة التي وصفت نصر أكتوبر العظيم..
حينها اتصلت به والتقينا لأول مرة، وشكرته على هذه الأبيات المبدعة، واكتشفت فيه في ذلك اليوم رجلًا خلوقًا ومثقفًا ووطنيًا حتى النخاع على المستوى الإنساني، ناهيك عن كونه شاعرًا موهوبًا متفردًا وملهمًا على المستوى المهنى..
ولأنه الوريث الشرعي لعرش المبدع المتميز عبد الرحمن الأبنودى (رحمه الله) فقد من الله عليه بحب الناس الجارف من جميع الأعمار والطبقات داخل مصر وخارجها، حتى أنهم لقبوه بهويس الشعر العربى، نظرًا لطريقته المتميزة الفريدة في الإلقاء التي تجمع بين العامية والفصحى..
وهو ما يجعلها تشبه التدفق الهادر الذي يهز ويشجي القلوب والعقول بمنتهى القوة واللين في آن واحد، ويحضرني هنا من روعاته الأبيات الأولى من قصيدته "في حب مصر" التي يقول فيها":
لا كنا نعرف (ألف)... ولا كنا نعرف (ب)
ولا شفنا عمرنا نور... غير لما قمرك جه
هذا فضلًا عن باقى أشهر إبداعاته التي طالما شكلت وعي ووجدان الناس في أوقات تاريخية في مصر والوطن العربى مثل: "التأشيرة"، و"أنا إخوان"، و"مشهد رأسي من ميدان التحرير"، و"مكملين"، و"جحا"، و"أباتشي"، وغيرها الكثير من القصائد مختلفة الأشكال والألوان التي تشبه شخصيته الصعيدية الأصيلة الشهمة المعجونة بتراب مصر الأبية.
ومما لا شك فيه أننا لم نستفد حتى الآن على المستوى الثقافي والتوعوي والتنويري الاستفادة المثلى من هذا الشاعر شديد التميز، وهو ما أرجو أن تتداركه جهات الاختصاص في الدولة خلال الفترة القادمة، لأنه يجب في مرحلة بناء الإنسان التي تم الإعلان عنها أن نحسن استغلال وتوظيف جميع مواهب ومهارات وقدرات كل نجومنا المبدعين الذين يشكلون سلاح قوتنا الناعمة على أكمل وجه، بصورة استراتيجية تحقق الهدف منها.
شاعرنا الموهوب الخلوق "هشام الجخ"، أكثر الله، جل وعلا، لبلادنا من أمثالك في كل ربوعها، ودمت مبدعًا ورائعًا كما عهدناك بإذن الله تعالى.