رئيس التحرير
عصام كامل

الفنان الجاهل!


لم يخرج "فريد شوقي" من لقائه بـ"جمال عبد الناصر" إلى بيته.. بل غادر مسرعا إلى مكتبه، فقد طلب منه رئيس البلاد أن يقدم عملا فنيا يجسد بطولة بورسعيد في مواجهة العدوان الثلاثي، وكيف انتصرت الإرادة على جبروت السلاح..


يروي "فريد شوقي" في مذكراته "ملك الترسو" عن اهتمامه وانشغاله بالموضوع، حتى أنه بعد أسابيع كان الفيلم في دور العرض، ومن إنتاج شركته "أفلام العهد الجديد"، جامعا أغلب نجوم مصر وبإنتاج تجاوز الـ30 ألفا بأسعار عامي ٥٦ - ٥٧!

لم يُعرف عن "فريد شوقي" حصوله على شهادات للدكتوراة أو الماجستير، ولم يزعم أنه فنان موسوعي لكن يكفيه أنه كان عند حسن ظن وطنه به!

كثيرون شاهدوا "أم كلثوم" في حوارها مع "سلوى حجازي" والأخيرة تسألها عن أجمل شيء رأته في باريس فقالت بلا تردد: "المسلة المصرية"!.. أما إن أردت الاستزادة عن ثقافة "أم كلثوم" فابحث عن حوارها مع وزير الأوقاف الدكتور "عبد العزيز كامل"، وكيف لعبت دور المذيعة لتدير حوارا متميزا مع عالم جليل ووزير أوقاف مصر في الستينيات!

هل تستمعون لإذاعة "ماسبيرو إف إم"؟ وهي تذيع أرقى وأكبر وأهم تراث إذاعي في العالم، وفيه حوارات مع نجوم الزمن الجميل كما يسميهم المصريون؟ نتحدى من يضبط فنانا جاهلا أو حتى متواضع الثقافة.. قد تسمع ونسمع تفاوتا في المستوى بينهم وبين بعضهم، وفرق انطلاق في التعبير لكنهم جميعهم رائعون يتحدثون بألسنة دبلوماسية، تحسب لكل حرف ألف حساب، لا يجرحون أحدا، لا تبدو منهم الغيرة على زملائهم لا يهينون أحدا بل كل "شياكة" ولياقة ممكنة!

وفي العصر الحديث قدم فنانون كثيرون أمثلة على الثقافة والوعي الوطني.. ليس فقط من كتاب الدراما مثل فتحية العسال، وأسامة أنور عكاشة، ومحفوظ عبد الرحمن، ومحسن زايد، وكرم النجار، وعاطف بشاي، ومحمد الغيطي، وعاصم الجنبلاطي، وغيرهم، ولا من مخرجيها مثل علي بدرخان، وشريف عرفة، ومحمد فاضل، وعاطف الطيب، وإنعام محمد علي، وإسماعيل عبد الحافظ، ومجدي أحمد علي، وغيرهم..

بل من فنانين لن يتسع المجال لذكرهم وعلي سبيل المثال حمدي أحمد ونور الشريف وعادل أمام ومحمود يس ومحمد صبحي ومحسنة توفيق ونبيل الحلفاوي وفردوس عبد الحميد وسامح الصريطى ورياض الخولي وطارق دسوقي وندا بسيوني ورانيا فريد شوقي وياسر علي ماهر وسيمون وجميل راتب وسيد عبد الكريم وممدوح عبد العليم وغيرهم وغيرهم..

الآن.. كثيرون رائعون.. لكن يفسد عليهم حالهم وأحوالهم أن تجد فنانة جاهلة تهين شعبا شقيقا، وتتسبب لوطنها في حرج بالغ أو فنانا يتحدث وفق أخلاقه وبيئته يتباهى بالسعي إلى الرذيلة ويهين شعوبا صديقة، ويتسبب لبلده في مشكلات ليس وقتها على الإطلاق، وغيرهما يبالغ في المطالب لأداء دور وطني، ومطربة تبالغ في حفل تعلم أن عائده لصندوق "تحيا مصر" تشرف عليه الإذاعة الوطنية..

فضلا عن طرق في التعبير عن الذات يعلو فيها حاجب وينزل آخر، وعند بعضهم الملافظ لا ولم تكن سعدا على الإطلاق!
الفنان الجاهل كارثة.. على زملائه وعلى وطنه وعلى نفسه قبل الكل.. ويستحق الملف التوقف عنده.. وسنتوقف!
الجريدة الرسمية