رمضانيات (4)
أيام قليلة ويجمع شهر رمضان الكريم، أوراقه استعدادا للرحيل، وقد مضى الشهر الفضيل نسيمًا على قلوب المؤمنين.. يمضى رمضان وكأنه ما كان.. إن الألم الملازم لفراق رمضان هو ذلك الفقد الذي نشعر به إزاء أجواء روحانية ربما يصعب وصفها بكلمات.
إنها تلك الساعة المحددة للإفطار والأخرى المحددة للسحور، وبين هذه وتلك ثمار الصيام الجميلة.. ومشاعر طالما رفرفت على البيوت الآمنة المطمئنة.. إننا قد نكتب كلمات «الخير والكرم والبركة والقرب من الله.. » وغير ذلك من الأوصاف والمعاني الفاضلة التي تلازم الشهر الكريم.. لكننا ربما نعجز عن توصيفها الحقيقي..
وكأن لكل صائم ذاب عشقا في حب شهر رمضان مستواه من السعادة الإيمانية به.. لكن تبقى «مدرسة الصوم» وأهدافها النبيلة لمن أراد أن يتخذ ما خرج به من رمضان منهجًا يدعم به سموه الروحي ويربي نفسه على الفضائل العليا..
فلنحيا الحياة إذن بإدراك العدو الحقيقي للإنسان، ذلك الشيطان الذي ينزغ للوقيعة بين بني الإنسان، وقد صدق الله العظيم إذ يقول: «وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا» سورة الإسراء آية 53، فلنترك الخلافات، ونعيد فتح صفحات جديدة لحياة خالية من الخلافات
إن الانتصار على نوازع الشر في النفس وتطبيق التسامح والرضا والتجاوز عن عثرات الغير والتماس العذر له هو في حد ذاته أقوى درجات الصحة النفسية، فلننشر التسامح والاحترام لقيمة الإنسانية في البيوت والشوارع وأماكن العمل.. فنحن في النهاية ضيوف على دنيا قليلة أيامها وزائل ما عليها.. والله من وراء القصد.