رئيس التحرير
عصام كامل

مختار نوح خبير "التيارات الإسلامية": لا يوجد شىء اسمه "مراجعات الإخوان" وإنما "توبة" الجماعة



من يحملون المشروع الإسلامي هم في الحقيقة لا يحملون إلا المشروع الصهيونى
الخلافات بين الإخوان والسلفيين لن تنتهى

أزمة الإخوان في الستينيات كانت مع النظام أما الآن فالأزمة مع الشعب الرافض لهم
الجماعة أصابها الياس وتعانى الانقسام وستنتهى خلال الـ5 سنوات القادمة
حجم التبادل الاقتصادى بين إسرائيل وتركيا في مجال الأسلحة تجاوز الـ30 مليار دولار سنويا
صدور قرار باعتبار الإخوان جماعة إرهابية مرهون بمكاسب أمريكا من القرار



هو أحد القيادات القديمة بجماعة الإخوان، وانشق عنهم عندما اكتشف أن ما يروجون له من مشروع إسلامى ما هو إلا المشروع الصهيونى في حقيقته، إنه القيادى السابق بالجماعة والخبير في شئون التيارات الإسلامية مختار نوح الذي كشف في حوار لـ"فيتو" العديد من الأسرار عن منهج وفكر جماعة الإرهاب، فقال إن مصر واجهت بعد ثورة 30 يونيو ثلاثة معوقات اقتصادية واجتماعية ويأس الإخوان، ونجح السيسي في تحدى اجتياز المعوق الاقتصادى بالتفكير خارج الصندوق، أما ياس الإخوان فوصل بهم إلى الانقسامات وسيتلاشى اثرهم كما يتلاشى الجليد خلال 5 أعوام، وأكد أن أزمة الإخوان حاليا أشد من أزمتهم في الستينيات، لأنه في الماضى كان عبد الناصر يملك مفتاح كل شىء، وكانت أزمتهم في السجون، أما الآن فأزمتهم في الرفض الشعبى لوجودهم، وانكشاف أفكارهم التكفيرية ومخططهم لهدم الدولة، وأضاف: لا يوجد شىء اسمه المشروع الإسلامي، وإنما يوجد شىء اسمه شعار إسلامى لا يعملون به، ومشروعهم هو مشروع الصهيونية، وبالتالى استخدم الإخوان مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، لإعطاء مشروعية لأعمالها الإرهابية ومنها الكذب والقتل.. وإلى نص الحوار:

** في البداية كيف تقرأ لنا المشهد السياسي بعد 30 يونيو وماذا تحقق من أهدافها؟
* يجب أن ندرك من البداية أنه بعد 30 يونيو كانت هناك أزمة وهى أزمة القاع، وكيفية صعود النظام السياسي منه للقمة مرة أخرى، وهو الأمر الذي جعل لزاما على القيادة السياسية أن تقوم باختصار المعوقات من داخل النظام، خاصة وأن كل ثورة يعقبها آثار، منها ما يتخيله البعض بضرورة حصوله على مكاسب منها، ومن هنا ظهرت بعد 30 يونيو ثلاث معوقات هي المعوق الاقتصادى والمعوق الاجتماعى ومعوق خارجى وهو الإخوان، هذه المعوقات كانت أمام الثورة تعوق خطوات سيرها، وكأنها تسير فوق الأشواك، وهنا لابد أن نؤكد أن الرئيس السيسي نجح في اختراق المعوق الأول بالتفكير خارج الصندوق، بإقامة المشروعات التي تعود بفوائد تساهم في سداد الديون، رغم أن الاقتصاديين كانوا يخالفونه في ذلك، ويقولون إن الدين الخارجى يلتهم 50% من الدخل القومى، وتصارعت الرؤيتان، وانتصر السيسي بزيادة الدخل القومى، لدرجة أن قناة السويس الجديدة ستسدد تكاليفها خلال 5 سنوات، ثم كانت الخطوة الثانية للتغلب على المعوق الاقتصادى بتعويم الجنيه، وأعقبه تطبيق العدالة بأن يكون الدعم لمستحقيه فقط، وعمل معاش السيسي وزيادة دعم السلع التموينية، ونجاح سياسة السيسي في مواجهة هذا المعوق جعل بعض العوام في لبنان يطالبون بأخذ نفس خطوات مصر للإصلاح الاقتصادى، أما المعوق الثانى فكان قسمة التورتة، وأن كل من ساهم في الثورة كان ينتظر نصيبه منها، ويعتبر أن الثورة مدينة له كما حدث في ثورة يوليو 1952، وبالتالى هؤلاء ممن يسمون وارثى الكعكة، ومثلوا عقبة ومعوقا أكبر وأخطر من المعوق الاقتصادى، وتم أيضا تحقيق نجاح كبير في هذا المعوق، ثم كان المعوق الثالث وهم الإخوان الذين أصابهم اليأس بعد 30 يونيو، وفقدوا الأمل في العودة للحكم، وبدءوا التصرف بعصبية وعدم معقولية، لدرجة أنهم يئسوا من حمل السلاح، ووصلوا إلى درجة العمالة للخارج، وهذا يعجل بنهايتهم خلال 5 سنوات، بعد أن دب الانقسام والخلافات بينهم، بدليل التراشق الذي وقع في تركيا مؤخرا، بين محمود حسين وعصام تليمة بسبب قناة مكملين، وبالتالى الإخوان لم يعد لديهم إلا الشكاوى لتركيا والتحريض ضد مصر، بعد أن كانوا يطمعون في الاستيلاء على السودان، وتمكين وضعهم في قطر، لكن القاعدة الأمريكية هناك تشكل عقبة أمامهم في وجود غرباء على الأراضي القطرية، ويقصد بهم الإخوان الذين ستاتى نهايتهم خلال السنوات الخمس القادمة.


** وهل تعتقد أن الأزمة التي يمر بها الإخوان الآن أشد ضراوة من أزمة الستينيات؟
* بالتاكيد، ففى الستينيات كانت أزمتهم مجرد سجن وإقصاء عن الحياة دون أن تحدث لهم مقاومة شعبية، وكانت أزمتهم مع الحكومة فقط، وكان المفتاح بيد عبد الناصر، وعندما جاء السادات كان القرار بيده، أما المفتاح الآن فليس بيد السيسي، وإنما هناك رفض شعبى، وهو أشد قسوة على الإخوان، باعتبار أن الشعب هو صانع للساتر الحديدى الذي يمنعهم من الوجود، وهذه العقبة كانت أكبر وأشد من عقبة عبد الناصر الذي كان يخاطب الجماهير، ويكشف الإخوان، لدرجة أن الباقورى وأحمد كمال أبو المجد كانا على صمت مريب، ولا يملكون الشجاعة لمواجهة سيد قطب والبنا، أما الآن فهناك جيش يهاجم هذا الفكر، وهناك كتب تتحدث عن جرائم الإخوان. 


** هل فشل الإخوان المتلاحق كان السبب في اللجوء إلى سلاح الشائعات وترويج الأكاذيب ضد مصر؟
* يجب أن ندرك أولا أن الشائعات والسوشيال ميديا وفيس بوك وشراء بعص الصحف العالمية، كلها أدوات لإستراتيجية الإخوان لإضعاف الهمة وتحقيق هدف واحد، وهو القضاء على تماسك الجبهة الداخلية، وهز ثقتها في القيادة السياسية، ويندرج تحت هذه الإستراتيجية عدة تصرفات، منها بث الشائعات وتحقير الإنجازات، وتحريض الدول الخارجية، وهذا كله نتيجة حالة الاختناق التي تمر بها الجماعة من فشل إلى فشل، بل إن سلاح الشائعات فشل أيضا.

** إذن كيف نواجه الفكر المتطرف من وجهة نظرك؟
* هنا لابد أن نشير إلى أن الشعب يواجه هذا الأمر وحده، من خلال بعض رجال الأزهر وليس كمؤسسة لمواجهة هذا الفكر المتطرف، وهناك أشخاص آخرون ممن انشقوا عن هذه الجماعة، أمثال أحمد ربيع وثروت الخرباوى وإبراهيم ربيع الذين يمكنهم فضائح أفكارهم المدمرة، بل هؤلاء أصبحوا يمثلون عقبة في عودة الإخوان، لأنهم يحاربونهم فكريا، وكل منهم له مريدون ومؤلفات، وهناك الإعلاميون الذي يجب أن يكون دورهم مدعما بالحقائق، بعيدا عن الصياح الذي يزيد التعاطف معهم. 


** البعض يرى أن هناك مشكلات مستعصية في الفكر الإسلامي فما هي من وجهة نظرك؟
* مشكلات الفكر الإسلامي عديدة، ويأـتى على رأسها تكفير المجتمع، وهى فكرة لدى حسن البنا كانت غير سافرة إلا أنها كانت سافرة وواضحة لدى سيد قطب الذي لعب دورا رئيسيا في نشر الفكر التكفيرى، بالإضافة إلى ذلك مبدأ التقية وهى ميكافيلية تقوم على أن الغاية تبرر الوسيلة، وهذه عرفها الإخوان قبل ميكافيللى، فهم وضعوا القواعد الشرعية والدينية لهذه المقولة، فأصبحت لدى الإخوان عبادة وجهادا، وهذه النظرية كان ميكافيللى يقصد بها حماية المجتمع من خلال الغاية النبيلة، بأن يكون هناك تجسس على عصابة مثلا لخطف الأطفال حتى يمكن القضاء عليهم، في حين أن الإخوان قالوا إن الغاية التي نراها كتنظيم تبرر أي وسيلة نلجأ إليها، ولم يجعلوا المصلحة العليا هي المبتغى، وإنما مصلحة التنظيم هي الهدف، فمثلا نجدهم يلغون الانتخابات بعد نجاحهم، ويعيشون على رقاب الشعوب قهرا، ومثال ذلك في تركيا بعد نجاحهم ألغوا الانتخابات، وكذلك في غزة، وفى مصر ألغوا الدستور بعد نجاحهم، وهذه كلها وسائل غير مشروعة، لكنها في ظنهم تبرر الغايات لحماية التنظيم وليس حماية المجتمع، بل إنهم أباحوا الكذب لأفرادهم باعتباره أحد وسائل التبرير.


** كثيرون يرون أن المشروع الإسلامي انتهى لغير راجعه هل تتفق مع هذا الراى ولماذا؟
* أولا لا يوجد شىء اسمه مشروع، ولكن كان هناك شعار إسلامي ولكنه سقط حينما عمل الذين يرفعونه بغيره، وأنا شخصيا أحد الذين صدموا في هذا، ففى الوقت الذي رفع فيه الإخوان راية العداء لأمريكا، كانوا يهتفون لها في اعتصامى رابعة والنهضة، وفى الوقت الذي انشقت فيه حماس في غزة بزعم إعلان الجهاد على إسرائيل، نجد أنهم وقعوا معاهدة صداقة مع إسرائيل وعدم الاعتداء وفى الوقت الذي تبعث فيه تركيا في كل مناسبة بإعانة لشعب غزة بقوافل بحرية نجد أنها هي التي تضرب شعب غزة بالاتفاق مع إسرائيل، وتنظم عمليات عسكرية، مع الجيش الإسرائيلى، بل إن حجم التبادل الاقتصادى بينها وبين إسرائيل في مجال الأسلحة وصل لأكثر من 30 مليار دولار سنويا.. إذن من يحملون المشروع الإسلامي هم في الحقيقة لا يحملون إلا المشروع الصهيونى، والدليل على هذا هو الاعتذار الذي قدمته داعش وجبهة النصرة لإسرائيل عندما سقط صاروخ بالخطأ على الجولان، لأنهم في الحقيقة لا يستطيعون جميعا إرسال صاروخ جاد على إسرائيل، ثم إن الذين يمولونهم يحملون المشروع الأمريكى، وعلى أرضهم أقيمت أكبر قاعدة أمريكية فماذا تبقى من المشروع الإسلامي بعد هذه العمالة؟
الحقيقة أن المشروع موجود داخل الشعب المصرى والعربى، وفى باكستان والهند لكن دون إعلان، وذلك من خلال السلوك، ومن هنا فان المشروع الإسلامي مشروع سلوك للفرد فقط، أما في الحكم فتلك بدعة ابتدعها حسن البنا. 


** لماذا يعود الإرهاب يضرب مصر مع كل مناسبة دينية أو احتفالات وطنية أو الأعياد؟
* هذا الكلام صحيح، لكن لابد أن نعرف أن الإرهاب لن ينتهى كظاهرة، لأن المجتمع المصرى به العديد من الأمراض الموروثة من أيام السادات ومبارك، ومنها غياب المشروع القومى الذي يلتف حوله الناس، لدرجة أن فرص العمل تكون موجودة للبعض، ولا يريد العمل في المشروعات الجديدة التي تحتاج لعمالة فنية، والأدهى من ذلك أن الاعتماد أصبح على عمل المرأة أكثر من عمل الرجل، وبالتالى هذا الفراغ والأمراض التي استحدثت جعلت الرجل حاد الطبع، ولو أضفنا غياب المشروع القومى لاستيعاب هؤلاء، فضلا عن غياب مبادئ التربية الوطنية نجد أن ظاهرة الإرهاب تنتشر بين الشباب، أما ظاهرة الإرهاب بمعناها الضيق فإن الإخوان لن تقبل أن تدفن سريعا، وإنما تصارع عن طريق الذئاب المنفردة هي وتنظيم داعش الذي لقي هزيمة كبرى في العديد من الدول، لأنها كانت وسيلة وأداة استخدمت مثل مناديل اليد والآن ألقى بها.

** هل ترى ضرورة إجراء مراجعات لعناصر الإخوان في السجون؟
* لا يوجد شىء اسمه مراجعات، وإنما يوجد شىء اسمه توبة، وإبلاغ عن الجرائم التي ارتكبها قبل القبض عليه، أما في السجون فإن التجاوب معها سيكون بهدف الخروج، ولعل إقرارات التوبة في السجون هي مجرد التماسات، ومع ذلك يمكن أن تكون محاولة ناجحة في حالة كشف الجرائم التي لم يتم اكتشافها، والتي يخطط لها مستقبلا ليكون شاهد ملك.

** من وجهة نظرك هل تعتقد أن أحكام الإعدام الصادرة بحق الجماعة ستنفذ؟
* نعم وما الذي يمنع، فقد تم تنفيذ بعضها، وبالتالى محكمة النقض في قضية المستشار هشام بركات ألغت نحو 20 حكما، وأيدت 9 وتم تنفيذها، ومن هنا طالما انتهت إجراءات التقاضى كاملة وأصبحت الأحكام نهائية فلا يوجد مانع لتنفيذها. 


** كيف يمكن أن نفرق بين التجاره بالدين والمسلم السياسي؟
* أولا يوجد مسلم يمارس السياسة، ولا يوجد شىء اسمه المسلم السياسي، كما لا يوجد شىء اسمه إسلام سياسي، أما الاتجار بالدين فأصحاب هذا الأمر يقومون بلصق الإسلام بأهداف خاصة مثل الجمعيات الخيرية أو جمع التبرعات والنصب على المواطنين وغيرها من الوسائل التي يلجا إليها البعض تحت ستار الدين. 


**هل فعلا مبارك كان أحد أسباب قوة التنظيم الخاص للإخوان؟
*هذا الكلام صحيح فعلا، فمبارك كان لديه اتفاقية غير مكتوبة مع الإخوان، وكان الأمن يقوم بتنفيذها، بحيث تصدر أحكام بسيطة ضدهم، وعندما يغضب منهم يتم التضييق عليهم، وهذا أعطى التنظيم شعورا بأهميته وقوته.


** اشتعلت الحرب بين الإخوان والسلفيين مؤخرا بعد وصف وجدى غنيم للسلفيين بالمرتزقة فهل هذا بداية لمرحلة جديدة من الصراع ؟
* الصراع بين الإخوان والسلفيين موجود منذ فترة طويلة، وكان يظهر على مراحل، وكان موجودا أيام المعزول مرسي، ولكن عندما جاءت إليه تعليمات من أمريكا باحتواء السلفيين والجماعة الإسلامية توقف الصراع مؤقتا، لدرجة أن كل جماعة كانت تطرد الجماعة الأخرى من المساجد التابعة لها، وبالتالى هجوم وجدى غنيم كشف حقائق، وهى أن الخلافات بين الإخوان والسلفيين لن تنتهى.


** أخيرا هل تتوقع صدور قرار دولى باعتبار الإخوان جماعة إرهابية؟
* صدور قرار من جانب المجتمع الدولى باعتبار الإخوان جماعة إرهابية أمر تتحكم فيه الولايات المتحدة الأمريكية وفقا لمصالحها والمكاسب التي ستحصل عليها، وفى حال قيام قطر وتركيا بدفع أموال لن يصدر قرار باعتبارها جماعة إرهابية، فضلا عن أن الأمريكان يجيدون استخدام الإخوان، فالمحرك الأساسي للسياسة الأمريكية هو مصالحها، وحجم المكاسب المالية التي ستحصل عليها، وبالتالى العملية تحكمها المصالح الاقتصادية وليست الأمنية وجماعة الإخوان تمر بأزمات عديدة حاليا، خاصة وأن الحملات ضدها استنزفتها ماديا ونفسيا، وبالتالى هناك تحرك كبير من جانب الجماعة والداعمين لها لمنع تصنيفها كجماعة إرهابية حتى لا تكون النهاية بالنسبة لهم.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ"فيتو"
الجريدة الرسمية