رئيس التحرير
عصام كامل

سيناريوهات إنقاذ «البورصة».. الحكومة تجتمع مع خبراء سوق المال للاتفاق على خطة التحرك.. «مدبولي» يؤكد: القيادة السياسية مهتمة.. وخبراء يكشفون الأسباب وطرق العودة من جديد


في خطوة جادة لإنهاء الأزمات التي تعاني منها، أو العمل على السيطرة على المشكلات الحالية، عقد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعا لبحث سبل وآليات تنشيط سوق الأوراق المالية لتستمر في القيام بدورها كداعم لخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وذلك بحضور الدكتور محمد معيط، وزير المالية، وهشام توفيق، وزير قطاع الأعمال العام، وأحمد كوجك، نائب وزير المالية، ومحمد فريد، رئيس البورصة المصرية، ونائب رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، ورئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية.


العقبات
وتناول الاجتماع آخر المستجدات والتطورات التي طرأت على أداء البورصة المصرية، وبحث مدى إمكانية تذليل العقبات التي تحول دون تنمية سوق الأوراق المالية، إذ أبدت كل الأطراف الحكومية التي حضرت الاجتماع مرونة كبيرة في دعم أسواق المال، كما تم التشاور حول كيفية زيادة كفاءة سوق المال، من خلال تخفيض تكلفة المعاملات، وكذلك العمل على تسريع وتيرة برنامج توسيع قاعدة ملكية الشركات الحكومية عبر البورصة «برنامج الطروحات الحكومية».

كما تم استعراض مشروع قانون ينظم تنفيذ أحكام بطلان بيع عدد من الشركات الحكومية، والذي تمت الموافقة عليه في البرلمان مؤخرا، وهو الأمر الذي سيسهم في تسريع وتيرة تسوية منازعات عدد من الشركات الحكومية العائدة إلى الدولة والمقيدة في البورصة، في إطار قانوني يحمي حق الدولة ويحفظ حق المستثمر الجاد.

استقرار سوق العمل
ومن جهته أكد رئيس الحكومة، أن هذا اللقاء يعكس ويؤكد اهتمام القيادة السياسية والحكومة بسوق رأس المال والهيئات العاملة به، بما يساهم في دفع العمل بها وتأدية دورها بما يحقق استقرار سوق المال، والوصول إلى معدلات التداول المطلوبة.

وتعقيبًا على الاجتماع الحكومي، قال محمد سعيد، خبير أسواق المال: الحكومة مطالبة بشدة بتحسين مناخ الأعمال لدى القطاع الخاص، والبنك المركزي هو الآخر مطالب باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز النمو وتحسين شهية الاستثمار، أما إدارة البورصة فيجب عليها العمل على تذليل معوقات التداول في البورصة وفي مقدمتها تكاليف التداول المتزايدة التي تضع البورصة المصرية واحدة من أكثر البورصات المنطقة في تكلفة التداول وإيقاف نزيف الشركات المشطوبة اختياريًا بعد الاستحواذ بما يحرم السوق من بعض أوراقه وأدواته الاستثمارية المتاحة.

الجهات الرقابية
وأضاف أنه «وفيما يتعلق بالجهة الرقابية، المتمثلة في الهيئة العامة للرقابة المالية، فإنها مطالبة بالسعى قدمًا نحو مزيد من الشفافية في سوق المال وقدرًا أكبر من التجاوب مع الأوراق المكدسة في أدراج الهيئة منعًا لتكرار واقعة عرض استحواذ جلوبال تيليكوم الذي ظل حبيس الأدراج لستة أشهر قبل أن يتم سحبه وينخفض السهم بنسبة 60% من قيمته بعد ذلك»، مشددًا على أن السوق بحاجة شديدة للسيولة قبل التفكير في توقيت عودته مرة أخرى إلى الصعود، وهذه السيولة بحاجة لإقناع المستثمرين الذين يمتلكونها بجدوى استثمارهم في السوق المال المصرية والكل مسئول في نطاق اختصاصه.

العوامل السلبية
وتابع: مشكلة البورصة الأخيرة يمكن اختصارها بالقول إن «العوامل السلبية كافة اجتمعت ضد سوق المال المصرية لتدفعها للهبوط فكانت النتيجة الهبوط المتواصل والذي زادت حدته في الجلسات الأخيرة لتتجه الأسهم لتحقيق مستويات قياسية في الهبوط، ومن المستحيل أن تتحرك الأسواق صعودًا بشكل مستقيم، والطبيعى في سلوك أسواق المال أن تسلك من وقت لآخر حركة تصحيحية داخل ذلك الاتجاه الصاعد والسوق المصرية تواجه تلك المصاعب على مدار عام كامل خسر فيها مؤشرها الرئيسي 35% من قيمته وخسر رأس المال السوقي للأسهم المقيدة بالبورصة نسبة تقترب من ذلك وصلت إلى 32% من قيمتها.

ورغم محاولة السوق الصعود منذ ديسمبر من العام الماضى إلا أن هذه المحاولة أجهضت تمامًا وعاد السوق لتحقيق مستويات قياسية متدنية، وأكمل: رغم أن الانخفاضات التصحيحية في أسواق المال الصاعدة عادة ما تكون لأسباب سيكولوجية وليس من الضروري بأى حال من الأحوال وجود أي أسباب أساسية لتبريره داخل الاتجاه الصاعد، إلا أن حركة السوق المصرية صاحبتها العديد من العوامل التي ربما تكون سببًا من أسباب تعميق جراحة وزيادة الحركة التصحيحية بشكل كبر كثيرًا من المتوسط أو المدى المرتقب لمثل هذه الحركة.

وعن طبيعة هذه العوامل قال سعيد: تتنوع بين عوامل داخلية يمكن العمل على إصلاح بعضها داخل السوق وهو ما يتطلب جهدًا مركزًا من الجهة الإدارية بسوق المال ومن خلفها الجهة الرقابية في هيئة الرقابة المالية، وعوامل داخلية ولكنها خارج نطاق سوق المال ويسأل عنها البنك المركزي والحكومة بمختلف وزاراتها وخاصة المجموعة الاقتصادية، وعوامل خارجية يتأثر بها السوق المصري تتنوع بين عوامل ذات طبيعة اقتصادية، وبين توترات سياسية تترك قدرًا كبيرًا من عدم اليقين لدى المستثمرين وتسبب عزوفهم بل ونفورهم من سوق المال.

كما لفت الانتباه إلى أن الأسواق الناشئة واجهت حالة من الهروب الجماعى للأسواق الناشئة منذ الربع الثانى من عام 2018 في ظل إقدام الفيدرالى الأمريكى على رفع الفائدة على عملته الأولى في العالم بشكل متواصل مما تسبب في انهيار بعض الأسواق الناشئة بشكل كبير، كما ساهمت معدلات التضخم المتزايدة التي أوقفت البنك المركزى المصري عن الاستمرار في المزيد من التيسير لسياسته النقدية ما أفقد سوق المال بعضًا من الزخم الذي كانت تستفيد به في تعزيز اتجاهها الصاعد.

كما أن تعثر برنامج الطروحات بعد أن عانى من تباطؤ شديد في المضي فيه في بدايته تسبب في صرف نظر مترقبي البرنامج عن السوق المصري لعدم جدية الطرح خاصة بعد أن لجأ القائمون على البرنامج لحيلة طرح أسهم زيادة رأس مال شركات مدرجة أصلًا بالبورصة ومتداولة بها».

وأردف: كذلك سلوك المؤسسات الذي تغير بشكل واضح خلال السنوات الأخيرة في البورصة المصرية كان له دور كبير في زيادة حدة التقلبات السعرية بالبورصة المصرية، فمن ناحية فقد تغيرت إستراتيجية المؤسسات في انتقاء الأسهم وتحولت نسبيًا نحو أسهم تميل للمضاربة عوضًا عن نسبة من محافظة كانت تتوجه للأسهم ذات الأداء المالي المتميز ومن ناحية أخرى تغير أيضًا سلوك المؤسسات في تداول أسهمها فقد حدث قصر شديد في المدى الزمنى للاستثمار.

وأصبح أقرب للاستثمار قصير الأجل بل إنه يصل أحيانا لحد المضاربة. ولعل السبب في ذلك هو تحول واضح في مؤهلات القائمين على إدارة هذه الاستثمارات مع غلبة التحليل الفني خلال السنوات الأخيرة، والمؤسسات بهذا التحول الدراماتيكي في سياساتها الاستثمارية وفي التداول تجرد السوق من أحد أهم أعمدته الأساسية التي تعزز عمق السوق وتؤكد على استقراره وتتركه عرضة للتقلبات.

موقف الدولة
من جانبه تساءل سعيد الفقى، خبير أسواق المال عن "موقف الدولة من البورصة ومدى اهتمامها بهذه المنظومة، مع العلم أن الاستثمار غير المباشر يعد من أسرع ادوات النمو، ولماذا البيروقراطية في تنفيذ الصفقات والخوف من تحمل مسئولية القرار مثل صفقة جلوبال، ولماذا لم يتم تفعيل آليات جديدة، ولماذا التأخر مرات عديدة في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية وكل الظروف كانت مهيأة لذلك؟!".

وقال: لا بد من نظرة اهتمام وتوجيه رئاسي وحكومى لإصلاح المنظومة قبل فوات الأوان، فالبورصة المصرية تمر بفترة عصيبة يكاد يكون تأثيرها أقوى من الأزمة الاقتصادية العالمية أو ثورة يناير 2011، متسائلا.. لماذا وما أسباب هذا التراجع فالمؤشر الرئيسي قرب 14000 نقطة إذا ليس هناك مشكلة بل العكس المشكلة أولا فيما هو عليه المؤشر لأنه يعطي انطباعا وهميا، وهو ثبات التجاري الدولي والذي يمثل ما يقرب من 40% من الوزن النسبي للمؤشر وانخفاض غالبية الأسهم ما يقرب من 50 و60% وبالتالي انخفاض محافظ المستثمرين أكثر من 50% خلال هذا العام وهذا الانخفاض لمن يستثمر في نطاق أمواله.

وأضاف أن «من يتعامل بالشراء الهامشي خسارته وصلت 80% من المسئول، حيث وصل عدد الشركات المقيدة من ١٢٥٠ شركة إلى نحو ٢٥٠ شركة... ومنها ٧٠ بالمائة غير حرة التداول.، كما وصل عدد العملاء نزل من ٣.٤ مليون في ٢٠٠٨.. اليوم عدد المتعاملين على المستوى اليومي لا يتجاوز ٣ آلاف وأكثر من ١٥٠ شركة أقل من سعر الاكتتاب قبل عشرة سنوات رغم التخفيض الكبير بسعر الصرف، هذا إضافة إلى أن عشرات الشركات تحت قيمتها الاسمية التأسيسية منها شركات عمرها أكثر من خمسين عاما، ورغم التغير الكبير بسعر الصرف والتضخم وارتفاع قيمة أصول تلك الشركات عدة مرات».

"نقلا عن العدد الورقي..
الجريدة الرسمية